ثقافة

هل مُصطلحات “شلح” و”بربري” إهاناتٌ عُنصرية؟

هل مُصطلحات “شلح” و”بربري” إهاناتٌ عُنصرية؟

يوجه نشطاء بالحركة الأمازيغية سهام النقد، في الآونة الأخيرة، لبعض المصطلحات الشائعة من قبيل “شلح” و”بربري”، مُستندين في ذلك على كون الفعل “شَلَح” في اللغة العربية يعني تجرد الشخص من ملابسه، ما يدل على أن هذا المصطلح إهانة في حق الأمازيغ تستوجب الكف عن استخدامه أو التوصيف به.

بيد أن الكاتب والأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، جمال بندحمان، يرى أن معطيات تاريخية تُظهر أن عبارات “شلح” و”بربري” ليست بإهانات في حق من يوصفون بها كما يدعي بعض المنتمين للحركة الأمازيغية، مُحذراً من أن البعض “يجتثون نصوصاً من التاريخ ويقدمونها مبتورة عن سياقاتها السياسية والتاريخية”.

وفي قراءته للمُصطلحين، أفاد أستاذ السيميائيات خلال مروه ببرنامج “تنوير21” على منصة “مدار21″، بأن مُصطلح شلح استخدمه العالم المغربي الراحل المختار السوسي في ستينيات القرن الماضي، حيث وردت عبارات “إشلحي” و”تشلحيت” في نصوصه وكان يستخدمها بدون حرج، “ألم يكن علامة كالمختار السوسي يعرف بأنها تحمل معاني قدحية؟ هذا المعطى يدل على أن المصطلح وارد من الأمازيغية نفسها وليس من العربية”.

وتابع بندحمان “البعض قد يدعي أن المختار السوسي كان من الذين غُرر بهم، ولكن الثابت هو الرجل كان عالماً وعارفاً باللغة العربية، وكذا بتشلحيت التي هي واحدة من اللغات الأمازيغية بحكمه انتمائه لمنطقة سوس”.

واستدل بندحمان على عدم انطواء المصطلح على أي كناية عُنصرية كذلك بأن العديد من المغاربة في الزمن الراهن يحملون لقب “الشلح” أو “أوشلح” وغيرها دون حرج؛ “لأنها لا تعدو أن تكون تحديداً لانتماء جغرافي وللهجة معينة من لهجات المغرب”.

وبخصوص كلمة “بربر”، التي نالت حظها هي الأخرى من النقد؛ لاسيما وأن كلمة شبيهة بها في اللغات اللاتنية تعني “الهمج” أو “المتوحشين”، استدل صاحب رواية “محنة ابن اللسان” على خلوها هي الأخرى من كناية قدحية بمؤلَّف تاريخي شهير عنوانه “مفاخر البربر” متسائلاً: “هل من يبتغي الإهانة يتحدث عن المفاخر؟”.

وحذر بندحمان من قيام بعض المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي باجتثاث نصوص تاريخية، مع بترها من سياقاتها وتقديمها لمتلقين لا يملكون القدرة على مناقشتها، مما قد يؤدي لإشعال الفتنة ويهدد المجتمع المغربي بالبلقنة.

“التاريخ لا يقدم حقائق ثابتة؛ التاريخ يخضع للتأويل وفقا لأهداف وأحيانا لأهواء المؤول أو المؤرخ، وعلى المثقف أن يحذر الوقوع في نقل قضاياه وأهوائه، التي تخضع لأطروحات متضاربة، للمجتمع الذي قد لا يحسن التعامل معها”؛ يضيف بندحمان.

وخلص إلى أن المجتمع المغربي ملتحم ويعيش تعدده الهوياتي بين العربية والأمازيغية دون عقد، “بدليل أن مناطق كثيرة ناطقة بلسان عربي دارج على غرار بعض قبائل الشاوية كمزاب توجد بها دواوير تسمى مثلا “دوار الشلوح” أو “أولاد قبوش”، مما يبرز أن هذه النزعات هي مجالات جدال نخبوي لا شعبي.

“لسنا ضد أن يكون للمجتمع رأي في الموضوع أو في مواضيع أخرى، ولكن على الآراء أن تكون مؤسسة على معطيات علمية وعلى معرفة لا على الأهواء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News