اقتصاد

هل تضرب أحداث “جيل زد” السياحة المغربية في مقتل؟  

هل تضرب أحداث “جيل زد” السياحة المغربية في مقتل؟  

إذا كان المثل الاقتصادي الشهير يصف رأس المال بالجبان، فالقطاع السياحي لا يقل عنه استحقاقا للتوصيف، ما يثير مخاوف من أن تصيب الاحتجاجات الأخيرة، ولا سيما أعمال العنف والتخريب التي عرفها المغرب منذ نحو أسبوع، القطاع السياحي في مقتل، بعد كل الجهود التي بُذلت للارتقاء به والمكانة البارزة التي بات يحتلها في المنظومة الاقتصادية الوطنية.

وإذا كانت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، في تصريح حديث لها لوسائل إعلام وطنية قد قللت من التأثير الفعلي للأحداث المذكورة على القطاع السياحي في الوقت الراهن، إلا أنها ركزت في تحليلها على كون الشركاء السياحيين للمغرب “يدركون أن المظاهرات ممارسة طبيعية في أي بلد ديمقراطي”.

المشكلة هي أن ما جرى بالمغرب، ولا سيما “الصُوَر” التي تروج على مواقع التواصل الاجتماعي المغربية، لا توثق مظاهرات سلمية فحسب، بل مشاهد عنف أبطالها القوات العمومية من جهة ومن جهة أخرى بعض المخربين المحسوبين على “جيل زد”.

ذلك ما يسلط عليه الضوء الخبير في القطاع السياحي، الزبير بوحوت، الذي حذر كثيرا من “الاستهانة بمفعول الصورة”، قائلاً إن هذه الأخيرة سواء كانت توثق مظاهرات سلمية أو أعمال شغب أو أي تصرفات عنيفة فلابد من أنها تؤثر على ازدهار القطاع السياحي، و”هذه حقيقة لا تقتصر على الحالة المغربية”.

بوحوت في تحليله الذي خص به جريدة “مدار 21” قدم أرقاماً حول تجارب مشابهة بالمغرب وفي الخارج؛ ضاربا المثل باحتجاجات 2011؛ “خلال احتجاجات 20 فبراير 2011، انخفضت ليالي المبيت بالمغرب بنسبة 6 بالمئة في عام 2011 مقارنةً بعام 2010”. مضيفا؛ “هذا علماً بأن الخطاب الملكي لـ9 مارس من نفس السنة، والذي جاء بعد أقل من 20 يوما قد نجح في تهدئة الأوضاع آنذاك”.

أما بالخارج، فأحال بوحوت على أزمة حركة “السترات الصفراء” بفرنسا، والتي سببت ضررا لنسب نمو السياحة الفرنسية، إذ ارتفع عدد الوافدين بنسبة 8.31 في المئة في عام 2017 مقارنةً بعام 2016، ثم بنسبة 2.88 في المئة فقط في عام 2018 مقارنةً بعام 2017، و1.6 في المئة في عام 2019، مما يبرز التأثير طويل المدى لأعمال الشغب والعنف والاحتجاجات على القطاع السياحي.

وحذر بوحوت من سوء التعامل مع الصور أو الفيديوهات بوجهين؛ “ينبغي ألا نسقط لا في التضخيم ولا الاستهتار؛ فالسائح، بما في ذلك السائح الداخلي، أو أي مواطن عادي يقطن في مدينة ما، ويريد خوض جولة في أحد مناطقها، حين تصله أنباء عن تدهور الوضع الأمني هناك سيمتنع، وهذا سلوك طبيعي في الإنسان”.

وتابع بأن الخطير هو الاستهتار بتأثير الصورة، “المؤسف أن بعض المسؤولين الذين يفترض أن يكونوا واعين بهذه التحديات أنفسهم لا يراعون هذه المخاطر التي تهدد المجهود السياحي الوطني ويساهمون في خلق وانتشار هذه الصور المضرة”.

ومع ذلك، لا يرى بوحوت أنه في حال أظهرت الأرقام خلال الشهور المقبلة تراجع نمو القطاع السياحي المغربي فسيكون ذلك بالضرورة مسؤولية ما يجري بالمغرب؛ “علينا أن ننتبه أيضاً إلى أن الأزمة السياسية التي تعيشها أول سوق مصدرة للسياح نحو المغرب، أي فرنسا، والتي تؤثر بلا شك على شهية الفرنسيين للسياحة، من شأنها أن تؤدي لخفض أعداد الوافدين على المغرب من الجمهورية، وعلى القطاع السياحي بشكل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News