صوت الجامعة

سياسيون وأكاديميون يناقشون سبل جعل كليات الحقوق أفقا للتفكير ويدعون لمراجعة علاقة الطالب بالأستاذ

سياسيون وأكاديميون يناقشون سبل جعل كليات الحقوق أفقا للتفكير ويدعون لمراجعة علاقة الطالب بالأستاذ

“كليات الحقوق بالمغرب أفقا للتفكير”، موضوع لمّ مجموعة من المسؤلين السياسيين والأساتذة الأكاديميين وعمداء الكليات، صبيحة اليوم الثلاثاء، في ندوة من تنظيم شعبة القانون وفريق البحث في الأداء السياسي والدستوري بكلية الحقوق السويسي بالرباط.

وفي هذا الإطار، يرى محمد الساسي أن هناك صعوبة في تلقين القانون في مجتمع لا يتمثله أو لا يستوعبه، أو لا يستبطن فكرة سيادة القانون، وفي مجتمع يُصنع فيه القانون دون أن يكون صانعوه على ثقة به، في إدارة تعتمد على السوابق وليس على النصوص القانونية.

وقال الساسي في مداخلته: “إننا بحاجة إلى الانفتاح على المعارف الأخرى بالقدر الكافي، إلى جرعة من الفلسفة لتعويد الطلاب على التحرر من الأحكام المسبقة. نتخوّف من الإبداع والشك والاختلاف مع أساتذتنا، مثلاً قد يكتب البعض في القانون الجنائي أن أول جريمة هي قتل قابيل لشقيقه هابيل. هل فعلاً هذه هي أول جريمة؟ هذه مسألة لا علاقة لها بالقانون الجنائي والوضع في ظل القانون الوضعي، وإنما تنتمي لمجال آخر”.

ويجد المتحدث ذاته أن الامتحانات تفترس زمن المعلومات خاصة في نظام التدريس الحالي أي نظام الوحدات حيث لا نتمكن من إيصال أكثر من 15 بالمئة مما يجب أن يلم به الطالب.

ولفت الساسي إلى أنه ينظر للقانون والشريعة على أنهما شيء واحد وأن الكلية هي كلية للقانون والشريعة باعتبار الشريعة فوق القانون حسب نظرة عمودية وليست أفقية، (وإلا) فالقانون معقد والشرائع بسيطة، والقانون يخوض في التفاصيل والشريعة تقدم وصايا عامة.

وعن علاقة الأساتذة بالطلاب، أوضح الساسي أن هناك تباعد بين الأساتذة والطلاب، مردفا: “عندما ندخل المدرج نجد الصفوف الأمامية فارغة.. الكل راجع اللور..هادشي مكانش من قبل، أيام كنا نجلس في الصفوف الأمامية بل نجلس القرفصاء على الأرض قريباً من أقدام أساتذتنا.. أصبحت هناك أسوار بيننا وبين الطلاب اليوم”.

وتحدث الساسي أيضا عن غياب دراسة الأنظمة القانونية المقارنة، من حيث بنيات المنظومات القانونية المختلفة.

من جانبه، أكد محمد الطوزي أن المنعطف النيوبيرالي أدى إلى النظر للجامعة كنفقة، بعدما كان يُنظر إليها كاستثمار، إذ انطلاقاً من هذه الرؤية بدأت تُلام الجامعة على تخريج عاطلين بما أن المعيار صار ما يحتاجه سوق الشغل.

وقال الطوزي إن دور الجامعة يكمن قي تعليم التفكير والحس النقدي والبحثي والتحليل والنقد وليس، لنقل، تخريج متخصصين في إعداد حسابات مالية تقنية.

وأكد الطوزي أن “أزمة الجامعة أزمة عالمية وليست مغربية فقط وترتبط بتزايد أعداد الطلاب الذي صاحب حركة دمقرطة التعليم وهو الذي سيجعل النظرة إليها مع بروز النيوبيرالية تختصرها في أنها ثقل على كاهل الدولة أكثر مما هي استثمار”.

