اقتصاد

أعمارة يستشعر تهديد آلية الكربون الأوروبية لصادرات المغرب ويدعو لمفاوضات عاجلة

أعمارة يستشعر تهديد آلية الكربون الأوروبية لصادرات المغرب ويدعو لمفاوضات عاجلة

كشف عبد القادر أعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، خلاصات رأي المجلس حول تأثير آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي على المبادلات التجارية مع المغرب، الذي تم إعداده في إطار إحالة ذاتية، مؤكدا وجود تأثير على الاقتصاد الوطني والمصدرين المغاربة على الصعيد المتوسط، داعيا إلى إحداث آلية وطنية للمواكبة، وصندوق لدعم المقاولات، إضافة إلى فتح مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لاعتماد النظام الوطني للتحقق من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وأشار أعمارة، خلال ندوة صحفية لتقديم خلاصات الرأي، اليوم الأربعاء، إلى أن “هذا الموضوع يكتسي أهمية آنية وهيكلية بالنسبة للصناعات التصديرية الوطنية، نظرا لكون الاتحاد الأوروبي يعتبر الشريك التجاري الأول للمملكة المغربية، ولما سيرتب عن تفعيل هذه الآلية مع مطلع السنة القادمة (يناير 2026) من تداعيات على تنافسية الصادرات الوطنية، وبالتبع على قدرة المقاولات الوطنية على التكيف مع التحولات الجارية في السياسات المناخية والبيئية العالمية.

ولفت رئيس المجلس إلى أن الأثر المباشر لتفعيل هذه الآلية بالنسبة لبلادنا على المدى القصير “يظل محدودا نسبيا”، ويعزى ذلك إلى أن “حصة الصادرات المغربية المعنية لا تتجاوز 3.7 في المئة من إجمال المبادلات مع الاتحاد الأوروبي، 2,9 بالمئة منها تخص الأسمدة، كما أن الصناعيين الخاضعين لهذه الآلية هم في معظمهم مجموعات كبرى بادرت إما إلى إطلاق استراتيجيات لخفض بصمتها الكربونية أو أنها تتوفر على الإمكانيات التي تمكنها من الالتزام بالمعايير الأوروبية”.

واستدرك اعمارة “غير أن هذا الوضع قد يتغير لاحقا إذا ما قرر الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق تطبيق الآلية على المدى المتوسط ليشمل منتجات إضافية وكذا الانبعاثات غير المباشرة والمنتجات المصنعة، وهو ما قد يترتب عنه اتساع قاعدة الصادرات المغربية الخاضعة لآلية الجمركية، وما سيكون له من انعكاسات على القدرة التنافسية لقطاعات رئيسية في اقتصادنا الوطني من قبيل صناعة السيارات والفلاحة والسياحة وصناعة الطيران”.

وأردف المتحدث نفسه أن هناك توجها لدى بعض شركاء المغرب لاعتماد آليات كربون مماثلة، وهو ما من شأنه أن يزيد من حدة الضغوط على الصادرات المغربية ويؤثر على مستويات تنافسيتها في أسواق أخرى خارج الاتحاد الأوروبي.

وأفاد أعمارة أنه حسب الفاعلين الذين تم الإنصات إليهم “ما تزال هناك تحديات رئيسية ينبغي رفعها لضمان تكيف النسيج الصناعي الوطني على النحو الأمثل مع متطلبات هذه الآلية”، مفيدا أن “عددا من الأوراش المهيكلة المرتبطة بالانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون في أفق الوصول إلى الحياد الكربوني، من قبيل توسيع نطاق الولوج إلى الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة وتقليص الاعتماد على الطاقات الأحفورية ذات الانبعاثات المرتفعة، لاتزال في حاجة إلى تسريع وتيرة تنفيذها بما ينسجم مع متطلبات التنافسية التي تفرضها الآلية المذكورة”.

