مجتمع

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنتقد “خوصصة” التعليم وتطالب بالاستفادة من دروس كورونا ورفع ميزانية الصحة

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنتقد “خوصصة” التعليم وتطالب بالاستفادة من دروس كورونا ورفع ميزانية الصحة

رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صورة “سلبية” للوضع الحقوقي بالمملكة، وخاصة فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للمغاربة، على غرار الحق في التعليم والحق في الصحة، مطالبة بتدارك الأخطاء في القطاعين.

وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي، الذي تم تقديمه اليوم الخميس في ندوة بالرباط، إن الحق في التعليم بالمغرب يعاني من شتى ضروب التميير والفوارق، ومن خصاص مهول ومتراكم في بناء وتأهيل المؤسسات التعليمية والداخليات والمطاعم المدرسية وتجهيزها بالأثاث والعتاد والوسائل التعليمية والديداكتيكية، خصوصا بالوسط القروي.

كما اعتبرت أن قطاع التعليم يشكو من نقص مهول في تكوين وتوظيف أطر الدعم والأطر الإدارية، مشيرة إلى أن ميزانية قطاع التعليم برسم سنة 2022 بلغت حوالي 62,451 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا بنسبة 6% مقارنة مع سنة 2021، غير أن توزيع هذه الميزانية، بحسب تقرير الجمعية، يبين أن حوالي 90% منها مخصصة لتغطية الأجور وتسيير المؤسسات والمرافق الإدارية، والباقي فقط موجه للاستثمار.

واعتبرت الجمعية ذلك يؤكد الانسحاب التدريجي للدولة المغربية وتنصلها من التزاماتها الدولية، مع الإمعان في خوصصة التعليم حيث تزايدت الضغوط المستمرة على الأسر المغربية، قصد المساهمة في تمويل التعليم، والزيادة في مصاريف التسجيل والتأمين، وشراء الكتب واللوازم المدرسية والتنقل.

واستشهدت الجمعية بالمعطيات الإحصائية الرسمية، التي تؤكد أن العدد الإجمالي للتلاميد بمختلف أسلاك التعليم المدرسي، بما في ذلك التعليم الأولي، بالقطاعين العمومي والخصوصي، وصل إلى 8863234 تلميذا وتلميذة برسم السنة الدراسية 2022-2023، تمثل الفتيات نسبة 48.7%، أما في الوسط القروي فقد بلغ عدد المتمدرسين 3527,462 تلميذة وتلميذا، أي بزيادة قدرها 2.1% مقارنة مع الموسم الذي قبله 2022/2023، تمثل الفتيات 48 في المئة من مجموع تلاميذ الوسط القروي.

وأضافت في تقريرها: “إذا كان لا بد من تسجيل إيجابية تحقيق هدف تعميم الوصول إلى التعليم الابتدائي، فإن نسبة التمدرس تبقى متواضعة بسلكي التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، حيث بلغت نسبة التمدرس الصافية بالثانوي الإعدادي 75.7 في المئة، برسم سنة 2021 -2022، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 44.2% بسلك الثانوي التأهيلي (الفئة العمرية (15-17).

وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه المعطيات “تدفع إلى القول بأنه ليس لجميع المغاربة نفس الفرص للوصول إلى التعليم، وأن نسبة مهمة من الأطفال ذكورا وإناثاء ما بين 6 و16 سنة، لم يلتحقوا بالمدرسة خلال سنة 2021-2022”.

وذكرت الجمعية أن النسبة الصافية للتمدرس بالتعليم الإعدادي بالوسط الحضري سجلت 88.4% بينما لم تتجاوز 58.5% بالوسط القروي برسم موسم 2021/2022. في حين بلغت النسبة الصافية للتمدرس في التعليم الثانوي التأهيلي، بالوسط الحضري 62,196 و19,7 بالمئة بالوسط القروي.

كما أبرزت أن عدد التلاميذ ذوي الإعاقة الذين يتابعون دراستهم بالمؤسسات التعليمية، بلغ حوالي 93 ألف تلميذا وتلميذة، من بينهم حوالي الثلث يتابعون دراستهم بالمؤسسات المصنفة الدامجة التي وصل عددها حوالي 3000 مؤسسة من أصل 11909 مؤسسة تعليمية بمختلف الأسلاك، إضافة إلى 13.122 مؤسسة فرعية متواجدة بالعالم القروي.

ونبهت الجمعية إلى أن ثلث قاعات الموارد (1868) لا تتوفر على أساتذة مشرفين (1200)، واستفادة 12 ألف تلميذا وتلميذة من الأشخاص ذوي الإعاقة فقط من خدمات الدعم والتأهيل وجل الخدمات توفرها جمعيات محلية معنية بالإعاقة، داخل المؤسسات التعليمية العمومية من خلال الدعم المالي لصندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي.

