مثير للجدل

عدوى الشعبوية تُصيب البرلمان المغربي

عدوى الشعبوية تُصيب البرلمان المغربي

مؤخرا طغَت اتجاهات للبحث والتفكير في ظاهرة الشعبوية، كحالة سياسية طفت فجأة على الساحة السياسية الدولية مُند خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بضغط من التيار الشعبوي، مرورا بوصول ترامب الى السُلطة، واليوم تترسُّخ الظاهرة في العالم العربي في العديد من الأنظمة الهجينة التي وُلدَت من خلال زواج غير شرعي ما بين الخريف الربيع العربي مع السلطوية.

في سياقنا المغربي انبرى كاتب لامع مثل حسن اوريد لتفكيك هذه الظاهرة، وأصدر إلى غاية الأن كتابان في الموضوع، أخرهما بعنوان إغراء الشعبوية في العالم العربي. بغاية فهم هذه الظاهرة التي باتت تكتسح الساحة دون مقدمات.

مُحاولاً فهم حالة من استعداء للنُخَب في المجتمع العربي وظاهرة تَدنّي الفِكر والممارسة، وتنامي نظام التفاهة كما سمّاه الفيلسوف الكندي الان دونو.

ومُؤخرًا ربما انتقلت هذه العَدْوة الى المؤسسة التشريعية المغربية وخُصوصًا مجلس النواب، الذي بات في جلسة عُمومية يعيشُ حالة من صراع الديكة، بشكل بات مبعَث قلق لدى جهات مُتعدِدة التي تستغرب من حالة المُشادَّات الكلامية المُستمرة بين نوّاب الأغلبية والمعارضة على السواء.

الملاحظة الأولية لهذا المشهَد تُفيد بأن الُمناوشات هي الطاغية واحيانًا تكون بلُغة شعبوية أقرب الى البداءة، مثل ” جلس لرض ” ” هنينا انت “، مع ان الشعبوية هنا لا تعني استعمال لغة بسيطة قريبة للشعب، بل استعمال الكلام من اجل الكلام لا غير.

بل نجد النواب في حالة جماعية للخروج من الوقار الرفعة التي يجب أن تُميّز تواب الامة وتعطي صورة براقة على طبيعة نخب البلاد.

بينما يَغيبُ الحِوار والنقاش والمُحاججة الفُضلى، على اعتبار أن الحكومة المسنودة بأغلبيتها، تقدّمُ استنادات صلبة على مُنجزاتها، المُعززَة بالمُعطيات والأرقام، بينما حُكومة الظل أي المعارضة تفكُك خطاب الحكومة وترُد على دفوعاتها، وتقوم بالنقد السديد.

يجب أن يعرف الجميع بإن قُوّة الدولة من قوة مؤسساتها، وقُوة المؤسسات من جودة النخب التي تلجها وتُدبرها، وإذا كانت هذه المؤسسات لا تقوم بأدوارها الحقيقية المُفترضة، فإنها مع الوقت سوف تتَحوّل إلى مغارات جوفاء لا تُنتج الاّ الخواء، والمزيد من القطيعة والجفاء مع المواطنين.

هذه الظواهر من الشعبوية البرلمانية التي تلوح في الأفق، تدعو فِعلاً الى القلَق على اندحار التنخيب داخل المؤسسة التشريعية، وهذا لا يمنح النموذج الديمقراطي المغربي الهوية التي يحتاجها حتى يستمر في السباحة في بحر تحولات عاصفة لا تخدم إلا مصلحة التصحر السياسي والتفكك الدولاتي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News