مجتمع

ممرضون وقابلات يطعنون في مشروعية توقيف أطر صحية بـ”مستشفى الموت”

ممرضون وقابلات يطعنون في مشروعية توقيف أطر صحية بـ”مستشفى الموت”

ما تزال ارتدادات الإجراءات الإدارية التأديبية في حق عدد من موظفي المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير (17 موظفا) تثير النقاش في الأوساط المهنية بقطاع الصحة، حيث انتقدت هيئات ممثلة لممرضي التخدير والإنعاش وفئة القابلات لجوء الوزارة إلى التوقيف الاحتياطي بدل إحالة المعنيين على المجالس التأديبية، متسائلة عن مدى شفافية تقارير المفتشية العامة التي بنت عليها الوزارة قرارات التوقيف.

وقررت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بداية الأسبوع الجاري توقيف 17 إطاراً صحياً متخصصاً بشكل احترازي، من بينهم 9 قابلات و4 ممرضي التخدير والإنعاش يعملون بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني، بناء على تقرير المفتشية العامة بالوزارة التي باشرت تحقيقاتها في وفاة 8 نساء حواء بـ”مستشفى الموت”.

ووصفت كل من الجمعية المغربية للتخذير والإنعاش والجمعية المغربية للقابلات وجمعية الجنوب للممرضين، في بيان مشترك، تقرير المفتشية العامة بأنه “تحقيقات إدارية غير مهنية، في منظومة صحية مهترئة منتجة للخطأ والخطر والموت والمتابعات الجنائية”.

وارتباطا بقرارات التوقيف، سجلت الهيئات المدنية المهنية استغرابها من التوقيفات الجماعية للأطر الصحية، لافتةً إلى أنه “كان بإمكان الإدارة إحالة الملفات على المجالس التأديبية دون اللجوء إلى التوقيف الاحتياطي”، متسائلة عن “كيف استطاعت وزارة الصحة، عبر مفتشيتها، إثبات أسباب الوفيات وعلاقتها المباشرة بأخطاءٍ مفترضة سمّتها هفوة خطيرة”.

وعلى المستوى المسطري، أشارت الوثيقة التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن هناك إمكانية إحالة نتائج التحقيقات على المحاكم الإدارية لتكييفها خطأ مرفقيا يستوجب التعويض من طرف الدولة، مؤكدةً أن أعمال التخدير والإنعاش والتوليد ترتبط بنظرية الخطر مهما كانت مهارة الممارس، وليس بالضرورة بنظرية الخطأ.

وأحال المصدر عينه على تصريحات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، حينما أكد وجود اختلالات بنيوية وتدبيرية بالمستشفى، ومن بينها عدم إخباره بحالات الوفيات الأولى، متسائلة: “لماذا لم تشمل التوقيفات المدبرين محلياً وجهوياً؟”، مؤكدةً أنه “نخشى ألا تلتزم الوزارة الحياد والشفافية في تقاريرها التي أوقفت بها الأطر الصحية، وألا تكون هذه التقارير موجهاً سلبياً لمسار القضية”.

وتساءلت الهيئات ذاتها “كيف ستعيّن وزارة الصحة محامين للدفاع عن موظفيها وهي من وضعتهم في مواجهة القضاء علماً أن القانون 09.22 المتعلق بالوظيفة الصحية (المادة 6) ينص صراحةً على حماية الموظف وتحمل المسؤولية عنه”.

وحذرت الهيئات المهنية عينها من الاستمرار في الضغط على مهنيي القطاع العام من خلال ساعات عمل غير ملائمة وتشريعات غامضة ومحاولات تحميلهم مسؤولية اختلالات المنظومة الصحية، مبرزةً أن هذا ما سيُضعف جاذبية القطاع ويهدد استدامته.

وتُلحُّ الهيئات المهنية لفئتي الممرضين والقابلات على التراجع عن التوقيفات الاحتياطية عن العمل، والإحالة على المجالس التأديبية وفق النصوص القانونية الجاري بها العمل، مشددة على “وقف الضغط على القلة القليلة الباقية في المصالح الاستشفائية، والالتزام بالقوانين التنظيمية، والقطع مع الأعراف التي تُغذيها سياسة الترهيب والتدليس”.

وتستعجل المصادر ذاتها الإسراع بإخراج لائحة الأعمال الخاصة بالمنتمين لهيئة الممرضين وتقنيي الصحة حسب التخصصات وإحداث برامج ماستر في العلاجات المتقدمة (تخصصي التخدير والإنعاش، والقبالة)، مع توفير الأرضية القانونية لعمل الخريجين.

ووجهت الجمعيات المهنية الموقعة على البيان المشترك المهنيين إلى توثيق جميع الأعمال التمريضية والقبلية (feuille d’anesthésie / partogramme) مع إخبار الإدارة بأي حالة مهنية تشكل لبساً قانونياً، والإلحاح على الجواب المعلل.

ودعت المصادر عينها إلى التدخل بكل مهنية في الحالات المستعجلة وتقديم العون والمساعدة في غياب الأطباء الاختصاصيين، بعد إخبار الإدارة، وذلك في حدود ما تلقاه المهني من تكوين نظري وتطبيقي، ما لم يخالف نصاً قانونياً صريحاً، في انتظار إنهاء “مصيدة” تنازع الاختصاص بين الممرضين والقابلات والأطباء.

وتابعت الجمعيات عينها أنه “إذا لم تستطع المنظومة الصحية في مدينة وسط المغرب (أكادير)، ورغم توفرها على أساتذة طب وأطباء اختصاصيين ومقيمين وأطقم تمريضية وقبالات، تحمل ضغط العمليات القيصرية، فكيف بقابلة تعمل وحدها في دار ولادة جبلية نائية، أو بممرض تخدير يفصله عن أقرب طبيب إنعاش مئات الكيلومترات؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News