حوارات | سياسة

ماء العينين: لا حلّ أمام الحكومة إلا مراجعة النظام الأساسي والسياق مناسب لقطع العلاقات مع إسرائيل

ماء العينين: لا حلّ أمام الحكومة إلا مراجعة النظام الأساسي والسياق مناسب لقطع العلاقات مع إسرائيل

دعت عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، آمينة ماء العينين، لقطع المغرب للعلاقات مع إسرائيل، معتبرة أن ما يحدث في غزة من اعتداء سافر على أهلها “سياق مناسب لذلك”. كما ترى ماء العينين في حوار مع جريدة “مدار21” الإلكترونية أنه لا حل أمام الحكومة الحالية وأمام احتجاجات رجال ونساء التعليم إلا أن تراجع النظام الأساسي المثير للجدل.

وفيما يلي نص الحوار كاملا:

بداية، ما تعليقك على ما يحدث في غزة؟

نحن في المغرب، كسياسيين وفاعلين حزبيين، في كل مرة نريد أن نتطرق لأمر، مهما كانت أهميته وأولويته في الشأن الوطني، إلا ونجد أنفسنا غير قادرين للنقاش حول مصالحنا الوطنية، ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي، وهي مشروعة، دون الإشارة لما يحدث في غزة.

ما يقع الآن لإخواننا وأشقائنا الفلسطينين في قطاع غزة فوق الوصف واليوم مرّ شهر وبضعة أيام على عملية “طوفان الأقصى” المباركة التي شنتها المقاومة الفلسطينية دفاعا عن الشعب الفلسطيني ودفاعا عن حقوقه المشروعة ضد التمادي في الغطرسة الصهيونية والاعتداءات السافرة على المسجد الأقصى والانتهاكات المستمرة وتزايد الاستيطان والقضاء العملي على إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

المقاومة الفلسطينية قامت بما كان يجب القيام به، في الوقت المناسب، دفاعا عن نفسها ومقاومة للاحتلال، وللأسف الشديد، بعد تلك العملية، تمادى الكيان الصهيوني الذي لم يكن ينتظر غير الإشارة في حرب فيها كل مواصفات الإبادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

كل التوصيفات التي تعطى للجرائم التي يتم متابعة أصحابها والمسؤولين عليها في محكمة الجنايات الدولية متوفرة اليوم فيما يقوم به الكيان الصهيوني، مدعوما للأسف الشديد من طرف قوى غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

العامل الذي انفلت في هذه الحرب الحالية، لأنها ليست أول حرب على قطاع غزة، هو هذا الضمير العالمي الذي أصبح ينتبه أنه كان ضحية مخدرة لسنوات طويلة من طرف الدعاية الصهيونية على مستوى الرأي العام الغربي، لذلك نحن اليوم نستبشر خيرا بكل هذه المظاهرات الضخمة التي تخرج في الدول الغربية وطبعا الدول العربية والإسلامية.

وعمليا ما قامت به المقاومة كسر وهم إمكانية أن يعتبر الكيان الصهيوني نفسه كيانا طبيعيا في منطقتنا لأنه سيظل مرفوضا ولا إمكانية لإقامة السلام معه، منذ 1993 (معاهدة أوسلو) إلى الآن لم يحصد الفلسطينيون وكل من آمن بالسلام مع هذا الكيان إلا الوهم.

ونحن نتابع ما يحصل لإخواننا في غزة، لا نملك، نحن كشعوب، إلا مواجهتها يالتظاهر والتعبير والنشر والتدوين، وطبعا نشعر بقلة حيلتنا أمام أطفال ونساء وشيوخ وشباب وبيوت تدمر وظلم واقع، إلا أننا نطلب الله أن ينصر إخواننا ويخفف معاناتهم ويحظوا بحقوقهم الكاملة والمشروعة حين جلاء الاحتلال، وهو ما سيتم إن عاجلا أم آجلا إن شاء الله.

هل تساندين مطالب قطع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل؟

ليست المرة الأولى التي يقيم فيها المغرب علاقات مع إسرائيل أو الكيان الصهيوني، وليست أول مرة يكون لديه مكتب اتصال إسرائيلي، بل كان في الرباط وتم إغلاقه في سياق كان مناسبا لذلك.

