سياسة

عودة العلاقات مع “البوليساريو”..خبير يُفكك أسباب تغيّر الموقف الكولومبي

عودة العلاقات مع “البوليساريو”..خبير يُفكك أسباب تغيّر الموقف الكولومبي

أثار قرار كولومبيا إعادة الاعتراف بـ”الكيان الوهمي” في تندوف، على إثر استقبال الرئيس الكولومبي الجديد، غوستافو بترو، لمحمد سالم أولد السالك، مسؤول العلاقات الدولية بـ”البوليساريو”، موجة تساؤلات داخل الأوساط السياسية، بخصوص هذا التغير المفاجئ في عودة هذا البلد لمناصرة الجبهة الانفصالية، وعما إذا كان هذا التغيير مرتبطا بضعف يقظة الدبلوماسية المغربية.

وفي وقت يرى فيه مراقبون ومتابعون لملف الصحراء، أنه لا يمكن اعتبار خطوة استقبال الرئيس الكولومبي، لأحد عناصر الجبهة الانفصالية، بمثابة اعتراف بالجمهورية الوهمية، يرى محللون أن هذا الأمر لا يعفي الدبلوماسية المغربية و على رأسها وزارة الخارجية من المسؤولية، لاسيما أن في ظل غياب تنسيق واستراتيجية تواصل دائم من الجانب المغربي مع الاحزاب اليسارية في تلك الدول.

وفيما لم يصدر لحد الساعة أي موقف رسمي من الجانب المغربي، بشأن هذا اللقاء الذي أثار جدلا واسعا على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، قال المحلل السياسي والخبير في شؤون الصحراء، أحمد نور الدين، ، إنه يتعين التمهل قبل اصدار حكم نهائي في الموضوع، لأن استقبال الرئيس الجديد لكولومبيا غوستافو فرانسيسكو بيترو لاحد زعماء جبهة “البوليساريو” الانفصالية، لا يعني بالضرورة إعادة الاعتراف بجمهورية تندوف الوهمية.

اديولوجية الحركات اليسارية

وأوضح نور الدين، في حديثه لـ”مدار21″، أنه ” اذا تأكد الأمر، فسنكون أمام ظاهرة تميز “الجمهوريات الموزية”، التي تغير مواقفها “كما يغير الواحد منا جوارب حذائه”، مسجلا أن هذا السلوك يهين الدولة المعنية بسحب وإعادة الاعتراف قبل غيرها، لأن العلاقات بين الدول ليست لعبة معارضة وأغلبية، وإنما هي التزامات الدولة بكل مؤسساتها.

وذكر الخبير في القضايا الدولية، أن الحكومة الكولومبية، كانت قد أصدرت مذكرة تدعم فيها الموقف المغربي منذ بضع سنوات، كما أن البرلمان الكولومبي كان قد أصدر  عدة قرارات تدعم الوحدة الترابية للمملكة.

واعتبر نور الدين أنه “لمحاولة فهم ما جرى، فإن الرئيس الجديد الذي تم تنصيبه يوم 7غشت الجاري، كان عضوا في الحركة المسلحة المعروفة باسم M19،  وهي محسوبة على اليسار الراديكالي، بل كانت تعتبر “حركة إرهابية” نفذت عمليات اختطاف وقتل وتفجير وتخريب ضد الحكومة الكولومبية قبل أن تلقي السلاح سنة1989 وتنخرط في العمل السياسي.

وأوضح أنه من هذه الزاوية، هناك تعاطف لدى الحركات اليسارية خاصة الراديكالية في أمريكا اللاتينية عموما مع الجبهة الانفصالية بسبب “البروبكاندا الجزائرية” التي قلبت الحقائق حول قضية الصحراء المغربية من مشروع حركة انفصالية إلى مشروع حركة تحررية.

وشدد نور الدين، على أن ذلك ” لا يعفي مسؤولية وزارة الخارجية المغربية ولا الأحزاب المغربية كذلك، وغياب تنسيق واستراتيجية تواصل دائم من الجانب المغربي مع الأحزاب اليسارية في تلك الدول، لأن تلك الحركات لو علمت أن الانفصال في الصحراء “مشروع امبريالي”، لكان التعاطف مع المغرب وليس العكس، نظرا للتاريخ الاستعماري لإسبانيا في أمريكا اللاتينية، ونظرا للصراع الوجودي لليسار عموما مع الامبريالية والدول الاستعمارية.

