تربية وتعليم

توقيف مئات الأساتذة.. النقابات تدخل على الخط وحديث عن مبادرات لإيقاف غليان القطاع

توقيف مئات الأساتذة.. النقابات تدخل على الخط وحديث عن مبادرات لإيقاف غليان القطاع

غليان غير مسبوق داخل قطاع التربية الوطنية واحتجاجات بشتى المدن المغربية أمام الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية وداخل المؤسسات التعليمية، ردا على مئات التوقيفات التي باشرتها المديريات في حق الأساتذة المقاطعين لتسليم النقط للإدارة ومسكها داخل منظومة “مسار”، المرفوقة بإيقاف الأجرة، ما أثار استياء كبيرا من طرف رجال ونساء التربية الوطنية والنقابات التعليمية التي دخلت على الخط.

واستنكرت عدد من النقابات التعليمية “التوقيفات” في حق الأساتذة و”التعنيف” الذي ووجهت به احتجاجاتهم في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر نقابية عن مبادرات لحل الملف من طرف الوزارة خلال الأيام الحالية، حيث أفاد يونس فراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، في تصريح لـ”مدار21″ أن “هناك مبادرات من طرف النقابات التعليمية خلال اليومين الحاليين لحل هذا المشكل وبحث إمكانيات الإجابة عنه من طرف الوزارة”، وذلك في وقت أعلنت التنسيقية الوطنية للمفروض عليهم التعاقد تمديد الإضراب والاحتجاجات والمبيتات الليلية رغم التدخلات التي باشرتها السلطات الأمنية في حقهم.

وقال عبد الله اغميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، في تصريح لـ”مدار21” أن “موضوع التوقيفات والتنبيهات وإيقاف أجرة المئات إن لم نقل الآلاف من الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، إضافة إلى حالات للمقصيين من خارج السلم والزنزانة 10 والأساتذة المبرزين بالأقسام التحضيرية، يأتي في إطار الرد على نضالات هذه الفئات التي عبرت عن خيبة أملها من اتفاق 14 يناير الذي جاء مخيبا للآمال ولم يستجب لمطالبها”.

وأشار اغميمط إلى أن “الخطوات النوعية التي خاضتها هذه الفئات عبر مقاطعة منصة “مسار” ومد الإدارة بالنقط، والتي ترافقت مع إنجاز الأساتذة لبرنامجهم الدراسي وإنجازهم للفروض ومد التلاميذ بنقطهم، وهي المعركة التي خاضوها ردا على استهتار الوزارة بمطالب الفئات التعليمية التي تراكمت مشاكلها لسنوات دون أجوبة حقيقية ووضوح في التعاطي مع المطالب”.

وأورد اغميمط أن هذه المعركة لم تكن اختيارية بقدر بما أنها فرضت بسبب غياب حوار اجتماعي قطاعي حقيقي محصور في الزمن ينهي ملف التعاقد وباقفي الملفات، مضيفا أنه بالنسبة للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي سجلنا تقاطر التنبيهات والتوقيفات على الأساتذة بمجموعة من المؤسسات التعليمية إضافة إلى الترهيب والتوقيف والضغط من طرف مجموعة من الفاعلين داخل المنظومة لحث الأساتذة على إيقاف هذه المعركة، وهذا أمر غير مقبول، ومن جانبنا ندعم نضالات مختلف الفئات.

إدانة للتوقيفات

وعبر اغميمط عن إدانة “نقابته لهاته الأساليب التي تنتمي إلى وزارة الداخلية وليس وزارة التربية الوطنية، ذلك أن تم الهجوم على الأساتذة في أزيلال والفقيه بنصالح وكرسيف ومجموعة من المواقع الأخرى باستخدام القوة والضرب والسحل والكلام النابي، مضيفا أن هذا الأمر سيكون له تداعيات على التلاميذ لأن التلميذ الذي لم يتوصل بالنقطة سيصبح اليوم بدون أستاذ، ما سيحرمهم من الدراسة”.

من جانبه، قال يونس فيراين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، في تصريح لـ”مدار21″ بأنه “لا يمكن إلا إدانة واستنكار هذه التوقيفات وأشكال القمع والإجراءات الإدارية المتخذة، مضيفا أن ما يقع الآن يؤكد أهمية مراجع النظام التأديبي لأن هذه التوقيفات تعاقب الأستاذ وأسرته بإيقاف الأجر وكذا التلميذ الذي يترك بدون أستاذ، وهذا الموضوع من بين القضايا التي طرحت ضمن النظام الأساسي الجديد”.

وحمّل اغميمط المسؤولية فيما يقع “للوزارة والدولة لأنها غير جادة في حل هذا المشكل وتريد فرض التوظيف الجهوي على القطاع ظلما وعدوانا، بغاية تنفيذ إملاءات المؤسسات المالية الدولية، الأمر الذي سيكون لها انعكاس على الأساتذة والتلاميذ”، مشيرا إلى أن هذا اليوم “يشهد المغرب معارك في مختلف المدن، وقد دعت نقابتنا إلى جعل هذا الأسبوع أسبوعا للغضب والاحتجاج تضامن مع هذه الفئات وضد المقاربة القمعية لوزارة التربية الوطنية واستعانتها بوزارة الداخلية للتدخل في الشأن التعليمي بشكل فج”.

وقالت النقابة الوطنية للتعليم في بلاغ لها إنها توقفت عند ما ‎ ‎‫تعرض له مجموعة من الأستاذات والأساتذة من “تعنيف ومنع وقمع لنضالاتهم‎ ‎‫المشروعة، وتوقيف المئات منهم مع توقيف أجرتهم في سياق وطني عام مطبوع باستمرار نفس الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، والتراجع الخطير في مجال الحقوق والحريات”.