الآن أنا أعتبر أنه لا يمكن أن يكون أي سياق أنسب من هذا العدوان السافر وهذه الإبادة التي تتم لأشقائنا في فلسطين، ليكون سببا في إغلاق ما يسمى بمكتب الاتصال.

أنا أعتبر أن ما يحدث اليوم في غزة هو أكثر من مبرر وأكثر من حجة وداعي لنوقف أي نوع من العلاقات مع هذا الكيان الغاصب لأن السياق الذي كان يذكر دائما، خاصة وأنه كانت لدينا خصوصية في المغرب أن الاتفاق الثلاثي والذي تم توقيعه مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس إسرائيل، ارتبط بصالح القضية الوطنية، وكان فيه إضافة للبلاغ، المكالمة الهاتفية بين جلالة الملك وبين رئيس السلطة الفلسطينية والتي تكررت في أكثر من مناسبة في الخطاب الرسمي.

كل هذا يؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك اتفاق في مقابل حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في إيقاف الاستيطان والسير قدما لأجل تمكينه من دولة مستقلة يعيش فيها مثل بقية الشعوب، خاصة أن الفلسطينين هم أصحاب الأرض الحقيقيين والأصليين في مواجهة الاحتلال. وهذا غير متوفر اليوم، جاءت حكومة يمينية ومتطرفة ومتوحشة ومتعطشة للدماء، لا تنظر الفلسطينين على أنهم أصحاب أرض، بل تراهم أنهم ليسوا بشرا وأقل من الحيوانات ويجب الفتك بهم وإبادتهم.

وباعتبار القضية الفلسطينية أيضا أولوية السياسة الخارجية للمغربية، وهو ما تم التأكيد عليه رسميا، وهي في نفس مرتبة القضية الوطنية، هناك شروط ولم نوقع الاتفاق على بياض، لذلك لا يمكن أن نعطي لحكومة يمينية متطرفة ما تعتبره هي تطبيعا وهي لا تعطي أي شيء على أرض الواقع وتستمر في الاستيطان وفي إبادة مقومات دولة مستقلة. السياق اليوم يفرض على أن نقول لهم أنكم لا تلتزمون، فلا تنتظروا أن يلتزم أي أحد معكم وهم أصلا قوم لا يوفون بوعودهم عبر التاريخ وليس فقط اليوم.

نعم أنا من المطالبين بإغلاق هذا المكتب خاصة أن وضعيته كانت شادة وغريبة والشخص التي تم إرساله إلينا إهانة لبلد عريق ونظام عريق مثل المغرب، وسلوكاته وخرجاته الصبيانية وخفته التي يتسم بها كانت تؤكد أنه لا يصلح أن يبقى معنا وبينما، فاليوم الوقت حان لأن يعرف كل حجمه الحقيقي.

كيف تصفين الوضع الداخلي لحزب العدالة والتنمية في الوقت الحالي؟

أفضل بكثير من ما بعد انتخابات 8 شتنبر 2021، الحزب شرع في التعافي، لن أقول أنه تعافى كليا ولن أقول أنه استرجع قوته السياسية والداخلية بشكل تام، ولكن تم تنفيذ إجراءات كثيرة منذ تجديد قيادته بعد المؤتمر الاستثنائي بعد الانتخابات.

الحمد لله لم يتم القضاء على حزب العدالة والتنمية بالنظر لتلك النتائج والتراجع المهول والموقع الذي أريد للحزب أن يكون فيه، لأن الهدف عمليا كان هو إبادة الحزب والقطع مع وجوده السياسي.

الواضح اليوم ، ولأن الأحزاب في النهاية في نظام وفي نسق مثل النسق السياسي المغربي ليس دائما يتم تقييمها بنتائج الانتخابات، خاصة أننا نعرف كيف تمت الانتخابات الأخيرة ولكننا في المقابل لا نعرف أصحاب حملات الانتخابات، ما هي طبيعتهم وما هو حجمهم ومن هم وماذا يمثلون وماذا يقولون لسنا ندري.

