سياسة

تعديلات برلمانية تستهدف تقليص العتبة المطلوبة لتشكيل الفرق النيابية

تعديلات برلمانية تستهدف تقليص العتبة المطلوبة لتشكيل الفرق النيابية

يستعدّ مجلس النواب إلى إدخال تعديلات جديدة على نظامه الداخلي تسمح بتقليص عتبة تشكيل فريق نيابي، وهي الفكرة التي تبناها في وقت سابق حزب الأصالة والمعاصرة لتمكين حزب العدالة والتنمية من تشكيل فريق نيابي بالغرفة الأولى، في أعقاب نكسة نتائج انتخابات الثامن شتنبر التي هوت بـ”البيجدي” إلى أسفل الترتيب.

ومن المقرر أن يصادق مجلس النواب ضمن جلسة تشريعية يعقدها مطلع الأسبوع المقبل على التعديلات الجديدة لترتيب الآثار القانونية عى المواد التي رفضتها المحكمة الدستورية بشأن التغييرات الطارئة على النظام الداخلي للغرفة الأولى، حيث قرر المجلس العودة إلى الصيغ التي ينظمها النظام الداخلي الحالي، خاصة ما يتعلق بعلاقته مع الهيئات والمؤسسات الدستورية.

وحسب مصادر برلمانية تحدثت لـ”مدار21″، فإن مجلس النواب يدرس إمكانية إدخال تعديل جديد على نظامه الداخلي يفسح المجال أمام تقليص العدد المطلوب لتشكيل فريق نيابي من 20 إلى 12 نائبا برلمانيا، مؤكدة أن هذا المقترح الذي يزكيه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، يحظى بدعم أحزاب المعارضة التي رأت فيه خطوة لتعزيز تمثيلية الأحزاب داخل البرلمان.

وترى المصادر ذاتها بضرورة مراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب، وتقليص العدد المسموح به لتشكيل الفرق البرلمانية إلى 12 برلمانيا، معتبرة أن القرار سيسمح بحماية التعددية الحزبية، وسيمكن أكبر عدد من التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان من إسماع صوتها سواء داخل الأغلبية أو المعارضة، ويتعلق الأمر خصوصا بالنسبة لها بحزب العدالة والتنمية، الذي أشرف على تدبير الشأن الحكومي لولايتين متتاليتين.

وكشفت مصادر موثوقة لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، كان أول من اقترح فكرة تقليص العدد المطلوب لتشكيل الفرق البرلمانية، عبر إدخال تعديلات جديدة على النظام الداخلي لمجلس النواب.

يأتي ذلك، في ظل عدم تمكن حزب العدالة والتنمية من تشكيل فريق برلماني بمجلس النواب بعد حصوله على 13 مقعدا برسم تشريعيات شتنبر 2021، وذلك بالنظر إلى ما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب، على أنه “لا يمكن أن يقل عدد فريق نيابي عن 20 عضوا”، وهو ما دفع “بيجيدي” الذي كان يتوفر على أكبر فريق برلماني خلال الولاية التشريعية السابقة إلى أن ينتقل إلى مجموعة نيابية.

في غضون ذلك، أكدت المصادر ذاتها أن مجلس النواب قرر الإبقاء على نفس الصيغة السابقة لعدد من المواد التي رفضتها المحكمة الدستورية بمناسبة بتها في مدى مطابقة التعديلات المدرجة على النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، ويتعلق الأمر بكل من المادة 28 و86 و136 و258 و313 (الفقرة الأخيرة) و316 و321 (الفقرتان الأولى والثانية).

وضمن قرارها رقم قرار 209/23، اعتبرت المحكمة الدستورية في شأن المادتين 28 و136 غير المطابقة للدستور، أنهما أغفلتا قواعد تضمن تمثيل المعارضة البرلمانية بواسطة الفرق التي اختارت الانتماء إليها، في منصبي المحاسب والأمين بمكتب المجلس، ومن قواعد تحدد كيفيات تخصيص منصب رئاسة أو مقرر مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة، حسب الحالة، للمعارضة.

