فن

جرأة غير معهودة .. المسرح المغربي يقتحم الطابوهات المسكوت عنها

جرأة غير معهودة .. المسرح المغربي يقتحم الطابوهات المسكوت عنها

عاد المسرح المغربي في السنوات الأخيرة إلى الواجهة بمعالجات غير تقليدية، تعري واقعا اجتماعيا وثقافيا مليئا بالتناقضات، إذ بعدما اقتصرت معظم العروض المسرحية على اقتباس روايات فلسفية أو تناول قضايا إنسانية بعمق فكري، دون كسر حواجز الجرأة.

ويبدو أن مجموعة من المسرحيين قرروا النبش في الطابوهات المسكوت عنها، وملامسة مناطق شائكة في المجتمع، بأساليب فنية تمزج بين الكوميديا السوداء، والدراما النفسية، والتجريب الأدائي.

وفي الوقت الذي ظلت فيه الجرأة محصورة في الإنتاجات السينمائية، وابتعد عنها التلفزيون والمسرح، مكتفين بالتلميح بدل المواجهة الصريحة، تأتي أعمال مسرحية حديثة لتكسر هذا النمط، وتخلق جدلا واسعا حول مضامينها، بما تطرحه من مواضيع صادمة تمس بنية المجتمع، وتفضح اختلالاته الأخلاقية والاجتماعية.

ومن بين أبرز هذه الأعمال، تبرز مسرحية “لافاش”، التي تسلط الضوء على قصة اختفاء بقرة مستوردة تعود ملكيتها لأحد الأعيان، وهو الحدث الذي يهز قرية صغيرة، إذ مع اعتراف المتهم الرئيسي، المعروف باسم “بناقص”، بسرقة البقرة تحت وطأة التعذيب، تنقلب القصة رأسا على عقب بعد صدور تقرير الطبيب البيطري، الذي يقر بأن البقرة حامل منه.

وهذه المفاجأة تُفجر سلسلة من الفضائح، وتكشف عن علاقات مشبوهة ومصالح خفية، ليتحول الحدث العبثي إلى مرآة تعكس الفساد، والأنانية، والنفاق الاجتماعي العميق، إذ تسعى المسرحية، من خلال هذا الطرح الساخر والرمزي، إلى تفكيك الواقع الاجتماعي المغربي، وطرح سؤال أخلاقي مقلق في قالب يمزج بين الكوميديا السوداء والتجريب الفني.

وهذا العمل المسرحي من تأليف عبده جلال، وإخراج ودراماتورجيا عبد الكبير الركاكنة، وتشخيص أدوارها من قبل هند ضافر، وبوشعيب العمراني، وعبده جلال، وعبد الكبير الركاكنة.

وفي منحى أكثر صدمة، جاءت مسرحية “تخرشيش” لتتناول موضوعا شديد الحساسية، يتمثل في تناول قضية أب يعيش في غابة مع طفلتيه ويمارس عليهما الجنس، بإيهامهما أن هذا الأمر طبيعي في الحياة، لكن ابنته الكبرى تكتشف أن الأمر غير طبيعي عبر استماعها لبرنامج على أثير الراديو، لتتمرد على أبيها لاحقا، لكنه يهددها باستغلال شقيقتها الصغرى، مما يجعلها تستسلم له في النهاية.

المسرحية تذهب بعيدا في تصوير المأساة، إذ ينتهي المطاف بالفتاتين إلى قتل والدهما وتقديمه غذاء للخنزير، ليتكشف لاحقا أن الأب نفسه كان ضحية اغتصاب من قبل عمه في طفولته، وأنه يُعيد إنتاج العنف الذي تعرض له، متشبثا بفكرة أنه “أولى ببناته من غيره”، في رؤية مريضة تحاول “حمايتهن” من المصير ذاته.

وهذه المسرحية أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا بسبب لقطات اعتُبرت خادشة للحياء، لأداء الممثلتين ساندية تاج الدين وهاجر المسناوي لأدوار تتسم بالجرأة الجسدية، من خلال سلوكات ذات أبعاد جنسية مرفوضة اجتماعيا.

وكتب المسرحية عبد الفتاح عشيق سنة 2021، وتولت إخراجها لاحقا مريم الزعيمي، بينما شارك عشيق في العرض كمساعد مخرج. ويؤدي الأدوار كل من سعد موفق، وأيوب أبو النصر، وساندية تاج الدين، إلى جانب خريجين من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News