الحجم الحقيقي لحزب العدالة والتنمية ليس 13 مقعد في البرلمان، لأنه حزب بتاريخ وبمناضلين ورصيد ومشروع وحضور سياسي وهذا ما لا يمكن أن ينتزعه منه أي أحد. يمكن أن نتلاعب كثيرا بالانتخابات ولكن لا يمكن أن نصنع وجودا سياسيا حقيقيا وإشعاعا ومصداقية لإحزاب لا تملكها.

ابن كيران لوح مؤخرا بإمكانية “اعتزال” السياسية.. هل يمكن اعتبار ذلك دليلا على أن الرهان عليه لعودة الحزب بعد الانتخابات الأخيرة لم ينجح؟

كعضو في الأمانة العامة للحزب، أشتغل إلى جانب الأمين العام الحالي، أقول لك “هادشي ماكاينش”.
الأمين العام الحالي منتخب من طرف المؤتمر وهو مستمر في أداء مهامه بما تلزمه به المسؤولية السياسية والأخلاقية في موقع الأمانة العامة. وأظن بأنه يبذل أكثر من جهده خاصة نظرا للحالة التي تسلم فيها الحزب.

ومن يقول بأن الرهان عليه لاسترجاع الحزب لم ينجح، لا أعرف مرجعيات التقييم في ذلك، فإذا كانت الانتخابات، والتي يمكن اعتبارها سياسيا بالمعنى الضيق معيارا لذلك ، فإننا لم نصل إليها بعد لكي لا نرى هل أصبح الحزب أفضل أو أسوء مما كان.

ابن كيران تحمل مسؤوليته بعد نتائج الانتخابات المفاجئة الوقت بكثير من الشجاعة السياسية، لأنه ليس من السهل على شخص كان رئيس حكومة وكان أمينا عاما وخلق خلال فترته إشعاعا كبيرا للحزب، يعني اجتاز امتحانه، أن يتحمل المسؤولية بعد النتائج الكارثية.
لست أدري هل هناك سياسيون ونخب حزبية تقبل تلك المسؤولية، لذلك كونه قبلها واستمر فيها فتلك شجاعة، وإلى الآن الحزب موجود ويؤدي أدواره، في موقعه وبإمكانياته، لكي لا نطلب من أحد أكثر مما يمكن أن يبلغه.

مواقف الحزب مواقف مشرفة ومواقف وطنية، ولا نتصرف من منطلق ما وقع لنا في الانتخابات ولكننا نتصرف من موقع مسؤوليتنا فقط “كنقولو نديرو اللي علينا” واللفظ الصحيح هو أننا نحاول قدر المستطاع.

هل نجح الحزب في دور المعارضة وفي أن يكون صوتا مزعجة للحكومة الحالية؟

الحديث عن المعارضة يستلزم الحديث عن أغلبية وعن وضع سياسي عادي.. بمعنى من سنعارض وكيف وماذا.
أين هي الحياة السياسة والحزبية الطبيعية، حيث كان من في الأغلبية يشعر أنه في أغلبية ونفس الشيء في المعارضة. اليوم نحن صامدون في الحياة السياسة لكي نقوم بأدوارنا ولكننا نشعر أننا في واقع غير مرضي بشكل مطلق.

طبعا هناك تحولات في العالم بأكمله وليس في المغرب والتي تساءل الوظائف التقليدية للأحزاب والنخب السياسية، بمعنى هل الأحزاب السياسية والنخب هي التي مازالت تؤطر بالنظر إلى ثورة مواقع التواصل الاجتماعي وظهور المؤثرين وحركية أخرى تفترض الكثير من المجهود الاجتماعي السيوسلوجي والنفسي لتحليلها أولا.

