فن

قرار “ارتجالي” و”جهل” بأبجديات السينما.. نقاد يدافعون عن “زنقة كونتاكت” ويدينون المركز السينمائي

قرار “ارتجالي” و”جهل” بأبجديات السينما.. نقاد يدافعون عن “زنقة كونتاكت” ويدينون المركز السينمائي

دافع نقاد سينمائيون عن صناع فيلم “زنقة كونتاكت”، الذين طالهم الهجوم من قبل نشطاء بسبب أغنية استخدمت في العمل تعود لمغنية انفصالية تدعم الكيان الوهمي “البوليساريو”، الأمر الذي استنفر المركز السينمائي المغربي للتعجيل بإصدار ردة فعل تجسد في توقيف عرض الفيلم وطنيا ودوليا، وسحب الرخصة المهنية من المخرج إسماعيل العراقي.

وعدّ النقاد هذا الإجراء “غير عادل” و”مجحفا” في حق مخرج الفيلم، مدينين المركز السينمائي كونه المسؤول الأول عن مراقبة العمل قبل طرحه، نظرا لمروره عبر لجانه قبل وصوله إلى صالات العرض.

واكريم: قرار “ارتجالي” ليس في محله وثمة جهات تريد “النيل” من الفيلم ومخرجه

وفي هذا الصدد، يرى الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم، أن قرار منع فيلم “زنقة كونتاكت” من العرض وسحب الرخصة المهنية من مخرجه إسماعيل العراقي، “ليس في محله”، لاسيما وأن العمل حصل على الدعم وعرض على أكثر من لجنة شاهدته كاملا وعلى أساسه مُنح له الشطر الأخير من الدعم، مبرزا أن الفيلم “عرض على لجنة متخصصة في منح الرخص للأفلام القابلة للعرض  في القاعات السينمائية”.

وأشار وكريم إلى أن الفيلم تم دعمه والترخيص له للعرض منذ فترة بمختلف القاعات السينمائية وعرض بالمهرجان الوطني للفيلم ونال الجائزة الكبرى ولم يتخذ المركز السينمائي هذه المبادرة غير المحسوبة والعشوائية بمنعه إلا الآن بعد أن هاجمته مواقع إلكترونية لأسباب مجهولة.

وأكد الناقد نفسه أن المركز “لم يحرك ساكنا إلا بعد مباشرة بعض الجهات، التي تبدو، في نظره، أنها “تكيد” للنيل من هذا الفيلم ومخرجه، ليستفيق من سباته ويصدر بلاغا يدينه بالدرجة الأولى، مضيفا أن السبب الذي جاء به “غير منطقي”، لأن “جيمع من يفهم في السينما يعي تماما أن السيناريو لا يمكن أن يظل على حاله، لكونه يخضع للمعالجة خلال عميلتي التصوير والمونتاج بناء على رؤية إخراجية، إما لإكراهات مادية أو لظهور زاوية جديدة تغير السرد في الفيلم”.

وشدد واكريم في تصريحه للجريدة، على أن مثل هذه القرارات “الارتجالية” تعود بالسينما المغربية سنوات إلى الوراء، و”تسيء” إلى المشهد الثقافي المغربي، بالإضافة إلى أنها “تمس” بحرية التعبير، وتقدم صورة “بدائية” عن المشهد الفني بالمغرب، وفق تعبيره.

زويريق: بلاغ المركز السينمائي إعلان “حرب” على فيلم سينمائي و”إرهاب” لمخرج شاب

من جهته، اختار الناقد الفني فؤاد زويريق حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك” وسيلة للدفاع عن صناع الفيلم المذكور والتضامن معهم، عقب الجدل الواسع الذي أثاره في الساعات القليلة الماضية، إذ وجهت إلى أطقمه اتهامات بـ”خيانة” الوطن.

ويرى زويريق، أن بلاغ المركز السينمائي المغربي “إعلان حرب على فيلم سينمائي لا حول ولا قوة له، في إطار يؤكد المُؤكد وهو تحكم المؤسسات البيروقراطية في العملية الإبداعية المغربية، وتنصيب نفسها قاضيا لمراقبتها وجلدها جلدا، وهذا ضد الإبداع شكلا ومضمونا”.

ودافع الناقد الفني، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك” عن صناع الفيلم قائلا: “طبعا نحن مع الثوابت الوطنية ومع قضية الصحراء المغربية قلبا وقالبا، لكن الإبل لا تورد، وليس بهذه الترسانة الساذجة والمجحفة من العقوبات يمكننا التطور فنيا والنهوض بسينمانا المغربية، مثل هذه القرارات المتسرعة لا جدوى منها سوى إضحاك العالم علينا”.

