افتتاحية

إشاعة اسمها السياحة الداخلية بالمغرب؟!

إشاعة اسمها السياحة الداخلية بالمغرب؟!

ليس من المبالغة في شيء القول المتداول من طرف مواطنين مغاربة بأن الحديث عن السياحة الداخلية ببلادنا مجرد إشاعة، هذا إذا لم تكن بالفعل قد تحولت إلى كابوس، يحتاج المواطن إلى التعافي منه بدل التعافي به، خاصة في ظل ما يتعرض له من ضغط واستنزاف لجيوبه من طرف “شناقة الصيف” في غياب تام لوزارة السياحة ولجن المراقبة المحلية.

ولم يعد سرا كذلك القول بأن السياحة الداخلية بالنسبة لوزارة فاطمة الزهراء عمور باتت في آخر الأولويات، كما كانت من قبل، ما يطرح أسئلة حارقة حول أسباب استصغار وزارة السياحة، التي تطمح بالمناسبة إلى تحقيق أرقام كبيرة، للسياحة الداخلية وللمواطن المغربي، فهل ذلك راجع إلى أن هذا الأخير يتعامل بالدرهم وليس العملة الصعبة؟، أم لأنه “ابن الدار” ولا يستحق منها نفس العناية التي تُقابل بها أصحاب الشعر الأشقر؟

كان المواطن المغربي يتوسم خيرا أن تستوعب وزيرة السياحة درس زنجيبار هذا الصيف، وأن تعيد الاعتبار للسياحة الداخلية وتسهم بتشجيعها، ومع ذلك فهي استوعبت درسا وحيدا وهو أن لا تنشر صورها هذه المرة، ما جعل الوجهة التي قضت بها الوزيرة العطلة غير معروفة، مقابل تأزم وضع السياحة الداخلية أكثر فأكثر.

ويكاد المغاربة العائدون من العطلة الصيفية يجمعون على انطباعات سلبية جدا من الممارسات المستشرية، التي تفسد تلك اللحظات الجميلة التي يحاولون نسجها مع سحر الطبيعة، ذلك أنهم تركوا في مواجهة أصحاب “الجيلي الأصفر” و”بلطجية الباراسول والكراسي”، ونهب جيوبهم من طرف الفنادق، وفوضى كراء المنازل، وغلاء النقل والأكل والشرب وكل شيء، حتى أصبح من النادر إيجاد خدمة ما تباع بثمنها الأصلي.

هذه الممارسات زادت من حنق المواطن المغربي، ذلك أن العطلة الصيفية بمدننا المغربية عوض أن تكون فرصة للترويح عن النفس تحولت إلى أشبه بطقس من التعذيب والاحساس بـ”الحكرة”، أمام تغول جميع أصحاب الخدمات، حتى المواطن البسيط الذي يمارس نشاطا خلال هذا الموسم يتحول إلى “شناق” يغتنم المناسبة لمراكمة الأرباح الموسمية غير المشروعة، على نفس نهج الفنادق والمحلات والمطاعم وغيرها التي تمتص دماء المواطن ب”العلالي”.

وفي ظل غياب تام لوزارة السياحة، وغياب شبه تام لمصالح وزارة الداخلية، وحضور منعدم للجماعات الترابية، يصبح فصل الصيف، وخاصة بالمدن التي تشهد نشاطا سياحيا، مرتعا لكل الممارسات غير المشروعة، إذ تصبح استفادة مواطن من خدمات بمقابل مضاعف أمرا شائعا ومُطبَعا معه من طرف الجميع، حتى المواطن المتضرر بات مُسلما بالأمر الواقع.

ولعل المرء يلتمس الأعذار لهؤلاء الذين يعبرون الحدود، ومنهم وزيرتنا في السياحة، بحثا عن وجهة أفضل وبأثمنة جد مناسبة مقارنة بـ”السرقات” العلنية بالمدن المغربية، ويتساءل بالفعل كم من الوقت يفصلنا عن منافسة دول مثل إسبانيا أو تركيا أو حتى دول إفريقية أخرى سياحيا.

الغريب في الأمر هو الصمت الرهيب حول هذه الممارسات من طرف المسؤولين المغاربة، وبالتحديد من طرف وزيرة السياحة، هذه الأخيرة التي بات المغاربة معتادون على غيابها في اللحظات المهمة، مع غياب تام لحملات توعية الفاعلين والمستفيدين من الأنشطة السياحية بضرورة تشجيع السياحة الداخلية، وكذا غياب زجرهم في حال ارتكاب المخالفات، وهي أكثر من أن تحصى بالمناسبة.

وأخيرا إذا استمر الوضع على ما هو عليه، لن نستغرب بعد سنوات قليلة من تحول الوجهة المغربية إلى وجهة ثانية أو ثالثة سياحيا بالنسبة للمغاربة الذين بإمكانهم قضاء عطلتهم ببلدان أخرى وبميزانيات أقل مع تعامل أرقى يحفظ كرامتهم، دون الحديث عن السياح الأجانب الذين توجد أمامهم عروض مُغرية لاختيارها بدل التجربة “الفظيعة” التي يمكن أن يعيشوها مع ما يسمى “السياحة بالمغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News