مجتمع

حسن طارق: جيوب منسية داخل القانون تُعيق ولوج النساء إلى الإدارة

حسن طارق: جيوب منسية داخل القانون تُعيق ولوج النساء إلى الإدارة

سلط وسيط المملكة، حسن طارق، صباح اليوم الأربعاء، الضوء على التحديات القانونية والتنظيمية التي ما زالت تعيق تحقيق المساواة الفعلية داخل المرفق العمومي، مقدما رؤية شاملة حول أبعاد هذا الرهان، ومستعرضا منطلقات البرنامج الجديد للمؤسسة، وأهم المداخل الدستورية والسياسية والاجتماعية الكفيلة بتعزيز الإنصاف الإداري من منظور النوع.

وفي هذا السياق، صرح حسن طارق، على هامش الورشة التفاعلية التي نظمتها مؤسسة الوسيط بمقرها، بشراكة مع مكونات من المجتمع المدني حول موضوع “الإدارة المغربية ورهان المساواة بين الجنسين”، بأن انطلاق هذا البرنامج جاء استجابة للشكايات الواردة على المؤسسة، والتي يتعلق جزء كبير منها بأوضاع تمييزية تعيق ولوج النساء على قدم المساواة إلى الإدارة العمومية.

وأشار طارق، في تصريح لجريدة “مدار21″، إلى أن القانون، في إطار الفصل 42 من القانون المنظم لعمل المؤسسة، يُخول لها رفع تقارير خاصة إلى رئيس الحكومة تتضمن اقتراحات لتعديل بعض القوانين، إذ من هذا المنطلق، ارتأت المؤسسة أن تتعاطى مع هذا الملف بشكل مهني، باعتباره من صميم المهام الخبراتية التي تضطلع بها، خصوصا أن الموضوع يلامس بعدا اجتماعيا وثقافيا عميقا.

وأكد أن المبادرة تستند إلى إطلاق حوار عمومي واسع، مبني على استشارات موسعة مع المجتمع المدني، والجمعيات النسائية والحقوقية، قصد استجلاء مختلف أوجه الإشكاليات المرتبطة بالمساواة في الولوج إلى المرافق الإدارية.

وأوضح أن المعطيات المتوفرة، وإن كانت تشكل مجرد عينة، إلا أنها تشير بوضوح إلى وجود “جيوب منسية” داخل المنظومة القانونية والتنظيمية، مضيفا أن الفكرة تجلت في إحداث نقاش عام حول هذا الموضوع، وتسليط الضوء مجددا على قضية المساواة الإدارية، إلى جانب ما يناقش في المجتمع من قضايا المساواة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وتهدف هذه المبادرة، بحسب وسيط المملكة، إلى التوصل إلى خلاصات تمكن من رصد الثغرات المنسية داخل هذه النصوص، واقتراح تعديلها بما يتماشى مع مبادئ المساواة، وينسجم مع المنظومة الدستورية المغربية، ويُحقق التناسق داخل التشريع الوطني.

وفي السياق ذاته، شدد حسن طارق في مداخلته، خلال الورشة التفاعلية مع مكونات المجتمع المدني حول الموضوع ذاته، على أن المغرب قطع خطوات مهمة في مجال المساواة، بفضل الإرادة الملكية للملك محمد السادس، التي جعلت من المساواة ركيزة أساسية للمشروع المجتمعي وضمانة لإنصاف تاريخي لفائدة النساء.

ويرى أن دستور 2011 كان نقطة تحول بارزة، بإقراره مبدأ المساواة أمام القانون، وحظره لكل أشكال التمييز، إلى جانب دسترة المناصفة كمبدأ تسعى الدولة إلى تحقيقه، وجعل المرافق العمومية قائمة على مبدأ المساواة في الولوج والاستفادة.

وأشار في كلمته إلى أن الاجتهاد القضائي الدستوري ساهم في توضيح العلاقة بين المبادئ الدستورية الثابتة، مثل المساواة وتكافؤ الفرص، وبين التدابير القانونية المؤقتة الهادفة إلى دعم تمثيلية النساء، دون أن تمس بجوهر المبدأ.

وسجل أن التقدم الحاصل على المستوى القانوني والمؤسساتي لم يواكبه دائما تحول مماثل في التمثلات الاجتماعية، حيث ما زالت الحواجز الثقافية والنمطية تحد من ولوج النساء الفعلي للإدارة ومراكز القرار، وهو ما تعكسه مفاهيم مثل “السقف الزجاجي”.

ونبه إلى أن المساواة الإدارية تعد من الزوايا المعتمة في النقاش العمومي، مقارنة بالمساواة السياسية أو الاقتصادية، رغم أنها تمثل بعدا أساسيا في علاقة المواطنات بالإدارة، وفي ضمان الحياد والعدالة داخل المرفق العمومي.

وأشار في مداخلته أيضا إلى أن النصوص القانونية ما تزال تتضمن “جيوبا منسية” تكرس التمييز، ما يستوجب مراجعة دقيقة وشاملة لهذه النصوص، انطلاقا من المبدأ الدستوري للمساواة، وتماشيا مع التزامات المغرب الدولية.

ونبه إلى أن الكثير من النساء يعجزن عن توصيف حالات التمييز بلغة قانونية، ما يعكس غيابا في الولوج الثقافي للحقوق، ويؤشر على وجود أزمة مواطنة نسائية تتجاوز مجرد غياب النصوص المنصفة.

وفي هذا الإطار، يُقدم برنامج “إدارة المساواة”، بحسبه، كآلية تهدف إلى تسليط الضوء على التمييز الإداري، وفتح حوار عمومي حول النصوص القانونية والتنظيمية المعيقة للمساواة، مع السعي نحو بلورة مؤشر وطني لقياس المساواة الإدارية، يمكن من تقييم السياسات العمومية من زاوية النوع.

وأكد أن البرنامج ليس مجرد تقرير تقني، بل لحظة مجتمعية لصياغة توافقات قيمية، تُسهم في تعزيز التملك الجماعي لفكرة المساواة، وتحويلها إلى ممارسة إدارية وتشريعية يومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News