وفيما يتعلق بنسبة الانقطاع عن الدراسة خلال نهاية السنة الدراسية 2021-2022، أشارت الجمعية إلى ارتفاعها مقارنة مع السنة الدراسية 2021/2020، حيث انتقل عدد الأطفال الذين غادروا المدرسة من 331.558 إلى 334.664 تلميذة وتلميذا، وتتركز أعلى نسب الانقطاع في سلك التعليم الثانوي الإعدادي بحوالي %55.

أما نسبة الأمية، فأوضحت أنها بلغت، بالنسبة للفئة العمرية 15 سنة وأكثر، 34,29 في المئة، “وتزداد هذه النسبة حين يتعلق الأمر بالفتيات والنساء (%43.9) وبالعالم القروي (%50.2). أما حين يتعلق الأمر بالفئة العمرية 50 سنة وأكثر، فإن النسبة تصل تصل إلى% 60,3 (74.4 % بالنسبة للنساء)، وتنتشر الأمية بالأساس في صفوف الأوساط المحرومة والفقيرة، لاسيما النساء بالوسط القروي”.

وبخصوص الحق في الصحة، فالجمعية شددت، تزامنا مع “ازدياد تدهور الوضعية بالقطاع، حسب جهات المغرب خلال سنة 2022″، على ضرورة مضاعفة الجهود لمواجهة هزالة الغلاف المادي المخصص للقطاع الصحي، وضعف معدلات الطاقة الاستيعابية السريرية بالمستشفيات والتي لا تتعدى 1.1 سرير لكل ألف شخص، وبنسبة تقل عما هي عليه في البلدان ذات الدخل المماثل بالمنطقة.

وقالت إن الميزانية العامة المخصصة لقطاع الصحة لا تغطي سوى 41 في المئة من المصاريف الإجمالية في مجال الصحة، و5 ملايين فقط من المغاربة هم المستفيدون من التغطية الصحية، مشيرة في المقابل إلى أن باقي المواطنين، الذين كانوا يعانون من بطاقة راميد، يجهلون مصيرهم، وذلك إثر إلحاقهم بشكل إلكتروني بصندوق الضمان الاجتماعي للاستفادة من التغطية الصحية بدعم حكومي.

وأكدت أن حوالي 13% من المغاربة يعانون من الفقر الصحي. وتابعت في تقريرها المفصل: “قطاع الصحة يعرف تراكم النواقص منذ سنوات، نتيجة غياب رؤية إصلاحية تمكن من الارتقاء بالمنظومة الصحية، بسبب إكراهات النقص الحاد في الأطر الطبية وتفضيل البعض منها الهجرة لأسباب ترتبط أساسا بضعف التحفيزات وتدني شروط الممارسة المهنية والتفاوتات المجالية، وضعف حكامة القطاع حسب تقارير دولية ورسمية وطنية”.

واعتبرت أن ذلك يفسر التدني الواضح لظروف العمل داخل المرافق الصحية، من مراكز صحية ومستشفيات والمرتبطة أساسا بسوء الإدارة والتسيير، وغياب سياسة ناجعة لتدبير الموارد البشرية في ظل انعدام إطار مرجعي للمناصب والكفاءات، وتفاقم الخصاص في الأطر (17 ألف طبيب و25 ألف ممرض)، إضافة إلى عدم الاهتمام بذوي الأمراض المزمنة؛ حيث إن 74.5 في المئة منهم لم يستفيدوا من الخدمات الصحية، و34.3 في المئة من الأطفال لم يتم تطعيمهم، و 26 في المئة من النساء لم يستفدن من برامج تتبع الحمل أيام أزمة كورونا.

ولفتت الجمعية إلى أنها سبق وحذرت من عواقب تباين التوزيع الجغرافي، سواء على صعيد البنيات الصحية العمومية، أو على مستوى الانتشار البشري للكوادر الصحية، التي تتمركز في المدن الكبرى، “مما يجعل المغرب مقسما إلى نافع وغير نافع حتى في الميدان الصحي”.

كما أكدت وجوب إيلاء الدولة المغربية الأهمية القصوى في سياساتها وميزانياتها للصحة العمومية، من خلال إعطاء الأولية لها كمرفق عمومي حيوي، ولفئة العاملين في المجال الصحي والاستشفائي حماية وتوفيرا وتكوينا، وللتجهيزات الطبية والمستشفيات العمومية، وبناء منظومة صحية تعتمد على القطاع العام كركيزة لتوفير الصحة للجميع.

وفي هذا الصدد، طالبت الجمعية بالرفع من ميزانية وزارة الصحة إلى 12 في المئة عوض 6.2 في المئة، لتكون في مستوى التحديات المطروحة على القطاع، واستخلاص  الدروس مما كشفته جائحة كورونا، وجعلها فرصة جيدة لمراجعة السياسات الصحية الوقائية في المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News