رأي

قراءة في اللقاء بين فراشين يونس والصحفي بلهيسي

قراءة في اللقاء بين فراشين يونس والصحفي بلهيسي

بالرغم من التوهج الذي يشهده الحراك التعليمي وإجماع كل مكونات الشعب المغربي على شرعية مطالب رجال ونساء التعليم، إلا أن أصحاب القرار في هذا البلد الغني بموارده البشرية ومؤهلاته الطبيعية والحضارية وعمقه التاريخي لهم رؤية أخرى لتدبير الأزمات. المتأمل في تصريحات بعض قيادات النقابات نكتشف مدى عمق الأزمة وهدر الزمن المدرسي والطاقات البشرية.

سأقف في هذه المقالة مع جزء من تصريح فراشين المسؤول النقابي الذي يحاور اللجنة الحكومية باسم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، في لقاء مع قناة مدار 21، يوم أمس 21 دجنبر 2023 ضمن برنامج موسوم ب “مع بلهيسي”، أجاب فراشين على سؤال معد البرنامج حول هل كانت هناك قضايا الخلاف بين اللجنة الحكومية فيما يتعلق بتعديل مضامين المرسوم المجمد؟ خاصة مضمون المادتين الأولى والثانية وهما مربط الفرس، فإما أن يكون هذا المرسوم ضمن قانون الوظيفة العمومية أو خارجه. فمعلوم أن المرسوم المجمد أثار جدلا واسعا بين فقهاء القانون، ذهب أغلبهم إلى اعتبار هذا المرسوم خارج قانون الوظيفة العمومية، يخبرنا فراشين في هذا البرنامج أننا اتفقنا مع اللجنة الحكومية حول صيغة المادتين الأولى والثانية ووقعنا في محضر يؤكد على أن هذا المرسوم سيكون ضمن قانون الوظيفة العمومية رقم 008.58.1 الصادر في24 فبراير 1958 ولكننا سننتظر النسخة الأخيرة ونعرضها للنقاش قبل المصادقة النهائية، يضيف أيضا لا يمكن الحديث عن إخراج موضفي قطاع التعليم عن الوظيفة العمومية الا بتعديل يمس بند في قانون الوظيفة العمومية يخص رجال ونساء التعليم كما وقع لقطاع الصحة. وفي معرض حديثه عن المادتين أشار إلى مسألة خطيرة وهي “أن الحكومة اقترحت صيغة أخرى للمادتين رفضناها” (كلام فراشين).

سبق وأن صرح نفس الزعيم النقابي لوسائل إعلامية مختلفة أن الحكومة أصدرت مرسوم مغاير تماما للمرسوم الذي اتفقنا عليه. وأشار إلى وجود أربعة نسخ لمشروع النظام الأساسي الخاص بقطاع التعليم كانت منتشرة قبل إصداره في الجريدة الرسمية يوم 09 أكتوبر 2023.

يطرح المتتبع للشأن التعليمي ببلادنا السؤال: ماذا تريد الحكومة من هذه المراوغة في الاستجابة للحقوق الأساسية للأساتذة؟ مطالب تتمثل أساسا في توفير بيئة سليمة للاشتغال وظروف عمل ملائمة والعدالة الأجرية بين القطاعات الحكومية. وهذا لن يتحقق إلا بوجود قانون يحدد بدقة الحقوق والواجبات ويمنع الشطط في استعمال السلطة ولا يفتح المجال أمام الممارسات التي تمس بالكرامة.

يبدو أن الحكومتين معا العلنية والظل تصران على صياغة مرسوم قانون نظام أساسي خاص بموظفي قطاع التعليم مماثل لما هو عليه في قطاع الصحة العمومية. تصور ذهبت فيه الحكومتين ببنيتيها السرية والعلنية، هذا ما نستشفه من تصريح الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم يونس فراشين “هناك جيوب من داخل وزارة التعليم تقاوم الاصلاح” كما أن الفلسفة التي أطرت قانون الوظيفة الصحية هي نفسها التي يراد لها أن تطبق في قطاع التعليم.

لفهم ذلك أكثر نرجع إلى ظهير شريف رقم 51-23-1 صادر في 9 ذي الحجة 1444 (28 يونيو 2023) بتنفيذ القانون رقم 22-09 المتعلق بالوظيفة الصحية خاصة الباب الثالث منه الذي يتضمن مبادئ وقواعد ولوج الوظيفة الصحية ونظام المسار المهني ينص في المادة 19 على ما يلي:

” يمكن، كلما اقتضت ضرورة المصلحة ذلك، اللجوء إلى التشغيل بموجب عقود، لمدة محددة قابلة للتجديد.

يتم هذا التشغيل عن طريق فتح باب الترشيح، ويمكن أن يؤدي إلى ترسيم المتعاقد.

تحدد شروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود وكذا الترسيم بنص تنظيمي يحدد كذلك فئات مهنيي الصحة المعنية.

تحتسب المدة المقضية كمتعاقد لأجل الترقي والتقاعد، في حالة الترسيم”.

يسود هاجس الخوف فئات عريضة من المجتمع من إقدام الحكومات على خوصصة القطاعات الاجتماعية والحيوية بالبلد خاصة قطاعي الصحة والتعليم، مما حتم على هذه الفئات التكتل في تنسيقيات هنا وهناك بعدما فقدت الثقة في العمل المؤسساتي والتغيرات التي شهدتها الحركات الاجتماعية وطنيا ودوليا. يصعب التنبؤ بما هو آت في زمن اللا يقين كما يسميه إدغار موران، لكن حركية التاريخ والتجارب الدولية وأمام الانتشار الواسع للإعلام البديل قد يجعل الأوضاع تغير موازين القوى بين قوى الخير وقوى الشر وأن معادلة الصراع لن تكون كما السابق، كانت تتسم بنوع من التوافق والتواطؤ مع فساد البنيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News