ماستر بلا امتحانات كتابية ولا شفوية.. المساواة الشكلية أم العدالة الفعلية

في خطوة وصفها البعض ب”التحول الجريء”، أقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميراوي، اعتماد الانتقاء عبر دراسة الملفات للولوج إلى تكوينات سلك الماستر، ملغياً شرط اجتياز الامتحان الكتابي والشفوي،.
هذه القرار رقم 1891.25 المؤرخ في 29 محرم 1447 (25 يوليو 2025) والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 7430 بتاريخ 14 غشت 2025، يهدف بحسب تصريحات وزير التعليم العالي السابقة، إلى تحديث آلية ولوج الطلبة للمستويات العليا، لكنه أثار نقاشاً واسعاً حول مدى تحقيق العدالة والمساواة بين الطلاب.
وينص القرار على أن لجنة الانتقاء تضم رئيس المؤسسة الجامعية أو من ينوب عنه، ورئيس الشعبة المرتبط بها المسلك، والمنسق البيداغوجي، مع إمكانية إشراك أعضاء إضافيين، وتشمل شروط الولوج الحاصلين على الإجازة بمختلف أنواعها، الدبلومات المعادلة، والباكلوريوس في التكنولوجيا والعلوم الطبية والصيدلة وطب الأسنان، مع استفادة طلبة “مراكز التميز” من ولوج مباشر دون الانتقاء.
الأستاذ الجامعي رضوان أعميمي، اعتبر أن قرار فتح الولوج لسلك الماستر بناء على الانتقاء ودون مباراة قريب من تحقيق المساواة شكلاً، بعيد عن تحقيق العدالة بين الطلبة، خاصة إذا اقتصر على المعدلات والنقط فقط.
ولفت أعميمي أن تطبيق المعايير وحدها سيفرز اختلالات عديدة، “فمعايير التقييم والتنقيط وظروف الاشتغال تختلف بين الجامعات ومؤسساتها، مما يؤدي إلى تفاوتات كبيرة في النتائج التي ستعتمد في ولوج الماستر”.
وأشار اعميمي في نفس السياق إلى أن مشكل الطاقة الاستيعابية لمسالك الماستر لا يتلاءم مع آلية الانتقاء، خاصة في ظل ضعف نسبة التأطير (عدد الأساتذة مقابل عدد الطلبة)، وضعف بنيات الاستقبال، ومحدودية الوسائل الرقمية للتكوين.
وأضاف أعميمي أن هذه التجربة الجديدة في حقل منظومة التعليم العالي تبدو متكررة دون تقييم مسبق أو إدراج في برامج التنزيل، ودون إشراك المؤسسات المعنية مثل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والهياكل الجامعية.
من جانبه، يرى الأستاذ الجامعي مهدي اليوبي أن قرار وزير التعليم العالي باعتماد الانتقاء عبر دراسة الملفات للولوج إلى سلك الماستر يمثل خطوة إيجابية لقطع الطريق على سماسرة المباريات التقليدية
وأكد المتحدث في تصريح مقتضب لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الطريقة توفر فرصة للطلبة المتميزين على أساس كفاءتهم الحقيقية، بعيداً عن أي تدخلات خارجية أو وساطات غير قانونية.
وسجل اليوبي، في حديثه للريدة “، أن التحدي الكبير يكمن في ضمان نزاهة عملية الانتقاء نفسها، إذ أن الاعتماد على المعدلات والملفات فقط قد يفتح المجال لبعض التجاوزات مثل “سمسرة النقط”.
وأردف مهدي اليوبي أن الأمر يتطلب مراقبة دقيقة وشفافية كاملة لضمان عدالة التقييم بين جميع الطلبة، مع مراعاة اختلاف البنيات التحتية ونسبة التأطير في مختلف الجامعات.
واختتم الأستاذ الجامعي تصريحه بالتأكيد على أن القرار يحمل إيجابيات مهمة، منها تعزيز التخصصات العلمية والأكاديمية، وتنظيم ولوج الطلبة بشكل أكثر عدالة، وتسريع مسار التكوين دون الحاجة للاختبارات التقليدية، مشدداً على أن نجاح هذه التجربة يعتمد على التزام الجامعات بالمعايير المحددة ومواكبة التحديات اللوجستيكية لضمان تكافؤ الفرص بين الطلبة.