وأردف أن “كلفة تحديث أدوات الإنتاج لدمج حلول منخفضة الكربون ما تزال مرتفعة حسب الصناعيين الوطنيين، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالخصاص المسجل في الموارد البشرية والخبرات المتخصصة في مجال قياس انبعاثات الغازات الدفيئة”.

وأكد المجلس الاقتصادي على “أهمية اعتماد مقاربة مندمجة ومنسقة تمكن من تعزيز جاهزية المصدرين الوطنيين بشكل فعال للمتطلبات التي تفرضها الآلية الأوروبية، وتسريع إزالة الكربون من القطاعين الطاقي والصناعي، كما تشمل المقاربة تعبئة التمويلات اللازمة وتعزيز القدرات التقنية والمؤسساتية لبلادنا، مع تطوير التعاون الإقليمي والدولي مع شركائنا التجاريين. ويتمثل الطموح في تمكين المملكة المغربية من التموقع كقاعدة لصناعة وتصدير المنتجات منخفضة الكربون، بما يتوافق مع التزاماتها الوطنية.

وأوصى المجلس، وفق أعمارة، بإحداث آلية وطنية لمواكبة تنفيذ آلية تعديل الكربون الأوروبية تضم جميع المؤسسات المعنية لضمان تنسيق الجهود وسرعة التفاعل مع التطورات المستقبلية لهذه الآلية، مقترحا أن يرأسها القطاع الحكومي المعني أكثر بهذا الموضوع.

ودعا المجلس إلى إحداث صندوق خاص لدعم ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما تلك المُصدرة للاتحاد الأوروبي، بهدف التخفيف من كلفة إنجاز حصيلة انبعاثاتها الكربونية وفق متطلبات الآلية الأوروبية، ودعم استثماراتها الموجهة إلى إزالة الكربون من أنماطها الصناعية.

وأوصى “مجلس أعمارة” بإحداث مسارات تكوينية متخصصة لتطوير الكفاءات في احتساب الحصثيلة الكربونية على المستوى الجامعي والتكوين المهني والتكوين المستمر، إضافة إلى ضرورة تسريع استخدام الطاقات المتجددة على الصعيد الوطني وضمان ولوج جميع المقاولات إلى الكهرباء الخضراء.

ودعا إلى تسريع الانتقال إلى الغاز الطبيعي لفائدة الصناعة المعنية بالآلية بهدف تقليص اعتمادها على الطاقة الأحفورية عالية الانبعاث، مفيدا أن الغاز الطبيعي هو من المصادر الأحفورية لكنه أقل تلويثا من المصادر الأخرى.

وأكد المجلس، ضمن توصياته، على ضرورة التعجيل بمباشرة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن الحصول على الاعتماد الأوروبي للنظام الوطني للتحقق من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بآليات تعديل الكربون بما يتيح للمصدرين الاستفادة من هيئة وطنية معترف بها من الاتحاد الأوروبي ويسهم في تخفيض تكاليف التحقق.

وأشار عبد القادر أعمارة، خلال تقديم التوصيات، إلى ضرورة إنجاز دراسات معمقة حول تأثير أدوات تسعير الكربون المختلفة قصد استباق انعكاساتها على الاقتصاد الوطني وتنافسية الصادرات المغربية.

وعلى المدى المتوسط، دعا المجلس إلى دراسة إمكانية تطوير نظام وطني لتداول حصص الكربون بهدف إزالته من القطاع الطاقي والصناعي، مع إحداث آلية للتعديل على الحدود خاصة بالمغرب على غرار آلية الاتحاد الأوروبي، بما يضمن تنافسية متكافئة، ثم أخيرا تعزيز التعاون المغربي الإفريقي لتطوير قدرة تفاوضية إقليمية مشتركة للدفاع عن البلدان الإفريقية ذات الانبعاثات المنخفضة والتفاوض بشأن الاستفادة من المعاملة التفضيلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News