توظيف الفرنسية وتحديات مدارس الريادة يُحرِجان وزراء الحكومة أمام “برلمان الطفل”

على خلاف عادة الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفوية بمجلس النواب والتي دأب فيها المواطنون على متابعة مُساءلة فرق ومجموعات برلمانية للوزراء حول وضعية قطاعاتهم، استقبلت الغرفة الأولى للمؤسسة التشريعية أعضاء برلمان الطفل في الدورة الوطنية برسم الولاية 2025/2023.
وتميزت هذه الجلسة بجرأة الأطفال البرلمانيين في طرح الأسئلة على المسؤولين الحكوميين وإحراجهم بالتركيز على القطاع الاجتماعية الحيوية من تعليم وصحة وثقافة، بالإضافة إلى رفض الأطفال النواب لمصطلحات باللغة الفرسية ضمن أشغال الجلسة خلافا لما ينص عليه الدستور المغربي في موضوع اللغات الرسمية للدولة.
حورية السملالي، وهي طفلة برلمانية، واجهت وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سعد براجدة، بذكرها الصعوبات التي تواجه تجربة مدارس الريادة على مستوى التنزيل وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ في الاستفادة من تعليم واحد على المستوى الوطني.
وانتقدت الطفلة النائبة “عدم شمولية تجربة مدارس الريادة على كل المدارس العمومية على المستوى الوطني”، مشيرةً إلى “التفاوتات بين عدد المدارس التي استفادت من هذه التجربة مقارنة بالمدارس العادية يشكل عائقا أمام استفادة التلاميذ المغاربة من تعليم واحد ودون اختلاف بينهم”.
تخوفات الطفلة البرلمانية أجاب عليها الوزير الوصي بأنه “في ظرف 3 سنوات سيتم تعميم هذه المدارس على المستوى الوطني”، مؤكدا أنه “يجب أن يتم هذا التعميم بالقوانين اللازمة والجودة المطلوبة دون أي تسرع”.
برادة، الذي بدا مرتبكا في استعراض الأجوبة، أكد أن “قطاع التعليم هو قطاع استراتيجي يحظى بعناية ملكية كبيرة”، مبرزا أنه “للحكومة تصور واضح في إصلاح التعليم المغربي لا رجعة فيه، والذي يهتم بثلاث ركائز وهي التلميذ والأستاذ والمدرسة”.
وفي ما يتعلق بمدرسة الريادة، أوضح برادة أنه “تم خلال السنة الماضية اعتماد 600 مدرسة رائدة استفاد منها 320 ألف تلميذ كتجربة أولية”، مشيرا إلى أن “نتائج هذه التجربة كانت جيدة لكونها ساهمت في ترميم كل المدارس المعنية وأدخلت إلى القسم أساليب الرقمنة بحيث تؤخذ جميع الدروس من منصة وزارة التربية الوطنية”.
وفي ما يتعلق بنتائج التقييم (طارل) الذي خضع له تلاميذ المدارس العادية إلى جانب تلاميذ المدارس الرائدة، والذي شمل قرابة 100 سؤال، أبرز الوزير نفسه أن “تلاميذ المدارس العادية أجابوا على قرابة 40 سؤال في حين أجاب تلاميذ المدارس الرائدة على 60 سؤال”.
ولم تستثن أسئلة ضيوف القبة البرلمانية وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، الذي وجد نفسه محاصرا بأسئلة حول تحصين الصحة النفسية للأطفال والتلاميذ وجهود وزارته في تعميم الوعي بأهمية الصحة النفسية للناشئة في الوسط المدرسي وأهميتها في استقرار المجتمع، وهو ما استفسرت عنه الطفلة النائبة، ملاك العمري.
وفي هذا الصدد، أورد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أن “المغرب بفضل الرعاية الملكية والإشراف الفعلي للأميرة لالة مريم يعد من الدول التي التزمت بحق الطفل في الصحة والتعليم وفقا للاتفاقيات الدولية”.
وتابع التهراوي أن “عدم مراعاة الصحة العقلية ومواكبة النمو الاجتماعي والنفسي للأطفال تمتد إلى مرحلة البلوغ وتحد من إمكانية عيش حياة مرضية”، مبرزا أن “هناك أدلة متزايدة على أن التدخلات الصحية والوقائية التي يتم تنفيذها في البيئات التعليمية للطفل يكون لها تأثير إيجابي على صحتهم النفسية والعقلية”.
وسجل التهراوي أنه من “جملة الإجراءات التي تضمنها البرنامج الوطني للصحة العقلية الذي وضعته وزارة الصحة لتعزيز الخدمات العلاجية للأطفال إحداث استشارات متخصصة في الطب النفسي للأطفال على مستوى الرعاية الصحية الأولية وإنشاء مراكز تكوينية وطنية في الطب النفسي للأطفال وإحداث مصالح الطب النفسي للأطفال في عدد من المستشفيات”.
واعترضت طفلة نائبة عن توظيف الوزراء الحاضرين إلى هذه الجلسة لكلمات ومصطلحات باللغة الفرسية على الرغم من كون اللغة الرسمية للبلاد وفق الدستور هي اللغة العربية والأمازيغية، وهو ما أجاب عليه وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، بـ”أننا نحرص على التحدث باللغة العربية باستثناء بعض المصطلحات التقنية التي نذكرها بلغات أجنبية، وهذا لا ينفي أنه معكم حق في المطالبة بتحدث الوزراء باللغة العربية”.
الأطفال البرلمانيون ساءلوا في الجلسة ذاتها وزير الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، خاصة في ما يتعلق برقمنة إجراءات التعريف بالثقافة المغربية، وهو ما عقب عليه المسؤول الحكومي بالإشارة إلى “استعمال التكنولوجيا والرقمنة في الترويج للتراث المادي واللامادي هو أمر ضروري”، مشيرا إلى أنه “في هذه الإطار تمت مبادرات كثيرة في مجال التعريف بالثقافة المغربية الأصيلة خاصة فئة الشباب والأطفال المغاربة الذين يعيشون خارج أرض الوطن”.