وترى المحكمة الدستورية، بخصوص المادة 86، أنها أدرجت “مجلس الجالية المغربية بالخارج”، ضمن اختصاص اللجنة الدائمة للخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية وشؤون الهجرة والمغاربة المقيمين في الخارج، وهو غير مطابق للدستور لما ينطوي عليه هذا الإدراج من تعميم.

وسجلت المحكمة أن المادة 258، التي تنص على أن “مكتب لجنة المالية والتنمية الاقتصادية يقوم بمبادرة منه أو بطلب من الحكومة ببرمجة اجتماع للجنة تقدم خلاله الحكومة عرضا بشأن إحداث كل حساب خصوصي للخزينة، أو فتح اعتمادات إضافية أو وقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمار”، فيها ما يخالف الدستور، إذ لا يتم ذلك إلا من طرف الحكومة كما ينص على ذلك القانون التنظيمي للمالية.

أما المادة 313 من النظام الداخلي للمجلس، فهي أيضا مخالفة للدستور بحسب المحكمة، حيث جاء فيها “يقصد بمفهوم السياسة العامة الخيارات الاستراتيجية الكبرى للدولة، والتي تكتسي بحكم طبيعتها ومداها صفة الشمولية والعرضانية..”، وقالت إنه، لئن كانت أحكام الفقرة الأولى من الفصل 69 من الدستور تقر استقلال مجلس النواب بوضع نظامه الداخلي، فإن ذلك لا يسوغ له الاستئثار بوضع تعريف للسياسة العامة، يتعلق بمجال يخص العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ لا ينبغي أن يتضمن النظام الداخلي ما يقيد الغير، دون سند من الدستور أو القانون.

وبينما تحدثت المادة 316 من النظام الداخلي عن جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، وقالت إن هناك حالتان، إما وجود سؤال واحد أو سؤالين، قالت المحكمة الدستورية إن الدستور تحدث عن “الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة”  بصيغة الجمع، وهو ما يعني ما زاد عن سؤالين في الجلسة الشهرية الواحدة، أي ثلاثة أسئلة فأكثر، مما تكون معه المادة 316 فيما نصت عليه من تضمن جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة لسؤالين محوريين في الأقصى، غير مطابقة للدستور.

المادة 321 (الفقرتان الأولى والثانية)، هي أيضا مخالفة للدستور، حيث نصت على أنه “تتألف لجان تقصي الحقائق من ممثل عن كل فريق ومجموعة نيابية..”، ثم “يتم اللجوء إلى قاعدة التمثيل النسبي في توزيع المقاعد المتبقية”، حيث أوضحت المحكمة الدستورية، أن المادة الخامسة من القانون التنظيمي المتعلق بتسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، نصت على أنه “يعين أعضاء لجان تقصي الحقائق من قبل مكتب المجلس المعني مع مراعاة مبدأ التمثيلية النسبية للفرق والمجموعات البرلمانية..” ما يعني أن اقتصار تطبيق مبدأ التمثيل النسبي على توزيع المقاعد المتبقية وحدها، يجعل المادة المذكور مخالفة للدستور.

هذا وأكدت المحكمة أن قرارها جاء بعد الاطلاع على النظام الداخلي لمجلس النواب، المحال إليها رفقة كتاب رئيس هذا المجلس والمسجل بأمانتها العامة في 2 فبراير 2023، عملا بأحكام الفصلين 69 (الفقرة الأولى) و132 (الفقرة الثانية) من الدستور، والمادة 22 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وذلك للبت في مطابقته للدستور.

كما يأتي القرار بعد الاطلاع على مذكرات الملاحظات الصادرة عن نواب غير منتسبين (نواب جبهة القوى الديمقراطية) وعن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية وعن رئيس الحكومة، المدلى بها، عملا بمقتضيات المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، والمسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 9 و14 و15 فبراير 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News