افتتاحية

غزة.. فواجع تشيّع الضمير العالمي

غزة.. فواجع تشيّع الضمير العالمي

يوميات القتْل الوحشي، قصفًا وجُوعًا في غزة على امتداد أكثر من 156 يوما من الحرب الصهيونية المدمرة، هي ما وراء سقوط عشرات آلالاف من الشهداء. ووسط موت الضمير الإنساني العالمي، لم تسْلم عائلة في قطاع غزة المحاصر من فقدان عزيز أو قريب، فقوائم الموت تشمل كل العائلات، بل إن منها من اختفت من السجلات المدنية.

قتلوا هناك، دون مراعاة حرمة الشهر الفضيل، ومنهم من قضى تحت الأنقاض سواء بالقصف أو الغارات أو تدمير الأحياء السكنية أو الحرب على المستشفيات وصولا إلى مجاعة تفتك بمئات الآلاف وتنهش أجساد المسنين كما الأطفال. أكثر من 31 ألف شهيد عنوان المجازر التي تقترفها إسرائيل بحق فلسطينين، كل واحد منهم له اسم وعائلة وحكاية تروى بطعم الآلم والموت حتى..

وأمام صمت المنتظم الدولي وتواطؤ من الكثير من القوى العالمية، يشهد قطاع غزة، منذ بدء عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أزمة إنسانية مروعة نتيجة قطع الاحتلال خدمات الكهرباء والوقود والمياه، ومنع إدخال المساعدات، في وقت يؤكد فيه العديد من المنظمات وفرق الإغاثة أن المساعدات الإنسانية التي وصلت للقطاع حتى الآن ضئيلة جدا مقارنة بحجم الاحتياجات الطارئة.

وللعالم الذي يدّعي احترامه لحقوق الإنسان والعمل على خطط التنمية المستدامة أن يتخيل حجم الإجرام الذي ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي وبضوء أخضر مفتوح من الدول الغربية الكبرى وصمت مريب من الكثير من القوى العالمية التي تستطيع البدء في إيقاف غطرسة الاحتلال الاسرائيلي.

تنوعت أساليب قتل الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى حرب إبادة كاملة الأركان، فالفلسطينيون يموتون اليوم بسبب الجوع والأمراض التي تنتشر في القطاع بشكل كبير نتيجة الأوضاع المأساوية. وتتربص المجاعة بما لا يقل عن 2.2 مليون شخص في غزة حسب برنامج الأغذية العالمي الذي حذر من “مستويات غير مسبوقة من اليأس” في القطاع الفلسطيني الصغير المحاصر مع استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.

ومما يزيد الوضع مأساوية، في ظل تخاذل المنتظم الدولي وتواطؤ جزء كبير منه، اضطرارت طائرات قادمة من دول عربية، ضمنها المغرب، إلى القيام بعملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية شمال قطاع غزة، لكن أغلب المساعدات سقطت في البحر بينما يحاول المواطنون في مشاهد تدمي القلب، الوصول إليها قبل أن يبتلعها البحر رغم المخاطر التي قد يتعرضون لها.

وأمام الوضع الإنساني الخطير والمهول الذي يعيشه سكان غزة بحلول شهر رمضان، وفي ظل حالة من التواطؤ الجماعي إزاء المجازر اليومية التي ترتكبها آلة الإرهاب الصهيوني في فلسطين، لا يمكن إلا الإشادة بالموقف الرسمي والشعبي المغربي المدين لحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بصفة عامة وسكان غزة بصفة خاصة، “من طرف كيان إرهابي مارق”، بدعم قوي من الدول العظمى خصوصا الولايات المتحدة الأمريكي.

المغرب، أكد خلال افتتاح أعمال الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، الحاجة الملحة إلى وقف عاجل وشامل ودائم لإطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بدون عوائق أو تقييدات، ورفض محاولات التهجير القسري للمدنيين واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

لكن، بقدر حماس الحراك التضامني الشعبي مع أهل غزة الذي شجب ويشجب المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، نقول “لقد حان الأوان لتوقيف مسلسل التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، ولا معنى لخلق لجن صداقة مع هؤلاء مجرمين، فـ “كلنا فلسطينيون”، خاصة في ظل وجود أكثر من مبرر للقيام بهذه الخطوة التي يمكن أن تشكل صفعة للكيان المحتل.

لدينا أمل كبير؛ كما صدحت بذلك أصوات 1850 مظاهرة داعمة لغزة ورافضة للتطبيع عبر مدن المملكة، في عودة الحكومة المغربية إلى جادة الصواب، وأن تستمع لصوت المغاربة بإغلاق مكتب الاتصال كما كان الأمر في عام 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فلا يمكن تصور وجود مكتب وعلاقات مع قتلة يدمرون البشر والحجر ويفرضون حصارا لا إنسانيا، ويصفون الفلسطينيين بالحيوانات البشرية. ولا يمكن القبول بالقتلة وبوجود مكتب اتصال لهم في المغرب، لأنه أمر غير طبيعي ولا يستقيم.

المغرب الذي يؤكد باستمرار أن موقفه من دعم القضية الفلسطينية ثابت وملموس ولا يخضع للمزايدات والشعارات. المغرب الذي يشارك في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، للتخفيف من معاناة سكان القطاع، مطالبٌ بإغلاق ما يسمى “مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط” و”التحرك بسرعة وعلى أعلى المستويات واتخاذ المواقف اللازمة والحازمة لردع العدو الصهيوني الجبان والغادر، ووقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا في غزة وفلسطين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News