حوارات | فن

فاطمة بوجو: الخشبة أرضي التي أموت من أجلها وبعض الفرق المسرحية تتوجه للدعم للاسترزاق

فاطمة بوجو: الخشبة أرضي التي أموت من أجلها وبعض الفرق المسرحية تتوجه للدعم للاسترزاق

فاطمة بوجو وجه بارز في المسرح المغربي، إذ لا تخفي عشقها للخشبة، حيث تجد متعتها، بالرغم من قلة العروض، ووجود فرق مسرحية تتوجه للدعم للاسترزاق على حساب “استغلال” الفنان المسرحي، وعدم تقديرها للممثل.

في هذا الحوار مع جريدة “مدار21″، تتحدث بوجو عن بداياتها فوق الخشبة وعشقها لها، وكذا التلفزيون، ثم تبدي موقفها من “اقتحام” مشاهير “السوشل ميديا” لميدان التمثيل، وتؤكد اهمية التكوين الأكاديمي للفنان.

وفي ما يلي نص الحوار: 

بداية، كيف ولجت إلى ميدان المسرح والتمثيل؟

أول عرض مسرحي لي كان “الشاوش” مع المخرج والأستاذ حسين الراضي، الذي قدمناه بدار الشباب بالقنيطرة، ثم بالحي الجامعي السويسي بالرباط سنة 1985. وفي السنة نفسها مارست المسرح إلى جانب أخي بوجو عبد العزيز طيلة سنوات الإعدادي بثانوية المسيرة الخضراء، حيث شاركت في عروض مسرحية بها وبعدها في ثانوية التقدم وسينما أطلس، وبسينما “بالاص”، وجسدت شخصيات بمسرحيات احتفالية  ببرشيد بمناسبة أعياد العرش والشباب وغيرهما، ما شجعني على الالتحاق بمعهد “ليزاداك” بالرباط.

ما أهم الشخصيات التي قدمتها الفنانة فاطمة بوجو؟

منذ أول ظهور لي بالشاشة في 1996 إلى سنة 2023، كان دور الخادمة في سلسلة من “دار لدار” لعبد الرحمان، الخالدة في ذاكرة المغاربة، من أبرز الشخصيات التي تقمصتها، إذ تتذكرني غالبيتهم بهذه الشخصية، وحتى قناتي على اليوتوب تنمو بفضل إعجابهم بها، ثم شخصية الممرضة في مسلسل “المصابون”، وشخصية “زينب” في مسلسل “الزمورية”، و”القلب المجروح” لجميلة البرجي بنعيسى سنة 1997، وحاليا شخصية حادة أم الذيب في مسلسل “الرحاليات” التي أحظى من خلالها على الكثير من الإشادات.

ماذا يمثل المسرح لفاطمة بوجو؟

المسرح أرضي التي أموت من أجلها، إذ أنسى نفسي فوق الركح في أغلب العروض المسرحية وأستمتع بلحظة التواصل مع الجمهور ومع الممثلين على الخشبة. لكن مع الأسف هي متعة متقطعة، لأن العروض قليلة قد لا تصل إلى عشرين عرضا، وهذا يجعل الممثل يفقد مهارته مع الوقت، لأن المسرح يعتمد على طاقة الممثل، والطاقة تتطلب التجدد مع كثرة العروض المسرحية.

هل تختلف متعة المسرح عن التلفزيون؟

كما يقال لكل مقام مقال، ولكل نوع فرجوي متعته. فمتعة المسرح تكون بوجود الممثل على الخشبة أمام الجمهور؛ أي في القاعة، أما متعة التلفزيون لا تكون بداخل استوديو التصوير، بل تتجلى في الشهرة التي يحققها الممثل من وراء عمله بها والتي تجعله يستمتع بحب الناس في الشارع حين يلتقون به ويعبرون له عن حبهم وإعجابهم بعمله.

لماذا حضور فاطمة بوجو في الأعمال الرمضانية باهت؟

حضرت في رمضان 1997 حين شاركت فيه بمسلسلين، وهما “المصابون” لمحمد عاطفي و”حب المزاح” لشكيب بنعمر، ثم في 1998 في سيتكوم “ماشي بحالهم” مع خديجة أسد وسعد الله عزيز للمخرجة جميلة البرجي، وفي السنة الفائتة كنت حاضرة في شاشة دوزيم في مسلسل “الزطاط” لعلي الطاهري، وهذه السنة على شاشة الأولى عبر مسلسل “الرحاليات”، وفي كل سنة أحل ضيفة في سيتكومات مثل “ديروا النية”، و”كوبيراتيف و”دوربيها يا الشيباني” و”تبدال لمنازل”، إلى جانب ظهوري في أفلام تلفزية تعرض خلال رمضان وآخرها كان فيلم “العد العكسي” لإدريس لمريني. يمكن القول إنني لم أكن حاضرة خلال السنوات الأخيرة في الأعمال المبرمجة خلال وقت الإفطار وبعده.