لا يمكن أن نستمر في توجيه اللوم للنخب والأحزاب على أنها لا تقوم بدورها، الواقع تغير وهناك مستجدات ولا يمكن أن تعيش فيها في نوستالجيات ويجب أن تكون عندنا القدرة على التحليل وقراءة المتغيرات في العالم.
طبيعة أدوار النخب السياسية التقليدية وطبيعة أدوار الحزب والجامعة والمؤسسات، التي كانت تقوم بالتنشئة والتأطير، لم يبق لها نفس القوة ونفس القدرة.
نحن الآن مازالنا نريد أن نقوم بمعارضة كما يجب أن تكون بمعاييرها التقليدية، ولكن ذلك لم يعد ممكنا. فما بعد 2021، من ستعارض؟ رئيس حكومة لا يملك خطابا سياسيا واضحا ولا عرضا سياسيا وحكومة تسمى في الاحتجاجات بحكومة “الديباناج” وعمليا تحس بأنها هذا ما تفعله (كتديباني) وتسد الثقوب في انتظار انفراج سياسي عام على مستوى البلاد.
وكذلك الواقع الاقتصادي والاجتماعي لا يبشر بالخير وأسوء من ذلك واقع سياسي محبط. أنظري للبرلمان كيف أصبح، وهذا ليس خطابنا نحن كحزب معارض بل خطاب إعلاميين ومهتمين.
الكل يعيش تراجعا كبيرا ونحن نحاول أن نقوم بوظيفتنا من خلال هذا الواقع الصعب والذي فيه أحزاب المعارضة المغربية، هل نجحننا في ذلك، لا شيء مطلق ولا يمكن أن نقول نعم، ولسنا راضين مائة بالمائة عن دور المعارضة، ومع ذلك نحاول أن ننبه من موقعنا وإمكانياتنا

بلاغ المعاصي.. زلة أن سوء فهم؟

أنا عضو في الأمانة العامة وليس من طبيعيتي أن أتهرب من مسؤوليتي السياسية. البلاغ صدر عن الأمانة العامة وأنا عضو فيها، إذن أنا أتحمل مسؤوليته.
من حيث الصياغة والمضمون، لا يمكنني أن أقول كشخص أنني متفقة مع ذلك الرأي الذي جاء في فقرة لخصت مداخلة الأمين العام، وذلك واضح.
في الصياغة والتعبير قد تكون هناك ملاحظات نعم، وعموما النقاش في الأمانة العامة دائما حاضر، ولا نتفق على كل شيء وحتى اذا اتفقنا نختلف في أحايين كثيرة حول الصياغة وهذا هو العمل المؤسساتي ولا يمكن أن تقوم أنت بنفسك بكل شيء، رأيا وتعبيرا وصياغة؟

من وجهة نظرك.. هل نجحت الحكومة في فرض نقاش صحي حول مشروع مالية 2024؟

نظمنا ندوة صحافية وكانت فيها مداخلة وازنة لإدريس الأزمي، وهو من خبراء الحزب في هذا المجال، وتقلد مهمة وزير منتدب في الميزانية سابقا، وقلت له مرارا أنه بالنسبة لي هو الوحيد الذي خرج وتحدث مع المغاربة على مشروع قانون المالية.
قضيت عشر سنوات في البرلمان، وكانت لحظة قانون المالية، لحظة تواصل وتأطير ونقاش بين النخب البرلمانية والحزبية والسياسية مع الإعلاميين الحاضرين.
أنا فاعلة سياسية وفي كثير من الأحيان، أجد نفسي لا أعرف كثيرا من الوزراء ولا ما يحدث، مرات فقط بالصدفة. لا بد أن تبذل مجهودا كبيرا لتبحث وتجد تفاصيل ما يحدث، لأن الحكومة لا تتواصل مطلقا، وإذا حاولت ذلك تسقط في إشكاليات، وهناك خفوت في تأطيرها للرأي العام وعدم قدرة على الوضوح في إجراءاتها.
عدد من الناس يسألنوني حول “البوطا” والدعم الاجتماعي وطريقة التسجيل للحصول على الدعم المباشر..أجيبهم بأنني لست أدري.