وعبرت النقابة الوطنية للتعليم عن ‎‫إدانتها الشديدة “لما تعرض له الأستاذات والأساتذة من تعنيف واعتداء وقمع ومنع لاحتجاجاتهم السلمية المشروعة، وتوقيف المئات منهم بشكل تعسفي مع إيقاف أجرتهم، معتبرة أن كرامة نساء ورجال التعليم خط أحمر”، كما استنكرت النقابة “كل الأحكام الجائرة الصادرة في حق الأستاذات والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ‎ ‎‫واحتجاجه القوي على الاستمرار في المحاكمات الكيدية لمجموعة أخرى منهم، ومطالبته بإسقاط‎ ‎‫هذه الأحكام الجائرة، وإيقاف المحاكمات الكيدية‎”.

وأعلنت النقابة رفضها التام لكل “أساليب الترقيع اللاتربوية التي تلجأ إليها المديريات الإقليمية واعتباره أن الجواب‎ ‎‫الحقيقي لحالة التوتر التي يعرفها القطاع هو التعجيل بإصدار نظام أساسي لموظفي وزارة التربية ‎ ‎‫الوطنية، عادل ومنصف ومحفز وموحد في إطار الوظيفة العمومية يستجيب لمطالب‎ الشغيلة التعليمية بكل فئاتها، كما تم التنصيص عليه في المبادئ العامة لاتفاق 14 يناير 2023‎ ‎”.

ممارسة عكس الشعارات

وأضاف اغميمط أن الوزارة “لم تتحمل مسؤوليتها رغم شعارات الإصلاح والتجويد ورد الاعتبار للمدرس، نجد أنها تمارس في الواقع عكس شعاراتها عبر تهميش رجال التعليم وعدم التعاطي الإيجابي مع مطالبهم، إضافة إلى تنفيذ أساليب انتقامية في حقهم خارج المنطق التربوي والمنطق الذي يروجه الوزير بخصوص إصلاح القطاع والتركيز على الأستاذ والتلميذ والمؤسسة”.

وتساءل الكاتب العام عبد الله اغميمط ما إذا كان ممكنا التركيز على الأستاذ من خلال هذه الأساليب وهل يمكن إقناع الأستاذ الذي يعتقل ويوقف عن العمل ويعنف أن ينخرط في هذا الإصلاح، مؤكدا أن الإصلاح الذي لا يقتنع به الفاعل الرئيسي في المنظومة الذي هو الأستاذ لن يكتب له النجاح، مشيرا إلى أن انخراط الفاعل الرئيسي في الإصلاح يتطلب الاهتمام بوضعيته المالية والاجتماعية وخلق شروط العمل عبر الزيادة في الأجور وتحسين ظروف العمل لضمان انخراطهم في المشاريع الإصلاحية.

نظام التأديب

وحول عدم مرور مسطرة التوقيفات عبر مسار اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، أشار اغميمط إلى أن هؤلاء الأساتذة يخضعون للأسف للنظام الأساسي الخاص لما يسمى بأطر الأكاديميات الذي يمنح سلطة تقديرية لمديري الأكاديميات والمديرين الإقليميين للتوقيف المؤقت في انتظار الإحالة على المجلس التأديبي في ظرف 15 يوما.

وتابع الكاتب العام أن النظام الأساسي المرفوض يتحدث عن لجنة الأطر، لكن هذه اللجنة لم تتشكل لأنه خلال الانتخابات المهنية أقصي هؤلاء الأساتذة من طرف الوزارة وبالتالي لا وجود لهذه اللجنة، وبالتالي لا يحق للوزارة إحالتهم على المجلس التأديبي للموظفين المرسمين.

وأضاف أن المادة 88 مكرر من النظام الأساسي تقول إنه إذا تعذر إطلاقا عقد لجنة الأطر في حال إقامة الانتخابات وعدم تصويت الأساتذة أو رفض ممثلي الأطر الاجتماع، يمكن للوزارة تشكيل اللجنة من ممثلي الإدارة، لكن اليوم غير موجودة هذه اللجنة من الأساس.

وطالب اغميمط الوزارة بإيقاف هذه التوقيفات والتدابير والانتقامية وإلغاء جميع هذه الإجراءات وأن تعيد الأساتذة إلى أقسامهم مقابل فتح نقاش حقيقي حول مطلبهم الأساسي الذي هو الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية كما هو وارد في مجموعة من الأنظمة التعليمية في مجموعة من الدول.

وبخصوص النقطة نفسها يؤكد فراشين أنه حسب القانون فإجراءات التوقيف يأتي في انتظار الإحالة على المجالس التأديبية، وهذه أسوء عقوبة يمكن القيام بها، وهذا الأمر يؤكد ضرورة مراجعة النظام التأديبي بشكل جدري ليتلاءم مع طبيعة القطاع، وأن تكون هناك أنسنة لهذا النظام.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. أطر الاكاديميات لا حق لهم فيما فعلوه من تمرد/لا نقول فرض عليهم التعاقد بل اتوه مهرولين خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة؛يطالبون بحقهم في تسوية وضعيتهم ولكن بدون تعطيل الدراسة /او على الدولة ان تلزم الممتحنين للتوظيف في التدريس مستقبلا بتوقيع التزام شرط قبولهم للمشاركة في اجتياز المباراة/العقد شريعة المتعاقدين نحن مع تحسين الظروف المادية والمعيسية لرجال ونساء التعليم لكننا نرفض ان يكون ابناؤنا في فوهة البنادق من الجانبين على الدولة ان تجد الحلول المناسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News