مأساة “آيت عميرة” تعيد للواجهة ملف النقل غير الآمن للعاملات الزراعيات

أعاد حادث سير مأساوي وقع صباح الأحد 21 شتنبر 2025 بجماعة آيت عميرة، التابعة لإقليم اشتوكة آيت باها، النقاش حول استمرار معاناة العاملات والعمال الزراعيين مع وسائل النقل غير الآمنة، إذ خلف الحادث مصرع عاملتين زراعيتين وإصابة 18 آخرين بجروح خطيرة، في ظروف تعكس هشاشة واقع هذه الفئة التي تساهم بشكل أساسي في سلسلة الإنتاج الفلاحي، لكنها ما زالت تؤدي كلفة غياب نقل يحفظ كرامتها وسلامتها.
هذا الحادث أعاد إلى الأذهان تساؤلات قديمة ظلّت دون أجوبة عملية، وهو ما دفع خالد الشناق، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، إلى توجيه سؤال شفوي آني، حول “استمرار مآسي النقل غير الآمن للعاملات والعمال الزراعيين”.
الشناق ذكّر في سؤاله بأن الموضوع سبق أن طُرح قبل أكثر من سنتين عبر سؤال كتابي إلى وزارة الفلاحة، بعدما رصد خطورة النقل غير اللائق الذي يُستعمل يومياً لنقل آلاف العاملات والعمال نحو الضيعات الفلاحية، وما ينتج عنه من حوادث مأساوية، إلا أنه ورغم تعهدات الوزير السابق بالعمل على معالجة الإشكال ضمن مقاربة مندمجة تضمن شروط السلامة والصحة، إلا أن الوضع – بحسب النائب البرلماني – لم يعرف أي تغيير ملموس على أرض الواقع.
وفي ضوء حادث آيت عميرة الأخير، تساءل عضو الفريق الاستقلالي عن التدابير العاجلة التي تعتزم الوزارة اتخاذها، بتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية، لوقف هذه المآسي المتكررة، مطالبا بالكشف عن مآل الإجراءات التي سبق أن التزمت بها الوزارة، خاصة ما يتعلق بتأهيل وسائل النقل وتوفير بدائل تحترم شروط السلامة.
ولم يتوقف السؤال عند ذلك، بل امتد إلى مساءلة الحكومة حول نيتها مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي بما يضمن مراقبة صارمة لعمليات نقل العمال الزراعيين.
الملف لم يطرح لأول مرة، إذ سبق لمحمد الصديقي، وزير الفلاحة السابق، أن أجاب في أبريل 2024 على سؤال كتابي في الموضوع، مؤكداً أن العاملات والعمال الزراعيين يشكلون “حلقة أساسية في الإنتاج”، مما يستوجب تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، وضمان الحماية الاجتماعية وشروط الصحة والسلامة في العمل، بما فيها النقل من وإلى الضيعات.
الصديقي أوضح حينها أن مسألة النقل الزراعي تُعد قضية ذات طابع تركيبي، تتداخل فيها قطاعات متعددة، منها التشغيل والفلاحة والداخلية والنقل والتجهيز، مؤكداً أن وزارته تعمل وفق مقاربة مندمجة لتأهيل هذا المجال.
كما أشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية “الجيل الأخضر” أولت اهتماماً خاصاً بالعنصر البشري، وأن من بين مقترحاتها “إحداث بورصة لليد العاملة” في المناطق الفلاحية لتسهيل عملية النقل. غير أن تنزيل هذا المشروع ــ حسب تصريحه ــ يظل رهيناً بانخراط باقي السلطات والهيئات المعنية، وتوفير وسائل نقل ملائمة تراعي معايير السلامة، إضافة إلى مراجعة بعض النصوص القانونية المنظمة.
غير أن مرور أكثر من سنة على هذا الجواب الوزاري، ثم وقوع حادث آيت عميرة الأخير وحوادث أخرى، يطرح أكثر من علامة استفهام حول بطء تنزيل الإصلاحات الموعودة.