هناك عدم وضوح وارتباك كبير لدى الحكومة الحالية، بل وأكثر من ذلك في أحيان كثيرة يسجل أن هناك “خبث” من طرف الحكومة، وهو تماما مع فعلته في قطاع التعليم.
احتجاجات أسرة التعليم، ليست بسبب أنه صدر نظام أساسي غير مرضي، ولكن جاءت ردا على المقاربة الخبيثة وغير الأخلاقية للحكومة.
جدل النظام الأساسي الحالي نتج عن وعود كاذبة للحكومة منذ البداية، أولها الزيادة في الأجور، حين خرج رئيس الحكومة وقال إن هناك زيادة في أجور الأساتذة الجدد الملتحقين ليصل أجرهم ل7000 درهم، وأيضا وخلال الاتفاق مع النقابات في الحوار الاجتماعي، قالت الحكومة إن هناك زيادة عامة الجزافية في القطاع العام، هو ما جعل الناس ينتظرون أن تتساوى مع فئات أخرى تزاد ليها في الأجور.

وأيضا أطر الأكاديميات المتعاقدين، منذ أول يوم للحكومة ظلت تؤكد أن نهاية إشكالية التعاقد ستكون على يدها، عبر إزالة النظام الأساسي ل 2003 الخاص بموظفي التربية الوطنية ومعه الأنظمة الخاصة بأطر الأكاديميات 12 ودمجهم في نظام أساسي موحد، يجد فيه المتعاقدون أنفسهم فيه مدمجين مثل الموظفين، وفي نهاية المطاف صدر نظام أساسي خاص بموظفي قطاع التربية الوطنية وتم الاحتفاظ فيه بالموظفين وأيضا على أطر الأكاديميات المتعاقدين مع الأكاديميات.
الوعود الكاذبة جعلتنا نمس هيبة المؤسسات والعمل المؤسساتي الطبيعي، بدأ ذلك بامتحان الأهلية للمحاماة، حيث تم تنظيم امتحانين، فالمغاربة فهموا أن الاحتجاج المكثف وعدم التراجع عنه سيربك الحكومة ويجعلها تتراجع.
فبعد المحاماة وتدخل رئيس الحكومة، اليوم خرج النظام الأساسي مرسوم وصدر في الجريدة الرسمية ومباشرة بعد والاحتجاجات، باتت تتحدث الحكومة اليوم عن إمكانية التراجع.
ماذا تبقى لحكومة تتلاعب بالعمل المؤسساتي وبالقواعد والأعراف التي سارت عليها الدولة.. غدا سيتحتم علينا أن نتراجع عن قوانين وقرارات ومراسيم.

هذه حكومة عاجزة، وما يقولونه لها خلال المسيرات “ديكاج ديكاج حكومة ديباناج” هو تعبير معبر بالنسبة لي.

ما الحل الذي يمكن أن تلجأ له الحكومة لحل أزمة النظام الأساسي والتي باتت تتصاعد شيئا فشيئا؟

الحل يجب أن تطرحه الحكومة وتكون واضحة فيه، لأنها في كل مرة تحاول تضليل الرأي العام.بعد الاحتجاجات قالت إنها ستبعد وزير التربية الوطنية الذي باشر على إخراج النظام الأساسي وسيتدخل رئيس الحكومة ووزير آخر إنها “خلطات غريبة عجيبة”.
من المسؤول عن كل هذا؟ يمكن كبش الفداء هو الوزير بنموسى، لكنها مسؤولية الحكومة كاملة. والرواية الجديدة هي محاولة تحميل نساء ورجاء التعليم المسؤولية الأخلاقية لتوقف الدراسة لأبناء المغاربة بسبب الإضرابات.

إذن الحل يجب أن تجده الحكومة التي وعدت الناس وظللتهم بالكذب وكما يقال حبل الكذب قصير.
عمليا الحل أن تراجع النظام الأساسي وتضمنه الحقوق المشروعة لرجال ونساء التعليم لأنها تتحمل مسؤولية كل الزمن الدراسي الذي يهدر لأبناء الشعب.

