تربية وتعليم

موليير أم شكسبير؟.. جدل الفرنسية أو الإنجليزية يشتعل مجددا بالمغرب

موليير أم شكسبير؟.. جدل الفرنسية أو الإنجليزية يشتعل مجددا بالمغرب

أعادت الحملة الإلكترونية معالم الجدل القائم بين النخب الثقافية والسياسية بشأن موقفها من اللغة الفرنسية، إذ أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية تدعو إلى استبدال الفرنسية باللغة الإنجليزية ضمن المناهج الدراسية تزامنا مع انطلاق العام الدراسي الجديد مطلع أكتوبر المقبل.

وعبر نشطاء عبر تدوينات في منصات التواصل الاجتماعي عن رغبتهم باعتماد الإنجليزية بدل الفرنسية، واصفين الأخيرة بـ”المتهالكة”، تحت وسم (هاشتاغ) “نعم للإنجليزية بدل الفرنسية بالمغرب”، وبلغ عدد المتفاعلين مع الحملة 6 ملايين شخص في أقل من 24 ساعة.

وبهذا الصدد، صرح صاحب موقع “مطر” وأستاذ اللغة العربية بثانوية “للا عيشة”، محمد فري، لـ”مدار21” قائلا: “فيما يتعلق بهذا الموضوع، نجد فرنسا سباقة لحث طلابها على التعلم بالإنجليزية، ولعل هذه الدعوة لدينا ناتجة عن تأثر بهذا الاقتراح.

ويرى فري أن تدريس المواد العلمية باللغة الإنجليزية أمر مهم، مرد ذلك إلى أن جل المصادر والمراجع بهذه اللغة، ويقول “مهما كانت عمليات الترجمة سريعة فلن تلحق الكمّ الهائل من الكتب في هذا المجال والذي يصدر كل سنة”، مضيفا أن “المشكل الذي يعيق تنفيذ هذا الإجراء هو الافتقار إلى المدرسين المتمكنين من اللغة الإنجليزية.”

ويضيف “لذا أرى في هذه المرحلة أهمية التدريس باللغة الأم، والاستعانة بالمصطلحات العلمية في لغتها الأم.”

بدوره، عبّر أستاذ الاجتماعيات بالثانوية العلمية بالرباط، السعدي محمد، عن تأييده استبدال اللغة الفرنسية بالإنجليزية، وقال في اتصال هاتفي مع “مدار21”: “أنا مع استبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية في التعلم، لأن الأخيرة حاليا هي اللغة العالمية، واللغة الفرنسية فقدت مصداقيتها وفقدت مكانتها في القوى العالمية، ولهذا إذا أردنا أن نلج العالم المقبل والتطورات المقبلة في العالم علينا استبدال اللغة الفرنسية بالإنجليزية في تعليم وتعلم أجيالنا المقبلة.”

من جانبها، لا تبدو أستاذة علوم الحياة والأرض بالثانوية الإعدادية عمر بن الخطاب، أسماء لورود، متفائلة بالأثر الممكن أن تخلّفه هذه الحملة لعدة اعتبارات، وأوضحت للجريدة: “لا أظن أن هذه الحملة ستؤتي ثمارها، لأن التلاميذ غير قادرين على استيعاب المواد العلمية باللغة الفرنسية فما بالك بالإنجليزية، ناهيك عن خضوع الكثير من الأساتذة لدورات تكوينية باللغة الفرنسية لعدم قدرتهم على التدريس بها.”

وفي سياق متصل، قالت أستاذة اللغة الفرنسية بثانوية الفارابي التأهيلية بإقليم سيدي قاسم، رباب صبرو، لـ”مدار21″: الفرنسية تنحصر في شمال وجنوب إفريقيا، كما أن ليست كل الدول الأوروبية تتحدث بها، بل تشمل فقط الدول الفرنكوفونية، وأنا مع اعتماد الإنجليزية بالموازاة مع الفرنسية، لأن الإنجليزية لغة العلم، فجل الأبحاث تنشر بها ناهيك عن كونها لغة عالمية، كما أن التلاميذ أنفسهم عندما تسألهم عن اللغة الأقرب إليهم تجد ميلهم يتجه نحو اللغة الإنجليزية ويوظفونها أكثر، حتى باتت لغة التخاطب الأولى بالنسبة لهم.”

وعلق أحد المدونين المؤيدين للحملة عبر منصة التواصل “فيسبوك” في إحدى الصفحات الداعمة للحملة بقوله “الإنجليزية سهلة التعلم، وأصبحت رقم واحد في العالم.. أتمنى أن تعمّم في المغرب بدل الفرنسية عديمة الفائدة.”

كما عزّز المنادون بـ”هاشتاغ”: “نعم للإنجليزية بدل الفرنسية بالمغرب” نداءهم بآراء لشخصيات فرنسية من بينها رئيس الوزراء الفرنسي السابق، إدوارد فيليب، الذي أكد عدم جدوى وفاعلية اللغة الفرنسية في تغريدة له عبر حسابه في موقع التدوينات القصيرة “تويتر” قائلا: “تعلم الإنجليزية هو الطريق الصحيح لضمان مستقبل أفضل”.

في المقابل، عبّر الأستاذ الباحث في اللسانيات، محمد المدلاوي، في تدوينة عبر صفحته على “الفيسبوك” عنونها بـ”مع الخاسرين مرة أخرى”، عن رفضه ما سماه بالتضليل برفع شعار “الإنجليزية هي الحل”، إذ قال “نعم للفرنسية والإنجليزية وللغات أخرى بحسب النفعية والحاجة”.

وأضاف المتحدث نفسه “يتعيّن التعامل في بلد كالمغرب مع لغة أجنبية نفعية مثل اللغة الفرنسية، إذ احتلت منذ عدة قرون مكانة متميزة في سوق اللغات العالمية للعصر الحديث، في ميادين العلوم والفلسفة والآداب والفكر السياسي والدستوري والدبلوماسية والتجارة تراوحت رتبتها صعودا وهبوطا في كل ميدان من تلك الميادين، حسب تغير موازين قوى النفوذ الاقتصادي والعسكري والعلمي والمعرفي على الصعيد العالمي وما يزال ذلك التغير ساريا”.

وتابع “فيما يتعلق بالمغرب، شكّلت اللغة الفرنسية منذ أزيد من قرن من الزمن لغة تحديـــــــث قطاعات الإدارة والمال والاقتصاد والجيش قبيل فترة الحماية، وخلالها، وبعدها، كما أن اللغة الفرنسية تظل قاعدة أرشيف المغرب، الموجود منه داخل الوطن أو الموجود خارجه وهو الأهم، كما تظل اللغة الفرنسية أيضا بالنسبة للمغرب اللغةَ المفتاح التي لا يمكن الاستغناء عنها في تعامله مع عمقه التاريخي الإفريقي في الساحل والصحراء الكبرى وجنوبها، هذا العمق الذي عاد إليه المغرب بقوة واستعاد مكانته التاريخية فيه في العقدين الأخيرين على أسس جديد منسجمة مع العصر.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News