أمازيغية

رهان برادة على تعميم الأمازيغية بـ50 في المئة خلال 2026 يُغضب أساتذتها

رهان برادة على تعميم الأمازيغية بـ50 في المئة خلال 2026 يُغضب أساتذتها

لم تمر المذكرة الوزارية الخاصة بتحضير الخريطة التربوية للموسم الدراسي المقبل دون إثارة الجدل في صفوف أساتذة اللغة الأمازيغية بعدما حددت “مذكرة برادة” وصول نسبة التعميم إلى 50 في المئة، معتبرين أن “هذه الأرقام تشكل استهتاراً بلغة رسمية وخرقا للقانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيعية”.

وفي إطار الاستعدادات القبلية لإطلاق الموسم الدراسي المقبل، تراهن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على إتمام مسلسل تعميم اللغة الأمازيغية لتصل إلى 50 في المئة في السلك الابتدائية، وهو ما لم تستسغه أساتذة “تمازيغت” في المدارس العمومية.

وأشارت المراسلة ذاتها أن “الوزارة الوصية أصدرت مراسلة تحت عدد 25/0712، بتاريخ 3 مارس 2025، بشأن التحضير للخريطة التربوية للموسم الدراسي 2025-2026، في ظل تراجعات خطيرة التي يشهدها ملف تدريس اللغة الأمازيغية”، متسغربةً “مواصلة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم الابتدائي، تماشياً مع المذكرة الوزارية رقم 028/23، الصادرة في مايو 2023 ورهانها أن تصل نسبة تغطية المؤسسات التعليمية في هذا السلك إلى 50 في المئة”.

وأمام هذه النسبة التي لم تستسغها تنسيقية أساتذة اللغة الأمازيغية حول التعميم، سجل أساتذة “تمازيغت” أن “هذا يعد استهتاراً باللغة الرسمية للبلاد، وتغييباً ممنهجا لها في السلكين الثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي، رغم ما ينص عليه القانون التنظيمي للغة الأمازيغية”.

واعتبرت التنسيقية ذاتها، في بيان، أن “الحكومة، ممثلة في وزارة التربية الوطنية، لا تتقن سوى الترويج لأرقام وإحصائيات مبالغ فيها، لا تعكس الواقع”، مسجلةً أن “هذا ما يؤكد عجزها عن تفعيل الخطابات الملكية، والقوانين التنظيمية ذات الصلة، واكتفائها بانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام، في زمن التبجح بالديمقراطية، والعدالة، والإنصاف والمصالحة، ومغرب العهد الجديد”.

وانتقدت التنسيقية “تنصل الحكومة، وعبرها وزارة التربية الوطنية، من جميع التزاماتها تجاه إنصاف اللغة الأمازيغية والقطع مع سنوات المنع والإقصاء”، مبينةً أن “الوزارة عبر مذكرتها أظهرت تعنتها، واستمرارها في نهج سياسة الآذان الصماء، في التعامل مع كل ما يرتبط بملف تدريس اللغة الأمازيغية، في بلادنا، سواء تعلق الأمر بمؤسسات الريادة، أم مباراة تدريس أبناء الجالية المغربية بالخارج”.

ولفتت الوثيقة، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن “التنسيقية الوطنية لأساتذة اللغة الأمازيغية قد واكبت هذه الخروقات وسجلتها”، مؤكدةً أنها “عازمة على فضح كل التجاوزات والتلاعبات التي تطال ملف تدريس اللغة الأمازيغية”.

وذكَّرت التنسيقية بـ”مراسلة أساتذة اللغة الأمازيغية بكل من رئاسة الحكومة والوزارة المكلفة بالقطاع، لتنبيههم إلى الهوة العميقة بين الخطاب الرسمي، والواقع الكارثي لتدريس اللغة الأمازيغية داخل المدارس المغربية، وكذلك إلى الإقصاء الممنهج لأساتذة المادة من العدة التربوية، والمنحة المخصصة لمدارس الريادة، مذكرة بأن أساتذة اللغة الأمازيغية ليسوا أساتذة احتياط، أو من الدرجة الثانية”.

ونددت الهيئة ذاتها بـ”الإقصاء غير المبرر للغة الأمازيغية من مباراة الترقية بالشهادة، في خرق واضح للدستور والقانون التنظيمي رقم 26.16″، مسجلةً أن “هذا الإقصاء يكرس التمييز ضد هذه الفئة من الأساتذة ويعرقل تفعيل طابعها الرسمي في المنظومة التربوية”.

وتطالب التنسيقية عينها بـ”تعميم اللغة الأمازيغية أفقيًا وعموديا، بما يتماشى مع مكانتها الدستورية وإدراجها في مختلف المشاريع الوزارية (مؤسسات الريادة مباراة تدريس أبناء الجالية المغربية بالخارج، إدماج الأمازيغية في السلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي…)”.

فيما يخص تعهد الوزارة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية خلال هذه السنة بـ50 في المئة، يعتبر ذلك مخالفاً للمقتضيات القانونية المنظمة للغة الأمازيغية، خاصة المادة 5 من القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. حيث ينص هذا القانون على أن اللغة الأمازيغية يجب أن تكون ضمن المواد الأساسية في التعليم بشكل تدريجي ومدروس، وبالتزامن مع توفير الإمكانيات اللوجستية والبيداغوجية اللازمة لذلك. تعهد الوزارة بتعميم تدريس الأمازيغية بهذه النسبة لا يتماشى مع التدابير الواضحة التي وضعها القانون التنظيمي، والذي يقتضي أفقاً زمنياً طويلاً من أجل تنفيذ هذا المشروع.

سارة الزبير، عضو التنسيقية الوطنية لأساتذة اللغة الأمازيغية، قالت إن “تعهد وزير التربية الوطنية بتوسيع إدراج اللغة الأمازيغية بعد دراسة إمكانيات مادية ولوجيستية وبيداغوجية قد يراه البعض مجرد هروب إلى الأمام”، مشيرة إلى أن “البحث المستمر في هذه الإمكانيات يعني تأجيل تنفيذ المشروع، في وقت يُنتظر فيه التنفيذ الفعلي دون مزيد من التلكؤ”.

وفيما يخص الإكراهات التي تستعجل حلاً في ملف أساتذة اللغة الأمازيغية، أوردت الزبير، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنها “تتقاطع بشكل كبير مع الإشكالات المرتبطة بتعميم تدريس الأمازيغية، سواء من حيث غياب الإرادة السياسية الحقيقية، أو من حيث غموض تعهدات الوزارة وافتقارها للوضوح الزمني والتنفيذي”، مسجلة أنه “رغم مرور أكثر من عقدين على إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، لا تزال نسبة تغطية تدريسها ضعيفة جداً، ما ينعكس على وضعية الأساتذة الذين يُكلفون غالباً بمهام خارج تخصصهم، في غياب تكوينات مستمرة، وتأخر في إصدار إطار قانوني خاص يضمن لهم استقراراً مهنياً ووظيفياً”.

وسجلت المتحدثة ذاتها أن “ربط تعميم تدريس الأمازيغية بدراسة الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبيداغوجية هو في حد ذاته مؤشر على استمرار التماطل، علماً أن القانون التنظيمي ألزم الدولة بتوفير هذه الشروط منذ سنوات، وليس الاكتفاء بتشخيصها كل مرة دون خطوات ملموسة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News