مجتمع

محاكمة مسؤولين بملفات فساد تُعيد أزمة فقدان الثقة بالسياسة للواجهة

محاكمة مسؤولين بملفات فساد تُعيد أزمة فقدان الثقة بالسياسة للواجهة

تعيد التهم الخطيرة التي تلاحق السياسيين والشخصيات البارزة في ملفات الفساد أزمة ثقة المغاربة في السياسة إلى الواجهة، وتطرح تساؤلات عديدة بخصوص أسباب عزوف المواطنين المغاربة عن المشاركة السياسية.

في هذا السياق، أكد حمزة أعناو، فاعل سياسي، أن الأحداث التي يعرفها المغرب اليوم من فساد بسبب دخول بعض القادة السياسيين في مشاكل قضائية تتعلق بنهب الأموال العامة والاتجار في المخدرات، تزيد من عوامل فقدان المواطن الثقة في المكون السياسي، مشيرا إلى أن الفضائح المروجة عبر وسائل الإعلام تعطي صورة سلبية للمواطن المغربي تجاه الفاعلين السياسيين، واصفا تلك الفضائح بـ”غير الأخلاقية”.

وأوضح ضمن تصريح لجريدة “مدار21″، أن الطريقة التي تمارس بها السياسة بالبرلمان، وشعبوية الأحزاب السياسية بفعل مظاهرها الغريبة داخل البرلمان خاصة في تدخلاتها أدى إلى تمييع الممارسة السياسية التي تشكل سببا في العزوف السياسي.

وفسر المتحدث نفسه، تراجع عنصر ثقة المغاربة في المشاركة السياسية بسبب عدة عوامل، إذ يتجلى العامل الأول في فقدان الثقة بالفاعل السياسي خاصة حينما تزداد التساؤلات حول مصادر ثروته، وكيفية وصوله للمناصب، بينما يتمثل العامل الثاني في فقدان الثقة بالمؤسسات الحزبية التي تقود الانتخابات فقط، ولا تعطي صورة جيدة بخصوص الأعمال التي تقوم بها يوميا، مشيرا في هذه النقطة إلى غياب هذه المؤسسات في نشاطاتها التي يقتصر حضورها فقط على اختيار الشخصيات التي ستقود المسيرة الانتخابية، مردفا في نفس السياق العامل الثالث المتمثل في فقدان الثقة في الممارسة السياسية.

وشدد الفاعل السياسي، على وجوب قيام الأحزاب السياسية بدورها الجيد في الأحياء لتعزيز انخراط المواطنين في الحياة السياسية اليومية. قائلا:” من أسباب العزوف عن المشاركة السياسية أن هذه الأحزاب تختار فاعلين يخدمون مصالحهم الشخصية فقط ، وبالتالي فقدان المواطن الثقة في السياسة ككل”.

وأضاف “يجب إعادة النظر في النخب السياسية، وفي كيفية اختيار الأحزاب، إضافة إلى اعتماد معيار الكفاءة في توزيع المناصب السياسية”.

من جانب آخر، قال الباحث في العلوم السياسية، سعيد بركنان، أن الدولة فشلت في جميع المحطات السياسية المفصلية خاصة فترة الانتخابات بإقناع فئة عمرية محددة لتحمل مسؤوليتها في المشاركة ولو بمنطق “الكوطا” الذي خصص في فترة زمنية للشباب في مقاعد البرلمان.

واسترسل موضحا ضمن تصريحه لجريدة “مدار 21″، أن السبب في عدم قدرة الدولة على إقناع الشباب للخوض في تدبير الشأن العام والسياسي هو عدم القدرة على إقناعه بمصداقية العمل السياسي في بيئة غير مواتية لزراعة الفعل السياسي البعيد عن مؤثرات تجعل منه فعلا تابعا للفساد الذي يعرقل جميع محاولات الإقلاع السياسي والاقتصادي.

وأضاف أن الدولة أصبحت تقدم إشارات كثيرة بخصوص الإقلاع السياسي الجيد والاقتصادي السليم الذي يقتضي تنقية مسالك صناعة القرار من الفساد، مما سينعكس بالإيجاب على إعادة الثقة التي تتأسس عليها قيمة المشاركة السياسية حسب قوله.

وأوضح المتحدث نفسه أن الأحزاب يمكن كذلك أن يكون لها دور في تأثيث هذه البيئة بالفعل السياسي الذي يملك الثقة في الأحزاب، أولا ثم في الدولة ثانيا، مما سيدعم مشاركتهم السياسية “الضعيفة” التي تكاد تنعدم حاليا.

وتجدر الأشارة إلى أن غرفة الجنايات الاستئنافية العادية لدى محكمة الاستئناف بآسفي أحالت في وقت سابق ملفات 10 منتخبين بينهم برلمانيين ورؤساء جماعات من اليوسفية، بعدد من التهم الموجهة إليهم والمتعلقة بالفساد الانتخابي وتقديم رشاوي وإعطاء شيكات.

وأعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الأحد الماضي، أن قاضي التحقيق قرر إيداع 20 شخصا إلى السجن من أصل 25 شخصا جرى تقديمهم أمام النيابة العامة، في ملفات فساد من بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بتنفيذ القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News