اقتصاد

تقرير رسمي يفضح مكتب الحافيظي: ديون الكهرماء تجاوزت 100 مليار درهم

تقرير رسمي يفضح مكتب الحافيظي: ديون الكهرماء تجاوزت 100 مليار درهم

بلغ مجموع ديون المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، بحسب ما جاء في تقرير رسمي حديث لمجلس المنافسة، 100 مليار درهم عند متم 2022، منها 37 مليار درهم تتعلق بالالتزامات المالية لنظام معاشات المستخدمين عبر الصندوق المشترك للتقاعد التي تضاعفت في عشر سنوات، إذ بلغت في 2013 ما مجموعه 16,5 مليار درهم.

ودعا مجلس المنافسة في تقرير له حول “وضعية المنافسة في قطاع الكهرباء وآفاق تطويره” لتصحيح الوضعية المالية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بصفة حتمية ومستعجلة أخذا بعين الاعتبار الدور الجوهري الذي يؤديه المكتب في سوق الكهرباء الوطنية، معتبرا أن إعادة الهيكلة المقترحة تقتضي معالجة وضعيته المالية بالضرورة، لكون هذا الأخير أطلق دراسة تهدف إلى إعادة تحديد نموذج أعماله ودوره بغية تحويله إلى شركة مساهمة.

وعلى ضوء مختلف المخاطر والإكراهات التي يتعرض لها مكتب الحافيظي، أوصى المجلس بإعادة هيكلة الديون الضخمة التي تعيق تحوله، إذ تشكل الديون التي يتحملها المكتب عقبة حقيقية تحول دون تحوله وتحديد نموذج جديد كهدف له.

وتخفيفا للديون الحالية، يقترح المجلس خلق بنية لهيكلة الديون (structure de défaisance)، بوصفها كيانا قانونيا مستقلا ومنفصلا ينتظر منه تدبير الدين الاجتماعي للمكتب والدين المتعلق بنشاط الإنتاج، بما في ذلك التكلفة المالية المترتبة عن فسخ عقود شراء الطاقة الأحفورية ذات تكاليف شراء مرتفعة وغير تنافسية.

ويمكن تعبئة مداخيلها من مصدرين، أولهما المداخيل المرتبطة بتفويت أصول الإنتاج المسترجعة من المكتب من جهة، واقتطاع بضع سنتيمات من تدفق الطاقة الكهربائية على الشبكة لفترة محددة.

وعلاقة بالدين الاجتماعي المتعلق بالصندوق المشترك للتقاعد الخاص بالمكتب، يقترح إسناده إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في أقرب الآجال، اذ يمكنه الاستفادة من تجارب سابقة المقاولات عمومية أخرى، على غرار المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة التبغ ومكتب استغلال الموانئ السابق والمكتب الشريف للفوسفاط، والتي نجحت في تحويل صناديق التقاعد الداخلية الخاصة بها إلى النظام المذكور في سنوات 2002 و2003 و2004 و2008 على التوالي، وستتحمل البنية سالفة الذكر (structure de défaisance) التكاليف المرتبطة بهذا التعهيد.

واقترح تحويل الدين المتعلق بنشاط التوزيع إلى مختلف الشركات الجهوية متعددة الخدمات المذكورة أعلاه، والتي ستحدث وسيعهد إليها تدبير هذا الفرع، وطبقا لأحكام القانون المنظم لها، سيواكب نقل نشاط التوزيع إلى مختلف الشركات الجهوية متعددة الخدمات تحويل الأصول المرتبطة به كذلك.

وأوصى مجلس المنافسة بإعادة تحديد أدوار المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ومهامه وتنظيمه، مشيرا إلى أن سوق الكهرباء شهد عدة إصلاحات، تجسدت في إنجاز عدد كبير من الأوراش الكبرى على غرار تعميم الولوج إلى الكهرباء بنسبة 99,86 في المئة، والرفع من حصة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة الوطني جعلت المغرب ينتقل إلى مصاف البلدان الأكثر تقدما في هذا المجال على الصعيد العالمي.

ووفقا لتقديرات الوزارة المكلفة بالطاقة، يؤكد مجلس المنافسة، أنه يمكن للمغرب الاستحواذ على 4 في المئة كحد أقصى من الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر، غير أن هذه السوق تتميز بتنظيم يهيمن عليه فاعل عمومي واحد مندمج عموديا في سلسلة القيمة بأكملها، ويتعلق الأمر بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الذي أصبحت إعادة هيكلته ضرورة ملحة.

