سياسة

التعليم شَرارتُها.. هذه أسباب انتشار عدوى الاحتجاجات بالقطاعات العمومية

التعليم شَرارتُها.. هذه أسباب انتشار عدوى الاحتجاجات بالقطاعات العمومية

منذ اندلاع أزمة النظام الأساسي بقطاع التعليم، والمكاسب التي حصدتها الشغيلة التعليمية بعد احتجاجات دامت زهاء ثلاثة أشهر، بدا واضحا أن “العدوى” تتجه نحو قطاعات أخرى، والأمر الذي يرى المحلل السياسي محمد شقير أنه بالإضافة إلى كونه تنفيسا داخل المجتمع، يستدعي إصدار القوانين المنظمة للإضراب والنقابات، التي تعد من التحديات المهمة أمام حكومة عزيز أخنوش.

وفي تفسير الأسباب، ذهب شقير، في حديثه لجريدة “مدار21″، إلى أن الاحتجاجات “ليست جديدة في المجتمع المغربي، فهي تعبر دائما عن أزمات تعيشها مكونات وشرائح واسعة، خاصة فئات الطبقة الوسطى”، موضحا أن “هناك عدة عوامل أدت إلى تدني القدرة الشرائية لهذه المكونات، من أبرزها تداعيات كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع مهول بالأسعار الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية لهذه الفئات، إضافة إلى وَقع الجفاف”.

واسترسل شقير أنه “بمقابل هذه المعطيات لم تتخذ الدولة أي إجراءات لمساعدة هذه الفئات على مواجهة تدني قدرتها الشرائية، إذ لم تكن هناك أي زيادات في الأجور أو مساعدات هذه الفئات على مواجهة ارتفاع الأسعار، رغم الإجراءات المتخذة فيما يتعلق بالنقل وغيرها، لكنها لم تنعكس مباشرة على تكاليف المعيشة”.

شرارة التعليم

وتابع شقير أن هذا الأمر أدى إلى أن فئة التعليم استغلت فرصة النظام الأساسي والأخطاء التي ارتكبتها وزارة التربية الوطنية في إصداره من أجل الخروج إلى الشارع من خلال النقابات وأيضا التنسيقيات التي تكونت بشكل كبير لتعبر عن رفض ضعف وتدني القدرة الشرائية مما انعكس على توقف الدراسة بقطاع التعليم العمومي.

ولفت إلى أن هذا الأمر أدى إلى “تجاذبات ومفاوضات بين الوزارة والشغيلة التعليمية مما أجبر الدولة على الزيادة بأجور نساء ورجال التعليم، مما كان بمثابة الشرارة التي جعلت قطاعات أخرى، كانت تعاني من الوضعية نفسها، تخرج إلى الشارع لأنها أدركت بأن الضغط على الحكومة لا يتم إلا من خلال الاحتجاجات والإضرابات”.

وأبرز المحلل السياسي أن هذا الأمر “كان سببا في خروج قطاع الصحة أيضا ما أسفر عن تلبية مطالبه هو الآخر، مما يفتح المجال أمام قطاعات أخرى لترى أن التصعيد هو الطريق للضغط على الحكومة للزيادة بالأجور ما دامت تحاول دائما التقاعس أو تعطل عملية رفع الأجور أمام ارتفاع الأسعار”.

الطبقة الوسطى تحتج

وأوضح في حديثه لـ”مدار21″، أن تسارع هذه الاحتجاجات “يمكن أن يستمر إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات سريعة عبر زيادة أجور قطاعات اجتماعية، خاصة بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة عبر رفع دعم بعض المواد بصندق المقاصة وأبرزها غاز البوتان”.

وحول دلالات مبادرة هذه الفئات المنتمية للطبقة المتوسطة إلى الاحتجاج مقارنة بفئات أخرى، أفاد شقير بأن هذا “لا يعني أن باقي الفئات الاجتماعية غير متضررة، ولكن تفسيره أن هذه القطاعات هي الأكثر تنظيما والأكثر وعيا وإمكانية للتعبير عن المطالب، كما أنها أكبر من حيث العدد وتحتل مواقع مؤثرة داخل دواليب الدولة وقادرة على التأثير غبر قطاعات حساسة مثل التعليم والصحة اللذين يضمان أكبر عدد من الموظفين”.

وأشار المتحدث إلى أن هذه القطاعات أيضا “تتوفر على نوع من التمرس في العمل النقابي والمطلبي، ما يجعل هذه الفئات تظهر بالواجهة وتستطيع، بحكم معرفتها بالقوانين ودواليب الإدارة، إيصال صوتها إلى الرأي العام وتضغط على الحكومة”.

استمرار الاحتجاج

وبخصوص الأبعاد المستقبلية لهذه الاحتجاجات، يرى شقير أن الاحتجاجات “دائما ستبقى مستمرة”، مشددا على أن “المجتمع السليم هو الذي يعبر عن مشاكله بشكل علني، فأن تخرج هذه الاحتجاجات للتخفيف من الاحتقان أفضل من أن تبقى مخبأة حتى تنفجر في شكل انتفاضات أو غيرها”.

وأكد المحلل السياسي أن الاحتجاجات “تُعبر عن جانب عن الطابع المنفتح للدولة، وعن اللجوء إلى الطريق الحضاري والسلمي للتعبير عن المطالب”، مضيفا أن عدم وصول هذه الاحتجاجات إلى “التسييس بشكل من الأشكال وتوظيفها من طرف فرقاء أو غيره لتهديد استقرار الدولة، فلا يمكن أن تمنع من طرف السلطة خاصة في ظل وجود قوانين تؤطرها”.

وأورد أن ما ينبغي أن يكون أمام هذه الاحتجاجات وظهور التنسيقيات هو الإسراع بإصدار القانونين التنظيميين المتعلقين بالإضراب والنقابات، “حتى يتم تنظيم الإضراب والتحرك الاحتجاجي بالشارع العام وأن يكون كل طرف على إلمام بحدود تعاملاته ومطالبه، وهذا هو أهم تحدي يواجه حكومة عزيز أخنوش، إضافة إلى ضرورة تفعيل الحوار الاجتماعي وأن يكون بشكل ممنهج ودوري لاستباق الاحتجاجات قبل وقوعها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News