تربية وتعليم

مجلس المنافسة يُعري “نقائص” التعليم الخصوصي ويوصي بإنصاف أبناء الفقراء

مجلس المنافسة يُعري “نقائص” التعليم الخصوصي ويوصي بإنصاف أبناء الفقراء

تزامنا مع تجدد الجدل بين المدارس الخاصة وأولياء التلاميذ حول ارتفاع تكاليف التسجيل يُعيد الجدل، دعا مجلس المنافسة، إلى تحسين ظروف المنافسة في سوق التعليم المدرسي الخصوصي، مشددا على ضرورة صياغة إطار تعاقدي جديد يوضح الأهداف والمسؤوليات بين مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي والدولة والأجهزة التابعة لها، ومراجعة الإطار القانوني لمواكبة التحولات التي تعرفها سوق التعليم المدرسي الخصوصي.

وطالب مجلس المنافسة، ضمن تقريره السنوي برسم 2021، بالاستجابة للتحديات الجديدة التي تعرفها المنظومة الوطنية للتعليم، علاوة على وضع آليات كفيلة بالرفع من دينامية المنافسة بين مختلف الفاعلين داخل سوق التعليم المدرسي الخصوصي.

وسجّل المصدر ذاته، أن “هناك اختلافا بين مكونات منظومة التعليم الخاص، من حيث جودة الخدمات المقدمة”، مقترحا في المقابل “المرور لنموذج تنافسي جديد لسوق التعليم المدرسي الخصوصي قوامه تعاقد كبير بين الدولة والقطاع الخاص والجهات يرمي إلى تجويد الخدمة وتعميمها”.

وكشف تقرير مجلس المنافسة، المرفوع إلى الملك محمد السادس، عن النقائص والعراقيل المؤثرة على المنافسة في سوق التعليم المدرسي الخصوصي، الذي يرتكز على تنويع العرض التربوي وتحديد الأسعار على أساس نوعية وجودة الخدمات المقدمة والفئة المستهدفة.

وقال تقرير مجلس المنافسة، الذي اطلع “مدار 21” على مضامينه، إن سوق التعليم الخصوصي يطبعه تباين في الخدمات والأسعار، وتندرج الخدمات المقدمة، من قبل مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، في ثلاثة تقسيمات أساسية، و خدمات أساسية ذات وظيفة تعليمية تعليمية صرفة منظمة حسب عدد السنوات المحددة، وفق النظام الوطني لكل طور تعليمي تغطيه المؤسسة الابتدائي الثانوي إعدادي والثانوي تأهيلي.

تباين الأسعار والخدمات

وينعكس تباين الخدمات التي تم إبرازها على مستويات نفقات مؤسسات التعليم الخصوصي، وفق التقرير، على الأسعار المتداولة بما فيها الواجبات المستحقة لأجل التسجيل وإعادة التسجيل المستخصلة سنويا، وفي علاقة برسوم التسجيل أو إعادة التسجيل أو إعادة التسجيل، كما أوضح المجلس أنه “لم يتوصل بمرجعية تحديد هذه الرسوم عدا تضمنها لواجبات التأمين وأن مبلغها يعادل في جل الأحيان الواجب الشهري للتمدرس”.

ويتضح من خلال تقرير مجلس المنافسة، أن تحديد الأسعار يتم وفق تقاطع للعرض بالطلب، يتحدد من خلاله اختيار المؤسسات التعليمية على أساس مواصفات معينة توافق الميزانية المخصصة من قبل الأسر لتغطية الواجبات المدرسية لأبنائها، مشيرا إلى “تضارب الآراء حول مستويات الأسعار المتداولة داخل سوق التعليم المدرسي الخصوصي ومستويات المراجعات التي تشمل هذه الأسعار والتي أصبحت معرض تساؤلات كثيرة خاصة في غياب معايير توازن بين محتوى وجودة الخدمات المقدمة والواجبات المفروضة”.

من جهة أخرى، وفي علاقة بضمان الشفافية اللّازمة تجاه كافة المتدخلين على مستوى هذه الأسواق، وبخاصة تجاه الأسر لمدّهم بالمعلومات الضرورية لقرار اختيارهم للمؤسسة، دعا تقرير مجلس المنافسة، حول التعليم الخصوصي، إلى وضع نظام يجمع المعلومات الضرورية للمقارنة بين مختلف الخدمات المعروضة، لافتا في السياق ذاته، إلى ارتكاز سوق التعليم المدرسي الخصوصي على نموذج مؤسسات تم انشاؤها اعتمادا على استثمارات ذات أهداف ربحية، ما يجعل الإقبال على هذا التعليم مرتبط بالقدرة الشرائية للأسر.

وخلص مجلس المنافسة، إلى أن “هذا المعطى يساهم إلى حد كبير من جهة في جعل الولوج إلى التعليم المدرسي الخصوصي، شبه حكر على أبناء الطبقات المتوسطة والميسورة أو في أحسن الأحوال تضطر الأسر ذات الدخل المحدود للرهان على واحد من بين أبنائها ومن جهة أخرى، في ضعف تغطية هذا التعليم للمناطق التي تشكو من أعلى نسب معدلات الفقر النقدي.