كيف ترين وضعية الفنان المغربي اليوم؟

الفنان المغربي بصفة عامة حاليا محظوظ، لأن أعماله تشاهد بكثافة خلال رمضان وخارجه، ولأن عدد الإنتاجات الفنية المغربية، إلى جانب أنها تحقق أعلى نسب المشاهدة، فهي في تزايد في كل سنة، حيث إنها تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي برمضان، إذ لم تعد القنوات المغربية تقتني أعمال مصرية أو سورية خلال هذا الشهر.

وعلى الفنان المغربي أن يفتخر بحصد أعماله الفنية سواء التلفزية أو السينمائية وحتى المسرحية جوائز كثيرة في مهرجانات دولية، إضافة إلى امتلاكه بطاقة الفنان التي تضمن له الاستفادة من الجمهور في الأعمال المسرحية المدعمة من وزارة الثقافة، وله أيضا تمثلية نقابية مثل “النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية”، برئاسة الفنان والدكتور مسعود بوحسين، والتي تحقق خطوات مهمة في بناء الأرضية القانونية للفنان المغربي، وهو عمل ليس سهلا ويحتاج للوقت ليجني الفنان نتائجه الفعلية، حيث إنها ساهمت في الدفع بملف الحقوق المجاورة حتى أصبح الآن بإمكان الممثلين الاستفادة من مستحقات مالية محترمة كل سنة من المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة على إبداعاتهم.

ما رأيك في الدعم الذي يتلقاه الممثل المسرحي؟

الدعم المسرحي له من الإيجابيات أكثر من السلبيات، فهو أولا يحقق فرص شغل للعديد من العاملين بالقطاع من فنيين أو تقنيين وإداريين، من خلال دعم الفرق المسرحية في كل جهات المملكة مع أن كل الفرق ليست جادة في تقديم الأفضل، إضافة إلى أنه سمح للمسرح التجريبي أن يرى النور بالمغرب ويحقق جوائز كبرى في المهرجانات العربية،ومنح كذلك فرجة مجانية لعشاق “أبي الفنون” ممن لا يستطيعون شراء تذكرة الدخول للعروض وخاصة بالمدن البعيدة عن الرباط، إلى جانب أنه يحقق الاستمرارية لبعض الفرق التي لم تكن قادرة على الاستمرار بدون وجود هذا الدعم.

وفي الوقت الذي توجد فيه فرق مسرحية تحترم الممثل وتقدر مجهوداته وتمنحه أجرا محترما، مثل فرقة المخرج محمد فرغاني، الذي أشتغل معه في مسرحية “موروكولاند”، والذي يتعامل باحترام وتقدير للممثل ماديا ومعنويا، وتجد فيه روح الفنان الذي يهتم بالفن أكثر من الماديات، نجد في المقابل بعض الفرق الأخرى التي تتوجه إلى الدعم للاسترزاق، فيكون همها الأول والأخير توفير ما يمكن توفيره ولو على حساب جودة العمل، وتتعامل مع الممثل كعامل أجير، وليس بصفته فنانا يستحق التقدير، متجاهلة أن نجاح العمل مبني على مجهودات الممثل النفسية والجسدية والعقلية، ثم تتغاضى على نقطة مهمة تكمن في أن التداريب تأخذ من الممثل وقتا طويلا بتعويض قد لا يغطي حتى مصاريف التنقل والأكل والقهوة، وينتهي الظلم بأجر زهيد لقاء كل عرض حتى أن بعض العروض يفرض فيها على الممثل أن يسافر تقريبا 400 كلم، ويعود مباشرة بـ400 كلم أخرى والعشاء على حساب الممثل، تفاديا لأداء ثمن المبيت.

والممثل يلتزم الصمت بسبب ظروفه المادية الصعبة، إذ لا يجد مفرا، فيصبح كما جاء في خطبة طارق بن زياد “البحر من ورائكم (الفقر)، والعدو أمامكم (صاحب الفرقة الذي يهضم حقوقك بصفتك ممثلا).

