نقابات تشكو “هزالة” الزيادة في الأجور وتحذر من”المقايضة”بقوانين الإضراب والتقاعد

خيمت مطالب الرفع من القدرة الشرائية والعدالة الأجرية على احتفالات يوم فاتح ماي السنوي بمختلف مدن المملكة المغربية، وسط شعارات غاضبة من “تدني” المستوى المعيشي واستمرار “إنهاك” القدرة الشرائية للمواطن المغربي والنيل منها، لتندلع شرارة الخوف من الإجهاز على المكتسبات العمالية على رأسها إخراج قوانين التقاعد والإضراب وإصلاح الأوضاع الاجتماعية بالقطاعات الأخرى من بينها الفوسفاط والعدل والتعليم.
“فين حقي في الفوسفاط”
شغيلة الفوسفاط بالمغرب، لم تنأى عن احتفالات فاتح ماي، بل احتجت في مختلف مدن المملكة رافعة مطالب معالجة الملفات المقصية التي تخص العمال بقطاع الفوسفاط، مرددة شعار ” فين حقي في الفوسفاط”.
وبالعيون، أكد عادل المتوي، الكاتب الجهوي للنقابة الحرة للفوسفاط، أن الظروف التي تعيشها الشغيلة بقطاع الفوسفاط، والتراجعات الخطيرىة على مستوى الاستجابة للملفات العالقة
وأوضح في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن قطاع الفوسفاط بالمغرب يشهد العديد من الاحتقانات، تأتي أولها التراجع عن ملفات حساسة تتعلق بسكن موظفو القطاع، والحق في التغطية الصحية بالإضافة إلى ملفات مهمشة أخرى.
ولفت بأن إقصاء قطاع الفوسفاط للنقابة الحرة من الحوار الاجتماعي، يشكل ضربا صارخا لمدونة الشغل والقوانين الدولية والعالمية المنظمة.
من جانبه، أكد الشيخ محمد ماء العينين، عضو المكتب الوطني لللنقابة الحرة للفوسفاط، أن النقابة عاشت مسا خطيرا بالحقوق المتعلقة بالعمال بالقطاع، و حرمت من حقها أيضا في الحوار والتفاوض مع الجهات المعنية بالقطاع.
وتابع في تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن مطالب الشغيلة تحتاج الحوار للتفاوض، ليس بالمعنى الشكلي، أو بعتباره مجرد غاية وليس بوسيلة، معددا في ذلك دور قطاع الفوسفاط المنتج و الحيوي.
“زيادات لاترقى لمستوى المطالب”
” الثروات نهبتوها ومن جيوبنا عمرتوها”..بهذا الشعار صدحت حناجر نقابات عديدة بأكادير، تعددت مطالبها واتحدت في مطالب الرفع من الحد الأدنى للأجور و تمرير قوانين التقاعد والإضراب.
ورفض عبد الحق حيسين، أمين الاتحاد المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأكادير، الزيادات الهزيلة التي اتفقت عليها الحكومة مع النقابات، مؤكدا أن هذا ‘‘الاتفاق الموقع لم يرقى إلى مستوى تطلعاتنا’’.
وشدد أن الحكومة بهذا الاتفاق، مارست ضغطا، كبيرا في محاولة منها “المقايضة” للرفع من الحد الأدنى للأجور للطبقة العاملة التي تعيش ظروفا مزرية.
وتابع أن الحكومة تمتنع تمرير قانون الإضراب و قانون التقاعد، هذا الأخير الذي شدد على رفضه التام لمحاولة المقايضة به، على حساب أجور و أعمار الطبقة العاملة.
وجدد حيسين رفضه لهذه الزيادة “الهزيلة”، مطالبا الحكومة بضرورة أداء ما في ذمتها لصالح الصناديق التقاعد، ويضيف: ‘‘من المفروض على الدولة دعم الصناديق وإرجاع المساهمات من سنة 1971 إلى 1996، ومساهمات 6 مليار،حيث أن جزء منها لم يصرف في المعاشات المدنية، وإرجاع أموال “أمو” المحددة في 3 ملايير’’.
بدورها عبرت حفصة جاري، الكاتبة المحلية للنقابة الوطنية للعدل، على ضرورة التسريع في تنزيل مقتضيات مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي العدل الذي لازال متعثرا بسبب “البلوكاج” السياسي. مطالبة بضرورة إخراج نظام محفز للموظفين بوزارة المذكورة.
ورفضت في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، اتفاق 29 أبريل المتعلق بالزيادة في أجور الموظفين، مؤكدة أن هذه الزيادة لا تتناسب مع الارتفاع الذي تعرفه مختلف الأسعار في مقابل ارتفاع القدرة الشرائية للمواطنين، مرددة بقولها: ” هي زيادة لا ترقى لطموح الموظفين”.
