مجتمع

“قرعة ميريكان”.. موعد الشباب للحلم بمعانقة الهجرة إلى بلاد “العم سام”

“قرعة ميريكان”.. موعد الشباب للحلم بمعانقة الهجرة إلى بلاد “العم سام”

إذا أردنا أن نضع عنوانا يلخص أهم العبارات التي تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس السبت، فحتما ستتبارى عبارات “واش تقبلتي فقرعة أمريكا؟”، “مع الآسف، ماتقبلناش عاوتاني”، “اكون خير فالمرة الجايا” على الصدارة في اليوم الذي تجدد فيه تعلق آلاف المغاربة، خاصة من فئة الشباب، بحلم الهجرة إلى أمريكا.

وبمجرد انتشار خبر الإعلان عن نتائج قرعة أمريكا لسنة 2024، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور تتضمن نتائج القرعة العشوائية الأمريكية التي تمنح للذين تم اختيارهم “البطاقة الخضراء” وبالتالي الحصول على تأشيرة الهجرة إلى البلاد التي يحلم الكثيرون بالعيش فيها.

ويواظب معظم الشباب المغربي على المشاركة في القرعة الأمريكية بشكل سنوي، حيث يؤكد جلهم على أنها “فرصة ثمينة” لتحقيق الأهداف التي يطمحون إليها في “بلاد الأحلام” وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.

حلم “مشروع”

كريمة، شابة مغربية لم يحالفها الحظ في حجز مقعد مع من تم اختيارهم، تحكي لجريدة “مدار 21” عن دوافع مشاركتها في القرعة قائلة: “كشابة في مقتبل العمر وغير مستقلة ماديا، أجد أنه من الطبيعي أن أحلم ببناء حياة شخصية ومهنية في بلد تتوفر فيه فرص الشغل وظروف حياة أفضل”.

وتابعت مبررة أسباب تشبتها بالحصول على “الكرين كارط” أن “هذه قرعة عشوائية تمر في شفافية بعيدا عن الاحتيال والزبونية والمحسوبية، وبالتالي حظوظ النجاح فيها تبقى قائمة” موضحة أن من إيجابيات التسجيل في قرعة أمريكا “كونها وسيلة لكل الحالمين بالهجرة بطريقة قانونية وشرعية بكل أمن وآمان عوض اختيار طرق الهجرة غير الشرعية التي تعرض حياة معظم الشباب إلى الخطر والموت والنصب”.

ولم تستثن الشابة التي تتابع دراستها الجامعية في سلك الماستر تعلق عقول الكثيرين بالحلم الأمريكي بسبب تردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدة أن “الفكرة السائدة هي أن الهجرة إلى أمريكا تفتح أبواب الغنى وتحسين أوضاعنا المعيشية والمهنية وإعانة أسرنا على الخروج من الفقر والحاجة”.

ولدى سؤال “مدار 21” حول شعورها حينما تلمح عينها عبارة “لم يتم اخيارك” والتي تشتهر بعبارة “HAS NOT BEEN SELECTED”، أجابت الشابة التي يُرْفض طلبها للمرة الثالثة تواليا أنه “مدام الأمر يتعلق ببلاد الأحلام فلن أَمَّل أو أتذمر من رفض طلبي وسأستمر في التسجيل حتى يقبل طلبي”.

حلم يغديه الأمل

وفي تفسيره لتشبت الشباب ب”الحلم الأمريكي” رغم كون حظوظ تحقيق ذلك قليلة إن لم نقل منعدمة بالنظر إلى العدد الذي يتقدم بطلب الحصول على “البطاقة الخضراء” والذي يصل إلى الملايين عبر العالم، أوضح محسن بنزاكور، الأكاديمي المتخصص في علم النفس الاجتماعي، أن “الحلم والأمل لدى الشباب خاصة عندما يقترن هذا الأمل بما يروج له الإعلام الأمريكي عن طريقة العيش الأمريكية من بين أبرز العوامل في تشبت الشباب بهذه القرعة واعتقادهم أنها المخرج الوحيد من وضعيات معنية كالفقر أو بعض المآسي التي يعيشونها”.

وعن تحمل الشباب للخيبات التي تتكرر كل سنة رغم علمهم بأن فرصة الاختيار ضئيلة جدا، استحضر المتحدث ذاته “ألعاب الحظ التي يكون المدمنون عليها على علم أن واحد من ملايين المشاركين هو من سيفور، لكنه يقول: لماذا لا أكون أنا هو ذلك الفائز”.

واستحضر المتخصص في علم النفس الاجتماعي عواقب قضاء الشباب لكثير من الوقت في انتظار لحظة النجاح في الاختيار قائلا: “قد يؤدي هذا الانتظار إلى التكاسل والتحطم واليأس وفقدان الثقة في الذات والمجتمع وتسويف المستقبل في انتظار هذا الحظ الذي قد لا يأتي”.

تأثير “أمريكا الجاذبة”

من جهتها، اعتبرت الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، أن اشتداد رغبة الشباب في حلم الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرده إلى “عوامل الطرد من البلد الأصلي وعوامل الجذب للبلد المستقبل وهو في هذه الحالة أمريكا ونذكر على سبيل مثالها: امتياز جواز سفر الولايات المتحدة الأمريكية عن باقي جوازات سفر باقي البلدان وجودة الحياة التي يتم تسويقها على أنها مثالية”.

وأوردت المرابطي، التي تحدثت إلى “مدار 21″، تأثير “فكرة النجاح الاجتماعي التي يستمدها من لم يهاجروا بعد إلى أمريكا من أصدقائهم أو رفاق حيهم أو المهاجرين إلى أمريكا بصفة عامة عند عودتهم إلى المغرب خلال العطل من خلال ما يظهر عليهم من مظاهر العيش الكريم والغنى والصورة الوردية للحياة”.

واستدعت الباحثة في علم النفس الاجتماعي وهي تفكك الرغبة الجامحة التي تملأ صدور الشباب الحالم بالهجرة إلى أمريكا “مؤشر البطالة المرتفع في صفوف الشباب الحاصل على شواهد جامعية والذي يغدي النزوح إلى انتظار نتائج القرعة سنة تلو الاخرى، خاصة أن هذه القرعة تشترطالحصول على مستوى دراسي لا يقل عن شهادة البكالوريا”.

وعلقت المتحدثة ذاتها عن انتظار الشباب 12 شهرا لاختبار حظهم في الانضمام إلى المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأن “انتظار سنة لا يضيع على هؤلاء الشباب فرصا نظرا لقلتها إن لم نقل انعدامها في الأصل”، مستدركة أن “الحديث عن الاثر النفسي أو الإحباط يأتي حينما يرفض ملفاتهم بعدما تم اختيارهم للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News