هل هناك إرادة جادة لإنقاذ المدرسة العمومية وتأهيلها وتوفير تعليم ذو جودة وتعليم تكافؤ الفرص وتعليم الارتقاء الاجتماعي.. أنا أشك في ذلك خصوصا مع هذه الحكومة، والتي كان من الأفضل لها أن تسكت أو تشرح الإكراهات في البداية بوضوح، لأن المغاربة سيكونون أكثر تفهما ولكن يجب أن لا يتم التلاعب بهم وتقديم وعود لا يمكن تحقيقها.

هل هناك إنجازات للحكومة الحالية رصدها الحزب أم أن الصورة قاتمة بالنسبة لكم؟

دائما نطرح في الحزب نقاشا مفاده أننا نحن كمعارضة بناءة لحزب ترأس الحكومة لولايتين هل من مسؤوليتنا الأخلاقية أن نتحدث عن المنجزات وهذا ما نفعله بالمناسبة، حين نرى أمرا إيجابيا نشير إلى ذلك.

ولكن في نفس الوقت نحن حزب معارضةوالحكومة الحالية عندها الإمكانيات لتشتري كل آليات الدعاية لتحاول أن ترسم صورة إيجابية لنفسها، ولا تملك معارضة حقيقية في الشارع، لذلك لا يمكن أن نخصص نحن أيضا طاقتنا وإمكانيتنا لذكر الأمور الإيجابية التي أنجزتها الحكومة، يجب عليها أن تفعل هي ذلك.

الحياة الديمقراطية المفترضة تنص على أن أحزاب المعارضة يجب أن تقوم بدورها وهو التركيز على الاختلالات والتنبيه إليها، دائما من باب المصلحة الوطنية، ونحن نقدمها للتدارك والتصحيح.

من وجهة نظرك الشخصية.. ما هو الإنجاز أو المشروع الذي نجحت فيه الحكومة؟

هذا سؤال محرج .. لا أريد أن أكون مثلهم، لأنهم يظنون أنهم من أتوا بإجراءات مثل الدعم الاجتماعي، رئيس الحكومة خرج بتصريح دون مناقشة كما أنه أتى باختراع، علما أنه وقت البلوكاج كان اشترط على رئيس الحكومة آنذاك بعدم التحدث عن الدعم الاجتماعي وأكد أنه مع الاستثمار وتدوير الثروة. وولا مرة أشاروا أن بعض الإجراءات من إنجاز الحكومة السابقة التي كانوا ضمن مكوناتها،

وجوابا على سؤالك وبالنسبة الأمور الإيجابية، إذا استمر ورش الحماية الاجتماعية، وليسوا هم من أتوا به وبدأ مع الحكومات السابقة وخاصة فيما يتعلق بحواره الصعب مع الفئات المهنية، ولكن على العموم هذه الإجراءات التي تسير فيها الحكومة يمكن أن تكون إيجابية، خاصة مع التتبع الملكي الدقيق لهذا الورش.

أيضا ما تم إنجازه بعد زلزال الحوز، طبعا بغطاء ملكي وجلسات عمل متتالية للملك، ولكن حتى لا ننزع عن الحكومة أدوارها، فإنها تسير في تنفيذ الإجراءات وأتمنى أن تنجح.

هل المجتمع المغربي جاهز لنقاش تعديلات مدونة الأسرة؟

عشرون سنة بعد إقرار قانون يتعلق بحياة المغاربة (الزواج والطلاق والحضانة وغيرها من الأمور)، ليس عيبا أن ندعو إلى مراجعته خاصة في ظل تحولات كثيرة، رغم أنني لا أعلم ما هو السياق الضاغط للمراجعة في هذا الوقت. ولكن

لذلك من الممكن أن تكون تعديلات في بنود متعددة تبث على مستوى الممارسة أنه يجب معالجتها، خاصة وأنه منذ التعديل الذي أجري في 2004، (من الأحوال الشخصية لمدونة الأسرة)، والذي كان هدفه الحفاظ على استقرار وتماسك الأسرة باعتبارها النواة الأساس، تم تسجيل نسب أكبر في تفكك الأسرة المغربية، حيث ارتفعت نسب الطلاق وتراجعت نسب الزواج.

إذن هناك إشكال، نحن نطور قوانين ونعدلها للحفاظ على استقرار الأسرة وتماسكها والواقع يشير إلى أنها تتفكك، إذن هناك إشكال يجب مراجعته.

