رياض مزور.. الصمت على جريمة المضاربة!

في الحالات العادية قد يتابع المواطن بتهمة عدم التبليغ عن جريمة، بغض النظر عن حجمها وعدد المتضررين منها، لكن السياسة بالمغرب تصنع الاستثناءات، ومنها أن وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، يصرح بعلمه بلائحة المستفيدين من دعم الاستيراد لتخفيض أسعار اللحوم، دون أن يكشف الأسماء أو أن يواكب ذلك بأي إجراءات تحمي جيوب المغاربة، وهو ما يعني التستر عن “جريمة” ترتكب بحق الملايين.
وأصر رياض مزور، في حوار مؤخرا مع الزملاء في “صوت المغرب”، على أن 18 شخصا استفادوا من هوامش مضاعفة فيما يتعلق بدعم استيراد الأغنام والأبقار، مؤكدا تصريحات أمينه العام في الحزب، نزار بركة، الذي أكد أن مستوردين حصلوا على 13 مليار سنتيم على حساب المغاربة، غير أن الوزير لم يجد أي وصفة لمحاسبة المستفيدين من الأرباح غير الأخلاقية سوى تكرار عبارات بركة الناصحة “اتقوا الله”.
في الحوار نفسه، يضيف مزور “اليوم قلنا الأرقام غدا نقول الأسماء”، والسؤال هو ما الذي يمنع الوزير الاستقلالي من كشف الأسماء التي وظفت المال العام لصالحها؟، وإلى من يحاول مزور توجيه رسائله المشفرة؟ وما المقابل “السياسي” والعائد “الحزبي” من التستر عن فئة ريعية أثقلت على المغاربة وحولت أموال الدعم إلى جيوبها؟
الوزير الذي لا يجد حرجا من تأكيد أنه المسؤول الأول المعني بجشع المضاربين والسماسرة وتجار الأزمة، باعتباره المشرف على سلاسل التوزيع، لا يرى مانعا من توجيه دفة النقاش حول الأدوار السياسية، في حين أن الأمر يستوجب المتابعة القضائية في حق المتورطين، لأنه يخص المال العام بدل خطة “التقلاز من تحت الجلباب” التي ينهجها الوزير وحزبه.
مزور، الذي يعلم بالمتورطين في نهب دعم عمومي، بدا مرتبكا وهو يدافع عن عدم اللجوء إلى إحالة الموضوع، على الأقل، لمجلس المنافسة، ثم يستدرك بأن هذا المجلس يمتلك صلاحية الإحالة الذاتية. غير أن الأفدح من كل هذا أن الوزير يعود لتبييض وجه المستفيدين من دعم الاستيراد قائلا: “الناس ما غلطوش ما عندهمش احتكار”، مانحا إياهم صك البراءة، ثم يُصر بالمقابل على التوظيف السياسي للموضوع في محاولة لرفع الأسهم الانتخابية لـ”الميزان” الذي اختلت كفتاه.