تربية وتعليم

الذكاء الاصطناعي.. خطر صامت على عقول الأطفال في قلب الثورة الرقمية

الذكاء الاصطناعي.. خطر صامت على عقول الأطفال في قلب الثورة الرقمية

‎ في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا بخطى غير مسبوقة، دخل الذكاء الاصطناعي حجرات الدرس دون استئذان، وأصبح جزءا من حياة الأطفال والمراهقين بشكل طبيعي ويومي، ولم يعد إنجاز الواجبات المدرسية أو فهم درس معقد يتطلب ساعات من البحث أو التفسير، بل يكفي سؤال بسيط يطرح على برامج ذكية مثل “ChatGPT” لتأتي الإجابة جاهزة، دقيقة، وسريعة.

هذا التحول الرقمي غير ملامح التعلم، وجعل المعرفة في المتناول أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، يطرح هذا التقدم تساؤلات جدية في الأوساط التربوية حول أثره العميق على النمو الفكري للمتعلمين، وعلى علاقتهم بالتفكير، وبالجهد، وبالذات.

وفي هذا السياق، يؤكد مهدي عامري، الخبير في الذكاء الاصطناعي والتواصل الرقمي، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن تأثير هذه الأدوات على المتعلمين هو تأثير مزدوج، يتراوح بين “الإمكانات الهائلة والمخاطر العميقة”، إذ يرى أن هذه الوسائل قد تعزز حب الاطلاع، وتوسع المدارك، وتحفز مهارات الكتابة والبحث، خاصة إذا استخدمت في إطار تربوي موجه وواع.

وأردف أن “المشكلة لا تكمن في الأداة ذاتها، بل في طبيعة الاستخدام”، مشيرًا إلى أن “الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون تأطير نقدي قد ينتج جيلا متلقيا، يكتفي بالأجوبة الجاهزة، ويهمل التفكير العميق والاستقلالية الذهنية”.

وشدد عامري على أنه في وقت تنتج الآلة تنتج إجابات، فإن الإنسان ينتج أسئلة، وهنا يكمن الفرق الجوهري بين التلقين والتفكير”.

ويؤكد أن المعرفة وحدها لا تكفي “الأطفال لا يحتاجون فقط إلى المعرفة، بل إلى أن يتعلموا كيف يسألون، وكيف يخطئون، وكيف يجادلون، وهذه كلها مهارات لا تنشأ من مجرد التفاعل مع أدوات ذكية، بل من بيئة تعليمية تحفز النقد، وتقدر الخطأ، وتشجع على الحوار”.

وأكد الخبير في الذكاء الاصطناعي والتواصل الرقمي أنه “حين نربي أبناءنا على أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلا عن عقولهم، بل مساعدا لهم على اكتشاف الذات والعالم، نكون بصدد تكوين جيل ناقد، مفكر، مبدع”، مستطردا “أما حين نهمل هذا التوجيه، ونتركهم يستهلكون المحتوى دون مساءلة أو تمحيص، فإننا نخاطر بتنشئة عقول هجينة، مسلعة، فاقدة للبوصلة”.

ويرى مهدي عامري أن الرهان التربوي اليوم “لم يعد بين الآلة والإنسان، بل بين الفكر السطحي والفكر النقدي”، مشددا على أنه “علينا أن ننتصر في هذا الرهان لأبنائنا، لا أن نحرمهم من هذه الأدوات، بل بأن نمنحهم البوصلة لاستخدامها بوعي ومسؤولية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News