ولكن يجب التأكيد على أن هذا ليس قانونا عاديا سندخله البرلمان ونخرجه، رغم أن الفصل 71 من الدستور أعطى القوانين المتعلقة يالأسرة للبرلمان لأول مرة ومع ذلك هي قانون غير عادي ولذلك تمت وفق مقاربة خاصة تحت إشراف ملكي، لأنها قانون يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية والفقه المالكي.

وبخصوص المادة 400 التي يطالب بعض الناس بحذفها، بالعكس هي العصب، لأن الأحوال الشخصية للمغاربة، زواجهم وطلاقهم وميراثهم وكل ما يتعلق بذلك يستمدونه من الشريعة الإسلامية، ومعروف وبدون مزايدات على بعضنا البعض أن المغاربة متمسكون بهذه المرجعية. ولهذا مؤسسة إمارة المؤمنين التي تلتقط نبض المغاربة فيما يتعلق بتدينهم وعلاقتهم مع الإسلام تفهم وتلعب هذا الدور وتؤكد أن مدونة الأسرة يجب أن تتم مراجعتها دائما في إطار الهوية الإسلامية وأحكام الشريعة واحترام أحكام الشرع، طبعا مع الانفتاح على الاجتهاد الذي لا يخرج الأحكام من إطارها الشرعي ولكن أيضا يراعي بها التقدم. وهوامش الاجتهاد لتطوير النص ليكون أكثر إنصافا للمرأة والطفل والرجل والأسرة ككل، ممكن.

وأظن أن وجود القضاة، رئيس النيابة العامة ورئيس مجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب وزارة العدل في هذا الورش يدل على أن إشكالية مدونة الأسرة مرتبطة أساسا بتطبيقها والاختلالات الكبيرة موجودة في المحاكم.
لذلك حين تحدثت مدونة الأسرة في 2004 على قضاء أسري ناجع وفعال وعصري وله إمكانيات، يجب أن نتساءل الآن هل منحت له هذه الإمكانيات ونتساءل هل استطعنا أن ننشيء أقسام أسرة تحترم الكرامة والخصوصية للقضاء المتعلق بالأسرة، الصلح وآلياته والوساطة وغيرها من الأمور المهمة.

ويجب أن نتساءل أيضا هل قاضي الأسرة يستطيع أن يقوم بكل هذا وهل له الإمكانيات ليقوم به في ظل ضعف مؤسسة المساعدة الاجتماعية التي لا تكون دائما رهن إشارة قضاء الأسرة ليقوم بدوره بأبحاث اجتماعية تخص الصلح والتأهيل.

إضافة إلى ذلك هناك اختلالات مسجلة على مستوى الحضانة وحقوق الزيارة وصلة الرحم بالنسبة للأب وهذا ما يجب أن نراجعه بالهدوء اللازم،
والأحكام القطعية، لا يمكن اليوم أن تستفز المغاربة بالذهاب إليها رأسا لمحاولة تغييرها. منذ بداية المسار الحقيقي الذي أعلن عنه جلالة الملك بعد تشكيل اللجنة إلى الآن، يظهر لي أن الأمور تسير في اتجاه تعديل ما يمكن تعديله دائما في الإطار السليم الذي وضعه الخطاب الملكي.

هل فعلا مازالت المرأة المغربية مظلومة مجتمعيا؟

المدونة اسمها مدونة الأسرة، وليست مدونة المرأة وهذا ما أشار إليه الخطاب الملكي، البعض يفهم أنها انتصار للمرأة ضد الرجل أو الرجل ضد المرأة، إنها ليست مجالا لمعركة متوهمة ومفترضة بين الرجال والنساء. وهذا كان رافق أيضا تعديلات 2004.
البعض يحاول جعلها ساحة للصراع وهناك من يغدي هذه المقاربة التنازعية بين الطرفين، فمدونة الأسرة جاءت لإنصاف المرأة وصيانة كرامة الرجل والحفاظ على حقوق الطفل.