هل المنتجون يعتمدون “المحاباة” و”باك صاحبي” في انتقاء الممثلين الذين سيشاركون في أعمالهم؟

قلتها مرارا وتكرارا، طريقة التفكير التي نشأنا عليها جميعا هي أن الأقربين أولى، فأنا إذا كنت سكرتيرة في وزارة أو شركة وسمعت عن مناصب شغل، فسأفكر مباشرة في الأقربين مني سواء كانوا عائلة أو أصدقاء أو حتى معارف.

يجب أن نتذكر دائما أن العمل الفني تلفزيا كان أم مسرحيا عمل جماعي، والعمل الجماعي لا ينجح إلا إذا كانت المجموعة منسجمة ومتفاهمة في ما بينها، لذلك فإنه من الطبيعي إذا عمل فريق في عمل ونجح فيه فأكيد سيكون دافعا ليشتغلوا من جديد، لذلك أنا لا أراه محاباة. مشكلتنا تكمن في أن من لم يجد فرصة للعمل يبدأ بإلقاء اللوم على الآخر، علما أنه لو كان في الوضع نفسه، فلن يقول لا، لن أقبل العمل، وأسمح للآخرين بالعمل مكاني.

ومشكلتنا ليست في المحاباة، فأنا أرى أن الفن (باب من غير بواب)، وسيظل كذلك في انتظار نزول النصوص القانونية التنظيمية التي تضمن حقوق العاملين فيه، ومن اختاروه ليمارسوا عشقهم للفن وللعيش منه أيضا، ورغم أن الإنتاجات في تصاعد خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها عرفت وفود أعداد هائلة ممن يعشقون التمثيل، ومن يبحثون عن الشهرة أو الثراء السريع.

هل ترين أن التكوين الأكاديمي مهم لامتهان التمثيل؟

التكوين الأكاديمي مهم جدا، فهو ينتج لك ممثلا تلقى تعليما أكاديميا يوازي تكوين الممثل بأوروبا وأمريكا وروسيا وغيرها، وأيضا أستاذا باحثا قادرا على خلق مختبرات لتكوين الممثل، وقادرا على تدريس المسرح والتمثيل بالمؤسسات التعليمية، نظرا لأهمية التربية الفنية في حياة التلميذ في المدرسة، والذي هو مواطن الغد الذي سيكون مسؤولا في مناصب القرار التي تجعل بلدنا يتقدم أكثر وأكثر، فالفن يهذب النفوس والأخلاق، ويوسع الإدراك ويبني القدرة على الخلق والابتكار، وكذلك على التكيف مع الأزمات وإيجاد الحلول السريعة والصائبة. ويمنحك أيضا ممثلا قادرا على تحمل رسالة التغيير الإيجابي في المجتمع، وقوة اقتراحية في القرارات المتعلقة بالثقافة والفن والتربية خاصة في وزارات الثقافة والتربية والتعليم والإعلام، ويمكن أن يشكل بدوره إضافة جيدة في مجال العلاقات العامة وفي التواصل في كل الإدارات والوزرات والشركات، ومن قال إننا لسنا بحاجة لتعليم أكاديمي للممثل فهو عدو للعلم والمعرفة والتقدم، فالعلم دائما كان سبب تقدم البلدان.

وما رأيك في اقتحام مشاهير “الويب” لهذا الميدان؟ وهل هناك مواهب تستحق منحها الفرصة؟

لست أنا من سيحكم على هاته الفئة، لكن الوقت والنتائج هي الفيصل، والمجال الفني في نظري مفتوح لكل من يعشقه ويختاره، ولكن أن يتوجه بعض المنتجين لإقناعهم بولوج التمثيل، في الوقت الذي تزخر فيه الساحة الفنيه بـ”البروفايلات” نفسها ومحترفة في الوقت تفسه، هذا ما لا أفهمه.

ولا شيء يثبت أن جمهور مواقع التواصل الاجتماعية وأغلبهم شباب هو من يتابع أكثر الأعمال التلفزية، فمن يتابع الأعمال التلفزية هو جيل مخضرم عاش مع الجيل السابق والجيل الحالي، وهو جيل يعيش على الحنين إلى رؤية الوجوه التي ألفها منذ سنوات، فحبذا لو يختار بعض المنتجين من كل الأجيال دون تهميش آخرين، كما يفعل أحمد بوعروة، الذي يستقطب وجوها من الجيلين، ما يمنح للعمل نكهة النجاح بإرضاء الجمهور الواسع.

وفي بعض الحالات لا يكون تهميشا مقصودا بقدر ما هو أمر يتعلق ببعض أمراض الشيخوخة، كالزهايمر، التي تصعب العمل في البلاطو على الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News