الترجمة جسر الصين بالعالم العربي

في واحدة من تجليات الأدوار التي تضطلع بها الترجمة في تعزيز الحوار الحضاري بين الشعوب، تقدم المشاركة الصينية بمعرض الرياض الدولي للكتاب المقام حاليا تحت شعار “الرياض تقرأ”، تجربة فريدة تعكس فرادة هذه الأداة اللغوية باعتبارها جسرا حضاريا بين الصين والعالم العربي.
فمن خلال كتب مترجمة من العربية إلى الصينية والعكس، معروضة في رواق الصين وباقي دور النشر المشاركة من هذا البلد بمعرض الرياض، يفتح القائمون على المعرض باب التواصل الفكري والإنساني والعلمي بين الحضارتين العربية والصينية العريقتين، تماما مثلما يفتح أمام للقارئ السعودي والعربي نوافذ على المنجز الصيني في الفكر والعلم والأدب، بما في ذلك أبرز الأعمال الأدبية الصينية إلى العربية.
وتتيح زيارة الرواق الصيني للزائر الاطلاع على المنجز الذي تحقق في إطار واحد من برامج الترجمة من الصينية إلى العربية والعكس، وهو “مشروع النشر الصيني السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة” الذي تم توقيع برنامجه التنفيذي بين الطرفين سنة 2016، ومن ذلك الترجمة الصينية لأعمال أدبية من قبيل “غراميات شارع الأعشى” لبدرية البشر، و”العصفورية” لغازي القصيبي، و”مدن تأكل العشب” لعبده خال.
وفي تعليقه على تجربة توظيف الترجمة أداة للتواصل بين الصين والعالم العربي، أكد الناشر الصيني رامي هـ. كوانغ، مدير فرع إحدى كبريات الشركات الصينية المتخصصة في الطباعة والنشر والإنتاج الإعلامي، يوجد مقره بالإمارات العربية المتحدة، أن اللغة العربية تضطلع بدور متنام بوصفها جسرا يربط بين الحضارتين الصينية والعربية، ولا سيما في سياق مبادرة “الحزام والطريق”.
وأوضح كوانغ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الاستراتيجية أسهمت في تعزيز التبادل الثقافي والاقتصادي والدبلوماسي بين الجانبين بشكل كبير، مشيرا إلى أن تعليم اللغة العربية في الصين شهد نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، بما يجعل منها أداة أساسية لتعزيز التعاون المشترك.
وأضاف أن تظاهرات كبرى مثل معرض بكين الدولي للكتاب ومعرض الرياض الدولي للكتاب تشكل منصات لتبادل ثقافي قوي بين الطرفين، حيث تشهد حضورا واسعا للأعمال العربية المترجمة إلى الصينية، خصوصا تلك التي تعكس تاريخ العالم العربي وثقافته وواقعه المعاصر، مبرزا أن هذه الترجمات تتيح للقراء من الجانبين فهما أعمق لقيم وأفكار الطرف الآخر.
كما أبرز الدور الذي تضطلع به جوائز الترجمة التي تطلقها عدد من دول الخليج تشجيعا على ترجمة الأعمال العربية والصينية، مشيرا إلى أن دور النشر والمؤسسات الثقافية الصينية تنشط، من جانبها، في ترجمة الأدب الصيني إلى العربية، مما يعزز التبادل الثقافي الثنائي.
وعن التعاون بين الناشرين والمترجمين في الصين والعالم العربي، يؤكد كوانغ أنه يشهد تطورا متزايدا، تعكسه مشاريع الترجمة المشتركة التي جعلت الأدب العربي أكثر حضورا لدى القارئ الصيني، وأفسحت المجال لترجمة العديد من الأعمال الأدبية الصينية إلى اللغة العربية.
وفي معرض حديثه عن التبادل الثقافي بين الصين والمغرب، أكد كوانغ أن هناك اهتماما متزايدا بالأدب المغربي في الصين، بل إنه تمت ترجمة بالفعل بعض الأعمال الكلاسيكية المغربية إلى اللغة الصينية، مؤكدا أن تعميق التبادل الثقافي بين البلدين أتاح فرصا جديدة للتعاون بين الكتاب المغاربة ودور النشر الصينية لتقديم الثقافة المغربية إلى الجمهور الصيني.
وخلص كوانغ إلى التأكيد على أن مشاريع الترجمة والتعاون الثقافي بين الصين والعالم العربي، بما في ذلك المغرب، تمثل رهانا حقيقيا على بناء جسور جديدة للفهم المتبادل والتقارب الإنساني عبر اللغة والأدب.
ويعد معرض الرياض الدولي للكتاب من أبرز التظاهرات الثقافية في المنطقة العربية، إذ يشكل منصة رئيسية للنشر والتأليف والترجمة وملتقى للمفكرين والأدباء والناشرين.
وتندرج هذه التظاهرة التي تتواصل إلى غاية 11 أكتوبر الجاري، ضمن استراتيجية هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية الهادفة إلى جعل الثقافة رافعة للتنمية المجتمعية والاقتصادية، وتعزيز حضور المملكة الثقافي إقليميا ودوليا في إطار رؤية السعودية 2030.
وتقدم هذه الدورة من المعرض التي تحل عليها جمهورية أوزبكستان ضيف شرف، عروضا ثقافية وفنية متنوعة، فيما يشمل البرنامج أكثر من 200 فعالية بين ندوات وأمسيات شعرية وورش عمل وعروض مسرحية وموسيقية. كما يضم المعرض فضاءات للأطفال ومنطقة للأعمال ومنصات لتوقيع الكتب.