مجتمع

“سِجلّ الفواجع” يُثير المسؤولية التقصيرية للحكومة في الحدّ من نزيف حرب الطرقات بالمغرب

“سِجلّ الفواجع” يُثير المسؤولية التقصيرية للحكومة في الحدّ من نزيف حرب الطرقات بالمغرب

رغم فداحة الخسائر التي تتسبب فيها حرب الطرقات التي كان آخرها فاجعتي دمنات وخريبكة، لا يزال المغرب عاجزا عن إيجاد آلية لإيقاف النزيف المتواصل لحوادث السير المميتة، وسط تقادف المسؤوليات بين تهور السائقين وغياب المراقبة التقنية للعربات والحافلات، وبين انعدام إرادة حكومية صارمة للسلامة الطرقية تتجاوز الحلول الترقيعية التي أثبت فشلها في الحد من فواجع الطرقات.

وبعد أيام من فاجعة دمنات التي أسفرت عن مصرع 24 شخصا، اهتز الرأي العام المغربي على وقع حادثة سير مروعة شهدتا الطريق الوطنية الرابطية بين اقليمية خريبكة والفقيه بنصالح على مستوى منطقة أولاد عزوز، و راح ضحيتها 10 قتلى وعدد من الإصابات متفاوتة الخطورة على إثر اصطدام ثلاث سيارات.

سجل الفواجع

ويشهد المغرب من حين لآخر، حوادث مفجعة بسبب النقل القروي، آخرها حادثة ذهب ضحيتها 11 شخصاً بينهم تسع نساء عاملات زراعيات في قرية البراشوة بضاحية مدينة الخميسات، وقبلها حادثة حافلة خلفت 23 قتيلاً بمدينة خريبكة، وهي حوادث ترفع أعداد ضحايا حوادث السير في البلاد الذين بلغ عددهم خلال العام الماضي 3200 شخص.

ويختزن سجل فواجع حوادث السير بين دفتيه حصائل ثقيلة ليس أقلها ألما وقساوة ضحايا حادثة الدروة قرب مدينة برشيد سنة 2009، وحادثة حافلة الركاب بين مراكش وأكادير سنة 2012، وفاجعة تشكيا خلال نفس السنة وحادثة اصطدام شاحنة بحافلة لنقل الركاب بين العيون وطانطان سنة 2015، وغيرها من الحوادث المرورية التي خلفت عشرات القتلى.

محمد حوجر عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب النائب عن دائرة خريبكة، حمل مسؤولية تكرار فواجع الطرق بشكل مباشر لوزاتي النقل والتجهيز باعتبار أن الطريق التي كانت مسرحا للفاجعة الأخيرة مرقّمة ويتعين على الوزارتين تتبع حالتها من أجل إصلاحها، مسجلا غياب أي سياسة حكومية استيباقية للحد من حوادث السير على الطرقات والتعامل مع الوقائع التي تهدد سلامة المستعملين.

وأوضح حوجر ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن حادثة السير المميتة التي شهدت الطريق الوطنية الرابطية بين اقليمية خريبكة والفقيه بنصالح على مستوى منطقة أولاد عزوز والتي راح ضحيتها 10 أشخاص، تأتي غير بعيدة عن الحادث المفجع الذي وقع أيضا على مستوى هذه الطريق بتاريخ 17 غشت 2022 والذي أودى بحياة 17 قتيلا بحيث أصبحت هذه الطريق تسمى بـ”طريق الموت” بعدما تحولت إلى مسرح لعدد من الفواجع.

قفص الاتهام

وسجل النائب الاتحادي أن هذه الطريق التي تعرف حركة سير كبيرة، خاصة أنها تمر عبر مجموعة من مصافات المكتب الشريف للفوسفاط، لم تعرف أي إصلاح جذري ما عدا بعض الإصلاحات “الترقيعية” التي اقتصرت على الصيانة الاعتيادية بطريقة متعثرة، مشددا على القيام بتثنية هذه الطريق مع استحضار البعد المتعلق بالسلامة الطرقية في مخططات تنمية الجهة بالإقليم بتعزيز البنية التحتية وضمان سلامة تنقل الأشخاص.

وطالب البرلماني ” عن دائرة خريبكة  الحكومة من خلال وزارة النقل واللوجستيك بخفض أثمنة الطريق السيار لتحويل عدد كبير من المسافرين ومستعلمي الطريق الوطنية نحو الطريق السيار، مؤكدا ضرورة استصلاح الطرق المتهالكة والعمل على إعادة هيكلتها وتكثيق عمليات مراقبة السلامة الطرقية للحد من إزهاق أرواح المواطنين.