وتعد الكليات المتعددة الاختصاصات بالمغرب من المشاكل الكبيرة، “فهي تقوم على تجزيء “الجامعة-الحرم” أي الجامعة باعتبارها فضاءً للتنشئة الاجتماعية ومعقلا للتفكير النقدي والاحتكاك مع القضايا السياسية، فالجامعة كانت إلى غاية بداية سنوات الثمانينات فضاء سياسياً، فضاء منغمساً في القضايا الاجتماعية والسياسية، وفق تعبير المتحدث.

وشدّد الطوزي على أن كليات الحقوق هي الفضاء الفعلي الذي يحدث فيه تعزيز دولة الحق والقانون عبر تطوير الحس البحثي في مجالات ومناصب مختلفة لمن سيتولونها مستقبلا، وأيضاً عبر ملاحقة الإنتاج القضائي في البلاد بالتحليل والنقد العلمي، حيث يشبه الأمر تقليد إنتاج “الحواشي” في التراث، فالحواشي كانت إحدى طرق المساءلة والنقد، مشيرا إلى أن البحث العلمي قضية إرادة وحرية وليس (فقط) قضية تمويل.

ودعا عبد الحي المودن إلى وقف حالة التشظي أي القطيعة بين كلية وأخرى (القانون والآداب) وشعبة وأخرى (شعبة القانون وشعبة الاقتصاد) بل وبين القانون العام والقانون الخاص بل وبين الأساتذة الذين يدرسون المادة نفسها، وفق تعبيره.

واسترسل المودن في مداخلته قائلا: “أحياناً أساتذة المادة نفسها لا يلتقون إلا في مناسبات، وإلا فلا بد من التقاء الأساتذة الذين يدرسون مادة معينة بذاتها؛ مثلاً القانون العقاري أو مدخل لعلم السياسة أو غيرها.. ويناقشون سؤال: ماذا ندرّس بهذه المادة؟، بغاية التأسيس لعمل مشترك”.

ويرى المتحدث ذاته أننا بحاجة إلى قاعدة بيانات للرسائل الجامعية بالمغرب، موضحا: “لنفترض أن طالباً يريد الاشتغال على موضوع احتجاجات سيدي إفني، يجب أن تكون هناك قاعدة بيانات تخبرنا أن هناك بالمغرب 7 طلبة أو أكثر أو أقل يشتغلون على هذا الموضوع وقادرون على مدنا بخلاصات تفيدنا في التفكير بهذا الموضوع”.

واقترح المودن على الأساتذة تشكيل مدارس بحثية وطرْق مواضيع جديدة بمعية الطلبة الباحثين الموجودين تحت إشرافهم، لأننا “نحتاج إلى تشجيع هذا النمط والاشتغال على علاقة الأستاذ بالطالب”، مستشهدا بأميركا، التي يتعامل فيها الأستاذ مع الطالب كزبون (ربما بفعل أن التعليم مؤدى عنه) وهو ما يجعل الأستاذ يبذل جهده لمساعدة الطالب والإجابة عن تساؤلاته وأن يكون دوماً رهن إشارته.

ودعا المودن إلى أخذ بعض ثمار التحول نحو نموذج التعليم المؤدى عنه، التي يمكن تطبيقها لجعل علاقة الأستاذ بالطالب في مثل تلك العلاقة بأميركا، تتسم بتعاون كبير، مشيرا إلى أن “أداء الطالب المغربي لم يعد يختلف عن الطالب الأمريكي ولا توجد فروقات كبيرة في البحث، تبقى هناك مشاكل ترتبط بالمنظومة التعليمية العامة التي تنطلق منذ الحضانة وتتعلق باختلاف بين المنظومتين. أكيد “لن نصحح عمراً كاملاً بالتعليم العالي”. لكن هناك أمور يمكن العمل عليها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News