وفي هذا الصدد، وعوضا عن التدابير المتفرقة والظرفية المتخذة إلى الآن، يعتبر مجلس المنافسة أن الإصلاح المنشود يجب تنفيذه وفقا لرؤية شمولية ومستمرة للنهوض بسوق الكهرباء، وأن يرتكز على تخطيط طويل الأمد وتحديد مستقبل المكتب، وذلك من خلال تحديد وضعيته المستهدفة.

وشدد على ضرورة استجابة النموذج المقترح لمجموعة من الأهداف الأساسية، خاصة السيادة الطاقية وصيانة القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل الضعيف، وكذا الاعتبارات البيئية وتنافسية اقتصاد البلاد، داعيا لاستمرار هيكلة السوق والاستمرار في الاشتغال على المدى المتوسط وفق نموذج هجين يقوم على تدخل الدولة والمنافسة في السوق في آن واحد، كإجراء انتقالي في انتظار بلوغ المخطط المقترح.

ويتعين، بالدرجة الأولى، بحسب تقرير مجلس المنافسة، فصل أنشطة المرفق العام (النقل) عن الأنشطة التجارية الإنتاج والتوزيع والتوريد داخل سلسلة القيمة من أجل إضفاء شفافية أكبر على التكلفة الحقيقية للكهرباء

وبخصوص الإنتاج، أوصى بتعزيز السوق بالمنتجين الذاتيين الصناعيين والمحليين والمنتجين الخواص الذين ينتجون الكهرباء انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة، وتسويقها وفقا لتعريفة متفق عليها مع الأطراف المقتنية المهتمة، ويتوقع لهذا النمط الإنتاجي أن يزداد أهمية تزامنا مع تسريع وتعزيز مشاريع الطاقات المتجددة.

ومن جهة ثانية، أكد مجلس المنافسة على ضرورة تعزيز السوق بالفاعلين الخواص المستقلين، منظمين بشكل مركزي حول فاعل عمومي يتمثل في المكتب بصفته طرفا متدخلا في الشراء والنقل والتخطيط”، والذي سيضطلع بدور المشتري المركزي على المدى البعيد، مع ضمانات الدولة تجاه هؤلاء الفاعلين، وسينبثق هذا المشتري عن الفصل القانوني لأنشطة المكتب الذي سيفك ارتباطه بالإنتاج تدريجيا مع الاحتفاظ ببعض العقود الضرورية لضمان سلامة الإمدادات.

وفي هذا الصدد، يضيف مجلس المنافسة “يظل نموذج المشتري المركزي المقرون بضمانات الشراء ركيزة أساسية لتوفير الرؤية اللازمة على المدى البعيد، وتحفيز الاستثمارات في أصول الإنتاج، التي بطبيعتها رأسمالية، ودورات تشغيلية وآجال تنفيذ طويلة”.

وعلاقة بالعقود التي تربط الفاعلين الخواص بالوكالة المغربية للطاقة المستدامة، يقترح المجلس دراسة إمكانية تمديدها، لاسيما العقود ذات الصلة بالمنشآت التي لم تستهلك بعد وتتميز بتكاليف شراء غير تنافسية، مقابل خفض سريع لتكاليف شراء الكهرباء هاته في غضون ثلاث إلى أربع سنوات.

وفيما يتعلق بالنقل، يشدد المجلس على ضرورة إحداث هيئة مستقلة تتولى مهمة مسير الشبكة الوطنية لنقل الكهرباء المنصوص عليه في القانون رقم 48.15، وتحديد آجال قصوى للقيام بذلك. وعند خلقها، سيمارس المكتب بصفته طرفا متدخلا في الشراء والنقل والتخطيط، ومسير شبكة النقل احتكارا عموميا طبيعيا على فرع النقل، وسيتولى مسير شبكة النقل مهام تخطيط وتدبير شبكة النقل العمومية على خطوط الجهد جد العالي والجهد العالي، بما فيه الربط مع الشبكات الأخرى، واسترجاع كافة أصول النقل الحالية المملوكة للمكتب.

إضافة إلى ذلك، يشير المجلس إلى إمكانية أن يكون المكتب بصفته طرفا متدخلا في الشراء والنقل والتخطيط”، في نطاق مهامه، حيازة بعض أصول الإنتاج التي ستكون بمثابة قدرات احتياطية لازمة لتلبية ذروة الطلب، لاسيما عند وقوع أحداث استثنائية، على غرار فترة توقف أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي بين نونبر 2021 ويونيو 2022.

وستكون أصول الإنتاج هاته بمثابة محطات لتوليد الكهرباء، تعمل بالغاز، كما ستكون أقل تلويثا للبيئة ويمكن تشغيلها سريعا في فترات الذروة، غير أنه يجب تمتيع مسير شبكة النقل المذكور أعلاه، بالاستقلالية التامة عن بقية المكتب لضمان حياده في السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News