وضمن سؤال كتابي موجه إلى وزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل حول أسباب وملابسات الحادث المأساوي الذي وقع بالطريق الوطنية الرابطة بين اقليمي خريبكة والفقيه بنصالح، سجل النائب محمد حوجر استمرار الحوادث بهذه الطريق التي أصبحت عنوانا للفواجع والآلام دون أن تتفاعل الوزارة معها رغم كل الملاحظات التي قدمها النواب ضمن أسئلة موجهة إلى الحكومة وخلال اجتماعات الجن البرلمانية

وأوضح حوجر في سؤاله الذي اطلع عليه “مدار21″، أنه في وقت تسجل الطرق الوطنية عددا من الحوادث والفواجع المؤلمة يظل ارتفاع أثمنة الطرق السيارة، لاسيما بجهة بني ملال خنيفرة عائقا أمام عدد من مستعملي السيارات مما يزيد من ارتفاع حوادث السير المميتة.

ودعا البرلماني عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، وزير النقل إلى الكشف عن الأسباب والملابسات الحقيقية وراء استمرار حوادث السير بالطريق الواطنية الرابط بين اقليم خريبكة و الفقيه بنصالح وعن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لعدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة.

وسجل ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ضمن سؤال كتابي وجهه إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يتوفر “مدار21” على نسخة منه، أن هذا “الحادث المأسأوي الذي راح ضحيته مواطنون أبرياء، يعد أحد تجليات واقع التردي الذي تعاني منه المناطق الجبلية والقروية على مستوى البنية التحتية الطرقية والخدمات الأساسية.

وتساءل السنتيسي الإجراءات الحكومية المزمع اتخاذها لبناء وصيانة وتصنيف وتسييج وتشوير الطرق الجبلية، دعيا عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إلى إطلاع البرلمان عن الآثار التي سيتم ترتيبها في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعويض عائلات المتوفين ضحايا حادثة السير.

في غضون ذلك، طالب الفريق الحركي بمجلس النواب، بعقد اجتماع عاجل للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة قصد تدارس “أسباب هذا الحادث ومدى تفعيل المحاسبة في إطار ربطها بالمسؤولية عن هذا الحادث المأساوي وتعويض الأسر المكلومة”، وذلك بحضور كل من وزير النقل واللوجيستيك، ووزير التجهيز والماء ومدير السلامة الطرقية.

المسؤولية السياسية

الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي أحمد العاقد، اعتبر أن المسؤولية السياسية في وقوع حوادث السير المميتة بشكل تقع على عاتق الحكومة بسبب استمرار انعدام السلامة الطرقية، مؤكدا أن رئيس الحكومة يتحمل المسؤولية السياسية كاملة، ليس فقط بالنسبة للحوادث المرورية التي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى، بل أيضا لحوادث السير التي تخلف ولو قتيلا واحدا، أي مواطنا واحدا.

وأضاف العاقد أن رئيس الحكومة مسؤول سياسيا، ومعه كل أعضاء حكومته المعنيون بإشكالية انعدام السلامة الطرقية، لأنه المسؤول الأول عن تنسيق عملهم وتدخلاتهم، وأوضح شارحا : ” لا تقف المسؤولية السياسية هنا عند وزير النقل واللوجستيك فحسب، هي مسؤوليته بكل تأكيد لأنه الغائب الأكبر، لكنها مسؤولية مشتركة لوزراء التجهيز والعدل والداخلية والتربية الوطنية والتعليم العالي والتواصل والشباب ومعظم الوزراء كل في ما يعنيه. هي مسؤولية الحكومة السياسية برمتها.”

وأوضح المحلل السياسي أن المسؤولية السياسية للحكومة تدعو رئيسها للتقصي في عدد الالتزامات القطاعية والميزانيات المرصودة التي لم تنفذ، وفي الاتفاقيات القطاعية التي لم تخرج إلى حيز الوجود، مشددا على رئيس الحكومة مدعو أيضا إلى مراجعة الهندسة المؤسساتية المعتمدة اليوم بما يترجم موقعه المفترض في تدبير السلامة الطرقية، كما يدبر ملف الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال والفلاحة وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News