وطبعا إذا كان سؤالك حول ما إذا كان هناك ظلم وإجحاف في حق المرأة المغربية، جوابي هو نعم.
هناك وضعيات مازال يمارس فيها التمييز ضد المرأة وهناك مظاليم تقع على المرأة داخل الأسر، ولكن أيضا هناك تحولات يجب أن ننتبه إليها أصبح فيها الرجال يقعون ضحية مظاليم. لكن هذا لا يعني أن نغطي على الحيف الواقع على المرأة حينما يتم، خصوصا بعد الطلاق حين تكون الأم حاضنة ويتنصل الأب من مسؤوليته.

ما تعليقك باختصار على جهود تنزيل الأمازيغية؟

منذ دسترة اللغة الأمازيغية وارتباطها في الفصل الخامس بقانون تنظيمي، والذي نص على التدرج بالطبع، تم بذل جهد كبير فيه من طرف الحكومات السابقة، عبر إخراج القانون التنظيمي وعدد من الإجراءات. لكن أظن أن الحكومة الحالية لم تنجز أي تقدم على مستوى الاستمرار في تفعيل الطابع الإجرائي لدسترة اللغة الأمازيغية.

ولكن مع ذلك أنا أعتبر أنه مطلب ملح يهم فئة واسعة من المغاربة الناطقين بالأمازيغية خصوصا فيما يتعلق بالمرافق التي يتعاملون معها.

وكيف ترين العلاقات المغربية الجزائرية في الوقت الحالي؟

في كل مرة أرى اشتعال الفتنة بين دولتين شقيقتين مثل المغرب والجزائر أفهم أن ‘هناك شي حاجة ماشي هي هاديك”، دائما الغرض من ذلك يكون هو استهداف مقومات الأمة العربية والإسلامية.

لذلك أتأسف كثيرا حين أرى أجندات، مرات واضحة وفي كثير من الأحيان خفية، تريد تعميق الشقاق بين شعبين شقيقين. وما يعجبني بكل صدق، المواقف الملكية التابثة والحكيمة والمرجعية على مر التاريخ.

الملك يؤكد دائما على ضرورة الحفاظ على العلاقات الطيبة معهم وقالها بوضوح “لا تنتظروا أن يأتي شر منا” وكأنه وعي بالمآلات هذا الشقاق ولماذا يتم النفخ فيه.

للأسف الشديد، النظام الحاكم في الجزائر في أحيان كثيرة يفقد عقله، حين أسمع أحيانا تصريحات بعضهم أتساءل “واش بصح بعقلهم”. مؤسف ما وصلوا إليه في الاستعداء علينا والمس بمصالحنا ومؤسف ما وصلت إليه جبهة البوليساريو في استفزازاتها وأتمنى أن الحاكمين في الجزائر “يديرو عقلهم” ، وإن فعلوا سنتستطيع حل هذا النزاع المفتعل والذي يؤثر سلبا على تنمية المنطقة ككل، وسيعود ذلك بالنفع علينا جميعا.

هل تساندين مطالب تعويض الفرنسية بالإنجليزية في المغرب؟

حين كنت عضوا بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وكنا نشتغل على الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة، كنا استشبشرنا خيرا، لأننا فعلا كنا تقدمنا كثيرا في هذا النقطة (استبدال الفرنسية بالإنجليزية).

اذا لم تستطع أن تشتغل بلغتك (اللغة العربية) وتأهلها ، كما ينص على ذلك الدستور، وإذا أردت الاشتغال بلغة أجنبية، فلا بد أن تختار لغة تخدم أهدافا في البحث العلمي والأعمال والتجارة وغيرها من المجالات..لماذا أتشبث بلغة فقط لأنها من بقايا الاحتلال. فالفرنسيون نفسهم رغم الجهود في تجويد وتطوير لغتهم لتكون مؤهلة، أصبحوا الآن يستعملون الإنجليزية مضطرين.

تعلم اللغة الانجليزية مهم لأبناء المغاربة، لكن هذا لا يعفينا من ضرورة تمكين اللغة العربية باعتبارها اللغة الأم ولغة الهوية ولغة الانتماء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News