وأعلنت جاري عن خوض النقابة الوطنية لقطاع العدل مجموعة من الإضرابات في الأيام 7.8.8 من شهر ماي الجاري، احتجاجا على تعثر النظام الأساسي الذي يفترض فيه أن يحترم خصوصيات الهيئة حسبها.
اتفاق غامض..مصير مجهول
ومن الدار البيضاء، احتجت نقابة “البيجيدي” اليوم احتفاء بعيد الشغل في شوارع العاصمة الاقتصادية، وأكد محسن مفيدي، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الدار البيضاء سطات، أن المغرب شهد مجموعة من الاحتجاجات منذ مجيئ هذه الحكومة، منتقدا تعاملها مع ما يقع في الشارع المغربي.
وتابع في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، أن الحكومة تعيش منفصلة ولا تستجيب للمطالب والحقوق إلا تحت الضغط، وصفا ما يقع في كافة القطاعات وخاصة قطاع التعليم الذي توقفت فيه الدراسة لمدة 3 اشهر بـ” انقلابها على مطالب رجال ونساء التعليم” من خلال الاتفاق الذي وقعته المركزيات النقابية يوم الإثنين المنصرم.
ولفت النقابي بأن هذا الاتفاق حرم أسرة التعليم من الزيادة في الأجور في مقابل استفادة كافة موظفي ومهنيي الشغل، كما جعل الموظفين بمختلف القطاعات غير راضون عن هاته الزيادات، مردفا بقوله: ” الحكومة متعطيكش بلاما تاخد منك”، وأضاف: ” هي لا تمتلك الشجاعة والقدرة لكي تصارح الشعب المغربي والطبقة العاملة بما هو منتظر”.
وأضاف مفيدي، أن ‘‘هناك قضايا كبيرة نجهل مصيرها”، أولها القانون الأساسي للإضراب وإصلاح صناديق التقاعد، وثانيها، إصلاح مدونة الأسرة، التي أكد تواطؤ النقابات مع الحكومة في مصيرها، بالإضافة إلى عدم تقديم الحكومة لأي مبرر بخصوص ‘‘من أين ستأتي الحكومة بهذه الأموال المخصصة للزيادات في الأجور في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعرفها المغرب’’ متسائلا: ‘‘ هل سيتم اللجوء إلى الديون الخارجية و إثقال كاهل الميزانية بالقروض’’.
وسجل الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الدار البيضاء سطات في حديثه للجريدة، سمات رجال الدولة الأقوياء، المتمثلة حسبه في امتلاك الجرأة والشجاعة للدفاع عن اختياراتهم و البوح بتفاصيل كل الاتفاقيات.
وخلص بتوضيحه إلى الحديث عن غموض مجموعة من القوانين كقانون الإضراب ومدونة الشغل وإصلاح صناديق التقاعد بالإضافة إلى “السكوت” بشكل كلي عن قانون النقابات، خاتما قوله: ‘‘ورغم كل ذلك..مفرحانينش بالزيادات’’.
الأساتذة و”الباطرونا”..صراع من أجل البقاء
أسماء المنصور، أستاذة متضامنة مع الأساتذة الموقوفين، شددت في احتفال فاتح ماي، على هجوم الدولة و “الباطرونا” على حقوق الشغيلة في سياق اتسم بالاحتقان الذي عرفه قطاع التعليم و الذي شهد معركة قوية خلفت العديد من الموقوفين والموقوفات.
وأكدت في تصريح لجريدة “مدار 21″ الإلكترونية، أن هذه التوقيفات ماهي إلا تعبير عن رد فعل الحكومة تجاه الحركات الاحتجاجية، وأشارت إلى ضرورة الوحدة النضالية للطبقة العاملة سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، مشددة أنه ‘‘ بدون هذه الوحدة لا يمكن التصدي لهجوم الدولة والحكومة’’.
ووصفت الأستاذة ذاتها هذا الهجوم على حقوق الشغيلة بـ”الشامل والمتكامل” الذي لايستثني أي قطاع، معتبرة أن الهدف من المعاناة التي تعيشها الشغيلة التعليمية اليوم هو “فرض الهشاشة” عليهم.
بدورها، عبرت فاطمة، أستاذة متضامنة، عن السياق الذي جاء فيه تخليد ذكرى فاتح ماي، المتسم حسبها بالتراجعات على مستوى الحقوق والمكتسبات في جل القطاعات بشكل عام وقطاع التعليم بشكل خاص، وكشفت عن الانتكاسة التس تعيشها أسرة التعليم بسبب ممارسة العمل النقابي و تنظيم والاحتجاج.
ووجهت رسالة للحكومة مفادها بأن ‘‘فاتح ماي يمكن أن يكون انطلاقة لشرارة جديدة من النضال بسبب ما سيطال الأساتذة والاستاذات الموقوفين والمعروضين على المجالس التأديبية يوم 03 ماي الجاري، و ذكرت بالحالة النفسية والمادية التي يعيشها الأساتذة الموقوفون، لما في ذلك من تنقيص وضرب صورة ومكانة الأستاذ الإعتبارية في المجتمع.