يتحكمون بقرار الوزارة “دون خبرة”.. هذه كتيبة “تقنوقراطيي” بنموسى لحسم معركة التعليم

بينما يزخر قطاع التربية الوطنية بكفاءات وأطر تربوية راكمت تجربة مهمة داخله، وخبرت عن قرب خبايا التعليم بالمغرب، جاء وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، إلى القطاع مصحوبا بكتيبة من “التقنوقراطيين”، الذين لا تربطهم علاقة بهذا الحقل الشائك، سوى علاقاتهم بالوزير، عبر محطات سابقة.
القاسم المشترك بين المهندسين والتقنوقراطين الذين استعان بهم بنموسى لتنزيل رؤيته الإصلاحية داخل القطاع؛ أن أغلبهم لا تربطهم صلة مباشرة بقطاع التربية الوطنية وافتقارهم للخبرة الكافية داخله، إضافة إلى اشتغالهم إلى جانب الوزير شكيب بنموسى داخل لجنة صياغة النموذج التنموي الجديد، التي كان يرأسها.
وتتمتع النواة “الصلبة” المحيطة ببنموسى بصلاحيات واسعة داخل القطاع، جعلت منها الآمر الناهي في كل صغيرة أو كبيرة تُقدِم عليها الوزارة منذ تنصيب شكيب بنموسى، في وقت توارى إلى الوراء عدد من المسؤولين البارزين داخل الوزارة، ممن راكموا خبرة طويلة، بدأت من تدريسهم داخل الأقسام وصولا إلى اضطلاعهم بمهام ومسؤوليات كبيرة.
جزء كبير من الأزمة التي دخلها قطاع التعليم، خاصة مع تنزيل النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، وما أعقبها من إضرابات واحتجاجات متواصلة، يرى متابعون أنه ناتج عن الرؤية التقنوقراطية للوزير بنموسى والمحيطين به، خاصة وأن قطاع تعليم قطاع اجتماعي مركب ومعقد يتطلب استحضار مجموعة من الأبعاد في معالجة مشاكله، خاصة تلك المتعلقة بالموارد البشرية.
وفي الوقت الذي يعرف قطاع التعليم مشاكل كبيرة بسبب تراكم فشل الإصلاحات وتعدد الفئات المتضررة التي ترفع مطالبها، يقرِّب بنموسى من دائرته أشخاصا لا خبرة سياسية أو نقابية كبيرة لهم، ما يؤشر على مزيد من الارتباك في علاقة الوزارة بالأساتذة، لا سيما بعد فشل مشاورات النظام الأساسي، التي امتدت لما يناهز سنتين، قبل أن يدخل رئيس الحكومة على الخط.
ويعد يونس سحيمي، الكاتب العام لوزارة التربية، أحد أبرز هؤلاء الذي يتمتع بصلاحيات واسعة، بعدما جاء مكان يوسف بلقاسمي، آخرها اتخاذه قرار تنفيذ الاقتطاعات من أجور الأساتذة المضربين من العمل، ما سبب في اشتعال الاحتجاجات أكثر. وجاء تعيين سحيمي بالمنصب بعدما كان مديرا سابقا بديوان نزار بركة عندما كان وزيرا للاقتصاد، إذ مارس هذا الأخير ضغوطات كبيرة في إطار التوافقات بين أحزاب الأغلبية من أجل تعيينه كاتبا عاما بالوزارة.
وكان سحيمي ينتمي إلى الاتحاد الاشتراكي عندما كان يشتغل بديوان أحمد الحليمي العلمي، وانتقل إلى حزب الاستقلال حيث اشتغل بديوان نزار بركة بوزارة الشؤون العامة، وبعدها مديرا لديوانه عندما أصبح وزيرا للمالية، وهو الأن من بين الشخصيات المؤثرة بقرار وزارة التربية الوطنية.
يوسف السعداني حساني، أحد هؤلاء المؤثرين أيضا، إذ يشتغل مستشار لوزير التربية الوطنية، مكلف بإعداد وتنزيل خارطة الطريق، في وقت ما زال يشغل منصب مسؤول عن أحد أقطاب صندوق الإيداع والتدبير، تفيد المعطيات أنه يترأس لقاءات إدارية يحضرها مدراء مركزيون ومدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بالرغم من ذلك لا يدخل باختصاصات المستشارين.
ويستمد السعداني قوته داخل الوزارة من كونه أحد الذين اشتغلوا إلى جانب بنموسى في صياغة النموذج التنموي الجديد، إذ كُلف حينها بإعداد محور إصلاح التعليم الوارد بتقرير اللجنة، وبلغت قوته درجة غير مسبوقة، إذ لا يتكلم أحد من الحاضرين بالاجتماعات، رغم مكانتهم، إلا بعد موافقته.
عائشة أقلعي، الصحفية سابقا ومسؤولة التواصل بوزارة التربية الوطنية، إحدى هؤلاء الذين جاء بهم بنموسى إلى الوزارة، بعد أن كانت مشرفة على قطب التواصل داخل لجنة النموذج التنموي، الذي كانت مهمته تدبير العلاقات مع وسائل الإعلام والاستماع إلى الرأي العام المعبر عنه عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتفيد المعطيات أن مهمة أقلعي داخل وزارة التربية الوطنية باتت تتجاوز مسؤوليات التواصل، إذ بات لها هي الأخرى كلمة قوية داخل الوزارة بحكم علاقتها بالوزير بنموسى، بينما يشتكي نساء ورجال التعليم، وممثليهم بالنقابات والتنسيقيات من ضعف كبير في التواصل، إلى جانب ما تنطوي عليه خرجات بنموسى من ارتباك غير مسبوق لدى من مروا بمسؤولية القطاع.
وإضافة إلى هذه الأسماء، توجد سناء الريسوني، وهي مكلفة بمهمة بديوان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وتتمتع هي الأخرى بمكانة قوية داخل الوزارة، إلى درجة تكليفها من الوزير بخرجات تواصلية لتوضيح مضامين خارطة الطريق لإصلاح المدرسة العمومية. وتحظى الريسوني بمكانة بارزة داخل وزارة التربية الوطنية، ما جعلها من الأسماء المحددة في قرار الوزارة، دون أن تكون قد راكمت خبرة طويلة داخل قطاع التربية الوطنية.
بحدة أقل، يبرز أحمد الجماني، وهو مدير بديوان وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، كأحد المؤثرين في صناعة القرار داخل الوزارة، بينما لا يحيل مساره على خبرة بوزارة التعليم، باستثناء كونه باحثا في علم الاجتماع متخصصا في الثقافة الحسانية ومهتما بالتنمية المجالية.
الرياح التي جاءت بالجماني إلى وزارة التربية الوطنية، هي نفسها رياح الجنة الخاصة بالنموذج التنموي التي كان ضمن أعضائها، قبل أن يصطحبه بنموسى إلى جانبه للوزارة، وهو الحاصل على الدكتواره في التاريخ من جامعة “باريس 1 السوربون” بفرنسا، واشتغل سابقا مكلفا بمهمة لدى رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، وكلف، ما بين 2013 و2015، بادارة التعاون الدولي ودعم المجتمع المدني بوكالة الجنوب.