سياسة ترابية للتعليم

وأوصى المجلس، بإعادة النظر في دور الدولة في اتجاه موازنة منصفة بين خدمات المدرسة العمومية وخدمات مؤسسات التعليم الخصوصي، ووضع تدابير من طرف الدولة لتعزيز فرص الولوج للخدمات المقدمة للأسر من طرف سوق التعليم المدرسي الخصوصي، ووضع سياسة ترابية للتعليم الخصوصي وربطها بنماذج التنمية المعدة من لدن الجهات الاثني عشرة للمملكة.

وبخصوص التأمين المدرسي، أوصى المجلس بدراسة سبل تعزيز المقتضيات الخاصة بالتأمين المدرسي من حيث تدقيق نوع العقود الواجب إبرامها، وتحديد الوعاء الإجباري للتغطية سيما الضمانات الأساسية والتغطية المرتبطة بها، علاوة على الجوانب الخاصة بضمان الشفافية اللازمة تجاه الأسر، وكذا فتح الباب أمام أولياء التلاميذ لاكتتاب تأمين تكميلي لفائدة أبنائهم.

وأوصى  مجلس المنافسة، بتعزيز الهيكلة التنظيمية للأكاديميات الجهوية بتخصيص مصلحة خاصة بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي لتمكين هذه الاكاديميات من القيام بمهام الضبط والمصاحبة الموكولة إليها تجاه التعليم الخصوصي على الوجه الأصح.

كما أوصى أيضا بتدخل الجهات الحكومية المختصة لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في حق مخالفات البيوع المقيدة المفروضة على الأسر من قبل المؤسسات التعليمية الخصوصية وكذا بتنظيم حملا تحسيسية في اتجاه الأسر لإعلامهم بحقوقهم وسبل الدفاع عنها.

ودعا إلى “توسيع قاعدة الولوج إلى مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وفتحها في وجه التلاميذ المتفوقين المنحدرين من أوساط معوزة وذات الدخل المحدود، تكريسا لمبدأي العدالة والتضامن الاجتماعيين، واقترح وضع آليات لتشجيع المؤسسات الوطنية الكبرى على دعم تمدرس أبناء هذه الشريحة من المجتمع بتخصيص “قسيمة التعليم”، يتم تحديد كيفية وشروط الاستفادة منها.

نظام ترخيص شفاف

واقترح المجلس وضع “نظام ترخيص لولوج السوق”، من خلال اعتماد ضوابط وقواعد لفتح أو توسيع مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، تضمن جودة الخدمات المقدمة نظرا لخصوصية نشاط التعليم، وتلزم المؤسسات التعليمية الخصوصية بالعمل بمبادئ المرفق العمومي واحترام النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة وكذا التقيد بالدلائل المرجعية لمعايير الجودة لضمان الاستمرارية والانتظام في تقديم الخدمات.

ودعا المجلس إلى التعجيل بمراجعة المسطرة ودفتر التحملات المعتمَدين حاليا للترخيص لفتح أو توسيع مؤسسة تعليم مدرسي خصوصي، مع الحرص على التعريف بكل الإجراءات الواجب اتخاذها بكل دقة وموضوعية في صياغة مضامين المواصفات والمعايير الواجب اعتمادها، واجتناب كل اجراء من شأنه أن يشكل بأي حال حاجزا أمام دخول السوق أو تقييد المنافسة فيها.

وأوضح مجلس المنافسة، أنه أمام الرهانات الكبرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وفي ظل الوضعية الوبائية لجائحة كورونا، فقد بات من الضروري إرساء منظومة متكاملة للمراقبة ولتقييم أداء مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وإحداث نظام ترخيص شفاف يضمن خضوع جميع طلبات الترخيص إلى شروط موحدة غير تمييزية، وكذا تحديد معايير مضبوطة لجودة الخدمات المقدمة.

وشدد المجلس، على ضرورة تبني إطار قانوني وتنظيمي ملائم لمواكبة التحولات التي تعرفها سوق التعليم المدرسي الخصوصي، ووضع سياسة ترابية شاملة للقطاع، يتوجب ربطها بالنماذج التنموية الجهوية لضمان توزيع متكافئ ومنصف، داعيا إلى صياغة إطار تعاقدي جديد يوضح الأهداف والمسؤوليات بين مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي والدولة والأجهزة التابعة لها.

ومن من أجل تحسين ظروف المنافسة في سوق التعليم المدرسي الخصوصي، دعا المجلس إلى الرفع من عرض الخدمات المقدمة من طرف مؤسسات التعليم الخصوصي وتنويعه وإغنائه لمسايرة الطلب المتزايد على هذه الخدمة، وكذا جعل هذا الطلب أكثر ملاءة (solvable) لتحصين وضمان تطور هذه المؤسسات وتحفيز الاسـتثمار داخلها.

وأكد مجلس المنافسة، أنه من أجل الاستجابة للتحديات الجديدة التي تطرحها المنظومة الوطنية للتعليم، يتسنى لهذا النموذج احتضان آليات وتدابير لتعزيز فرص الولوج والتنوع للأسر وكذا فتح باب التعاون بين النظام الوطني للتعليم والأنظمة الأجنبية الموجودة بالمغرب، مطالبا بوضع آليات كفيلة بالرفع من دينامية المنافسة بين مختلف الفاعلين داخل سوق التعليم المدرسي الخصوصي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News