افتتاحية

وزارة السياحة تُخلف الموعد مع أكبر حملة ترويجية للمغرب!

وزارة السياحة تُخلف الموعد مع أكبر حملة ترويجية للمغرب!

في الوقت الذي يتردد فيه اسم المغرب على لسان ملايين الناس، إن لم نقل الملايير، من مختلف الجنسيات عبر العالم، بعد الإنجاز الباهر الذي حققه أسود الأطلس بمونديال قطر 2022، وعوض أن يتم استثمار هذه الفرصة التاريخية من طرف وزارة السياحة، خاصة من خلال المكتب الوطني المغربي للسياحة، غابت هذه الوزارة التي تصرف ميزانيات ضخمة على الترويج والإشهار بشكل غير مفهوم، بينما تكفلت عفوية المواطنين المغاربة بالتعريف بالبلاد من خلال عرض رموزها.

وزارة السياحة، التي طالما اعتمدت على وصفة المؤثرين وعلى شراء مساحات الإعلان بالدول الأوروبية، لا سيما مع الوزيرة فاطمة الزهراء عمور، لم تتفطن إلى جدوى استثمار الحملة الترويجية الكبرى التي منحها كأس العالم للمغرب، وبدوره مكتب السياحة، الذي اعتاد “شراء” السياح من شركات الأسفار العالمية، وتحول إلى صندوق أسود للسفريات والمؤثرين، لم يلتقط الإشارة، وكأن قطاع السياحة المأزوم في غنى عن استثمار هذه الفرص.

وبينما أخلفت وزارة السياحة والقائمين على الشأن السياحي بالمغرب الموعد مع الفرصة التاريخية التي منحتها المشاركة المشرفة للأسود بالمونديال، بات واضحا أن المسؤولين على هذا القطاع في حاجة إلى إعادة تكوين، حتى يتجاوزوا مرحلة الاندهاش بالأحداث، ومنها المونديال، إلى التفكير في استثمارها بطريقة مبدعة ومبتكرة، يمكن أن تغني عن صرف الملايير في الطرق الكلاسيكية للإشهار.

والغريب في الأمر أن مكتب السياحة الذي صرف ميزانية كبيرة، بمباركة من الوزارة، على حملة “نتلاقاو في بلادنا” في عز الحجر الصحي إبان جائحة كورونا، لم يلتق مع طموح البلاد خلال المشاركة المميزة بقطر، ولم يقم بأي خطوة تظهر إدراكه وإدراك الوزارة لقيمة هذه المناسبة، بعد أن بات المغرب حديثا على كل لسان بمشارق الأرض ومغاربها.

وربما كانت الوزيرة فاطمة الزهراء عمور لتدرك أهمية فرصة المونديال لترويج الوجهة المغربية، لو كانت مقتنعة أولا بهذه الوجهة، كما أنها كانت لتعض بالنواجذ على هذه الفرصة، لو أنها استغلت عطلتها بجزر زنجبار للتجول في المدن المغربية لتقف على حجم تأثير الجائحة على القطاع السياحي.

في المونديال القطري، حضر من المغرب أسوده الذي صنعوا ملاحم كروية سيتذكرها التاريخ طويلا، وحضرت الجماهير المغربية من مختلف الأقطار حاملة معها الطربوش والجلباب والموسيقى والأهازيج والمأكولات والزغاريد المغربية، وحضرت أبلغ الرسائل عن ثقافة بر الوالدين كما يؤمن بها المغاربة، وتجولت صور اللاعبين مع أمهاتهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وانكشف الطموح المغربي الجرف نحو النجاح، واستقبل العالم قاطبة هذه المشاهد بينما أدارت وزارة السياحة ظهرها.

خلال التجربة المغربية بمونديال قطر، حيث تنافست أمم كبرى كرويا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا، فضل كثير من المسؤولين المغاربة، وعلى رأسهم مسؤولي السياحة، تحويل المناسبة إلى عطلة مدفوعة الأجر، حيث يتابعون المباريات من الملاعب أو أمام الشاشات، كأي مشاهد “لا ينقصه خير”، عوض أن يروا في هذه المناسبة ما يدعو إلى العمل الجاد، واستثمار جذوة الأمل المغربي التي أشعلها أسود الأطلس بالمونديال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News