اقتصاد

الجواهري يكشف وصيته بعد 23 سنة ببنك المغرب ويرفض كتابة مذكراته

الجواهري يكشف وصيته بعد 23 سنة ببنك المغرب ويرفض كتابة مذكراته

تحدث والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري عن مساره على رأس المؤسسة ومستقبله، قائلا “بالفعل، لقد قضيت 23 سنة على رأس بنك المغرب، وعمري اليوم أصبح متقدماً. يتعلق الأمر بالتعيين، حيث تم تعيين مجلس لمدة ست سنوات، والولاية الخاصة به شارفت على نهايتها. فالمجلس بأكمله الذي أترأسه تنتهي ولايته في نهاية دجنبر 2025”.

وتابع الجواهري، خلال تفاعله مع أسئلة الصحافة، خلال ندوة أعقبت انعقاد مجلس بنك المغرب، أمس الثلاثاء، أنه “عند حلول هذا الموعد، فإن الأمر حينها يعود إلى الملك محمد السادس ليُعيّن من يشاء ويجدد المجلس كما يراه مناسباً”.

أما بخصوص كتابة مذكراته، قال الجواهري “أنا لست من أولئك الذين يكتبون مذكراتهم. لن أكتب مذكراتي. أعتبر أن في الحياة مسارات يمر بها الإنسان، ومهام يؤديها، وما يهمني شخصياً هو أن أؤدي مهامي بضمير حي، وأن أكون قد خدمت وطني، وأن أكون على الأقل بأقل قدر ممكن من المؤاخذات. هذا ما سأحتفظ به معي. أما ما تبقى، فالحياة مجرد مرحلة عابرة”.

وفي سياق غير منفصل، أورد والي بنك المغرب في ختام الندوة الصحفية: “قضيت 23 سنة في منصبي الحالي، لكن في الحقيقة فقد مرّ عليَّ ما يقارب 63 سنة في الخدمة العمومية، وهذا يمنحني فرصة لأن أشارككم نصيحة أعتبرها في غاية الأهمية، لأنها مستخلصة من تجربة طويلة عشتها عن قرب”.

وأردف الجواهري “أولاً، فيما يتعلق بالتشغيل، عندما نقول إن المهمة الأساسية للبنك المركزي، وفقاً لقانونه الأساسي، هي ضمان استقرار الأسعار، فأنا مقتنع تماماً، من خلال تجربتي سواء في الحكومة أو في البنك المركزي، بأن هذه هي أفضل مساهمة يمكن أن يقدمها البنك المركزي للاقتصاد الوطني وللتشغيل”.

وواصل المتحدث نفسه أنه “حين يكون هناك استقرار في الأسعار، سواء كنتَ مستثمراً أو مُدخراً أو مستهلكاً، يمكنك أن تضع مشروعك وتدخر أو تستهلك وأنت مطمئن أن قيمة العملة التي بين يديك لن تتدهور. انظروا إلى قيمة الدرهم المغربي، فبكل صراحة، عندما أعود من تونس أو مصر أو حتى الأردن، أزداد يقيناً بأن سياسة الدرهم القوي التي اعتمدناها وحرصنا على أن تعكس قيمته الخارجية حقيقة الأسس الاقتصادية للبلد، دون مبالغة في تقييمه أو العكس، كانت أفضل مساهمة نقدية نقدمها”.

وأبرز أن “التضخم يلتهم مباشرة قيمة العملة وقيمة القدرة الشرائية. كما أنه يرفع كلفة الاستثمار بشكل كبير، خصوصاً حين يتعلق الأمر بتمويلات أو مشتريات من الخارج. ورغم ذلك، نحن نواصل دعم الاقتصاد عبر إعادة تمويل البنوك دون سقف محدد، لأننا نثق في أن هذا التمويل موجه لنشاط اقتصادي سليم. وعندما أقول إننا نشتغل على ميثاق خاص بالمقاولات الصغيرة جداً (TPE)، فهذا جزء من دورنا في مواكبة النمو والتشغيل”.

واستدرك الجواهري أن نصيحته هي أنه “يجب الانتباه إلى أن الحفاظ على التوازنات الأساسية يظل أمراً جوهرياً، لأن أي إخلال بها لن ندفع ثمنه نحن فقط، بل ستتحمله الأجيال المقبلة، وبكلفة باهظة. ولهذا فإن استقلالية البنك المركزي مسألة مبدئية. ومن هنا أقول إن ترامب يخطئ كثيراً، لأنه ينظر فقط إلى المدى القصير، لكن العواقب تعود على المدى الطويل”.

وأورد “لقد رأينا في السبعينات والثمانينات كيف أدى التضخم الجامح في الولايات المتحدة إلى انتهاج بول فولكر سياسة نقدية صارمة لمحاربته، لكنها تسببت في بطالة هائلة. وهذا ما يحصل عندما يُعتقد خطأً أن تشغيل الدولة يمكن تمويله مباشرة عبر البنك المركزي. لذلك يتضمن القانون الأساسي لبنك المغرب منعاً صريحاً لإقراض الدولة مباشرة”.

وتابع الجواهري “أقول لكم عن تجربة، حين تجلس للتفاوض بشروط غير مقبولة، فإن أول ما تخسره هو كرامتك”، مضيفا “لن أنسى أبداً، عندما بدأت عملي في هذه المؤسسة سنة 1962، أنه في 1964 واجهنا أزمة، وكنت شاباً في بدايات مساري. أُتيح لي أن أشارك قليلاً في مفاوضات صندوق النقد الدولي آنذاك. وأتذكر جيداً رئيس البعثة، وكان إنجليزياً يُدعى ميروين، وهو يفرض شروطاً صارمة بخصوص الاحتياطيات الإلزامية وغيرها، فيما يشبه ما نسميه (شروط الخزيرات)”.

وأضاف الجواهري “دخلت على المحافظ الأول لبنك المغرب آنذاك سي الزغاري وأنا متوتر، وقلت له إن هذه الشروط غير معقولة. فطلب مني الهدوي وقال لي المثل المغربي (لي ما عندو سيدو مول الفلوس سيدو”، وهؤلاء هم أصحاب المال وبالتالي “فلنحافظ على كرامتنا، لكن بالحكمة”.

وانتهى الجواهري إلى أنه “لحسن الحظ، هناك سلطة عليا تسهر على ترسيخ هذه الحكمة، وعلى حماية التوازنات الماكرو-اقتصادية للبلاد. وهذا أمر بالغ الأهمية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News