مسؤولية الدبلوماسية المغربية

ومن جهة، أكد نور الدين، أنه لو تواصلت الدبلوماسية والأحزاب المغربية بفعالية مع الأحزاب في كولومبيا وأمريكا اللاتينية بنجاعة وفعالية واستمرارية  لانقلب السحر على النظام الجزائري،  لأن الكثير من  الأحزاب اليسارية لازالت تحت تأثير البروبكاندا ولا تعلم الطبيعة الدكتاتورية والعسكرية للنظام الجزائري الذي انقلب عدة مرات على صناديق الاقتراع، كما قتل الجنرالات ربع مليون جزائري في العشرية السوداء.

وسجل المحلل السياسي، أنه يستحيل أن تضع تلك الأحزاب اليسارية في كولومبيا وكل أمريكا الجنوبية يدها في يد نظام ديكتاتوري عسكري يتحكم في المشهد السياسي من خلال واجهة مدنية كشفها الحراك الشعبي الجزائري.

وتابع، “لكن مع الاسف، لازلنا نتعامل بمنطق موسمي او “التويزة”، وننتظر وقوع الفأس في الراس لنتحرك لإطفاء الحرائق، لم نستفد من دروس الماضي سواء في السويد عام 2015 او في دول أخرى كثيرة.”

وأشار نور الدين، إلى أن هناك مجموعة صداقة بين البرلمان المغربي ونظيره الكولومبي، أوضح أنه  لو كانت تشتغل بشكل منتظم وليس بشكل فلكلوري مناسباتي، كغيرها من مجموعات الصداقة البرلمانية، لاستطعنا استباق هذا الأمر”.

واعتبر  أنه لا يمكن إلغاء مسؤولية الدبلوماسية المغربية التي لم تكن لها القدرة  على استشراف نتائج الانتخابات، رغم أن حزب الرئيس الجديد كان قد دخل منذ عدة سنوات في التحالفات الحكومية وأصبح القوة السياسية الثالثة في كولومبيا.

وأشار إلى أن أن جزءا من الخلل يقع في غياب تنسيق دائم ومؤسساتي بين الخارجية المغربية والأحزاب السياسية في المغرب، لأن الأحزاب من نفس المرجعية اليسارية كان يمكنها تصحيح المفاهيم، كما فعلت حكومة اليوسفي مع العديد من الدول ومنها الشيلي.

سحر البروبكاندا الجزائرية

وأبرز أن هذه الأحزاب لها القدرة على إبطال سحر البروبكاندا الجزائرية بطريقة أكثر نجاعة من الدبلوماسية الرسمية، ولكان هناك جدار عازل قد يصل إلى درجة تهميش للدبلوماسية الحزبية، ولا نلجأ إليها إلا لإطفاء الحرائق، كما فعلت “خارجيتنا الموقرة” خلال الازمة مع السويد، حيث لجات إلى وفد من الاحزاب ذات المصداقية على المستوى الدولي للتواصل مع أحزاب السويد التي كانت قاب قوسين او أدنى من الاعتراف بجمهورية تندوف.

واعتبر الخبير في شؤون الصحراء، أن هذا الأمر يقودنا إلى  طرح سؤال “البروفايل” السياسي للسفراء وإلمامهم بتفاصيل القضية الوطنية، وقدرتهم على الحجاج السياسي والمرافعة والاقناع، وشروط أخرى منها الكاريزما والمستوى الثقافي والقدرات التواصلية، وغيرها.

وخلص نور الدين، إلى  أنه “لا يمكن نقضي على الأفعى ما لم نحطم رأسها”، وسجل أن هذه المعارك الجانبية ومنها لعبة الاعتراف وسحبها، -وبغض النظر عن البروبكاندا الرهيبة ودبلوماسية البترودولار الجزائرية-، “ستبقى تهدد المغرب ما لم يتم التركيز على أم المعارك، ويتعلق الأمر -بحسب نور الدين- بطي الملف في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة، وهي لجنة تصفية الاستعمار التي أدخل المغرب إليها ملف الصحراء منذ 1963، وآن الأوان لإغلاقه في نفس اللجنة بالتصويت على توصية تؤكد مغربية الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News