وتابع الناقد عينه: “لو كان المسؤولون عن إصدار هذه العقوبات أذكياء لتجاوزوا الضجة التي لم تُثَر سوى على نطاق ضيق، بدل توسيع دائرتها بهذا الشكل كما نرى الآن، وتركوا الحال على ماهو عليه مادام الفيلم قد مرّرته لجانهم، وخرج إلى النور منذ سنوات وشاهده جمهور عريض، وفاز بجوائز داخل المغرب وخارحه، أو اكتفوا فقط بالسماع لمخرج الفيلم، الذي ربما يكون قد أدرج الأغنية عن جهل ودون قصد منه، ووجهوا إنذارا لشركة الإنتاج من أجل تعديل نسخة الفيلم وكفى الله المؤمنين شر القتال”.

وأكد زويرق في التدوينة ذاتها، أن “الفيلم موجود على الأنترنيت وسيتسارع الناس أكثر لمشاهدته”، مردفا: “أنا مع القضية نعم، لكن ضد كل هذه القرارت وخصوصا تعليق البطاقة المهنية للمخرج الشاب إسماعيل العراقي، الذي بدأ للتو شق طريقه السينمائي بهذا الفيلم، الذي يعد من أهم الأفلام المغربية التي انتجت مؤخرا.. هذا إرهاب للشباب المبدع، وربما هو لم يقصد أصلا وما اتهم به من خيانة وعمالة تبقى اتهامات عائمة غير مسؤولة نهائيا، فأنا شخصيا لا أعرف هذه المغنية ولم أسمع بها من قبل، وربما معي كثيرون أيضا، وما وقع الآن سيدفعهم إلى البحث عنها والتعرف على أغانيها”.

ولفت زويرق إلى أنه “من يجب أن يحاسبوا هم أولئك الذين يتحصلون على مئات الملايين من الدولة بدعوى صناعة فيلم وطني حول قضية الصحراء، وفي الأخير تجده عملا تافها سيئا يعرض مرة أو مرتين وبعدها يرمى في القمامة، لأنه لا يرقى إبداعيا وفنيا إلى كل تلك الأموال التي حصل عليها صُناعه من الدعم، أي من جيب الشعب، هؤلاء هم الخونة، وهؤلاء هم الذين يجب أن يحاسبوا على كل سنتيم حصلوا عليه، ويعاقبوا على الاستهتار بقضيتنا الوطنية والتربح من ورائها”.

الناقد ذاته أوضح أن “المضحك والمبكي أيضا في بلاغ المركز، المؤسسة الوصية على السينما التي من المفروض فيها أن تكون على علم بأبجديات عملية الإنتاج السينمائي، هو أنه اتضح له أن الشريط السينمائي “زنقة كونتاكت” يتضمن خيانة للنص والحوار والصوت المحدد سلفا بسناريو العمل المرخص له”، مما جعله يتساءل: “ألا يعرف من صاغ أو اتخذ هذا القرر أن السيناريو لا يبقى على حاله، حيث إنه يكتب عدة مرات وعلى مراحل إذا دعت الضرورة لذلك، فالسيناريو الأصلي لا يبقى أصليا ولا يلتزم بما فيه، ففي أثناء التحضير والتصوير يتعرض للتغيير المستمر عبر تطويره”.

واختتم زويرق تدوينته قائلا: “لم تكن كل هذه الضجة وما أعقبها من قرارات وعقوبات بأثر رجعي ضرورية نهائيا، كان على المركز أن يلتزم الصمت أو يطلب من صناع الفيلم التعديل بكل سهولة وسلاسة”، مشيرا إلى أنه ضد من يطالب بسحب الجائزة الكبرى من الفيلم، لأن “القضية حُسمت وانتهت والمطالبة بسحبها منه هو العبث بعينه”.

سداتي: المخرج والمنتج احترما كل القوانين والمساطير.. والقرار ينم عن الجهل بأبجديات السينما

أما الباحث في فن الصورة عبد المجيد سداتي، فقد أكد أن “بلاغ المركز السينمائي حول فيلم ” زنقة كونتاكت” جاء ليزيد من تأزيم الواقع السينمائي، إذ إن الفيلم حصل على الدعم بموافقة لجنة الدعم وبالإجماع، وحصل على رخصة التصوير، وعلى تأشيرة العرض في القاعات، ثم عرض في طنجة وحصل على الجائزة الكبرى، وعرض في مهرجانات عربية ودولية”.

وزاد سداتي، في تدوينة له على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك”، أن”مرور الفيلم عبر كل هذه اللجن، معناه أن المخرج والمنتج احترما كل القوانين والمساطير الجاري بها العمل، ليخرج بعدها هذا البلاغ السيء الذكر ليسحب الفيلم من القاعات، ويهدد المخرج والمنتج بسحب بطاقتيهما وتراخيصهما في حالة ما لم يقوما بإجراء تعديلات على الفيلم”.

وفسّر الباحث نفسه أنه “بغض النظر عن كل الحيثيات، فإن قرارا كهذا جاء متأخرا وفي ظروف غير مفهومة، لاندري من وراءها، قرار متدبدب ومتسرع، ينم عن جهل أصحابه ومن معهم، بأبجدية الفن السينمائي، وعن عدم كفاءتهم في تسيير الشأن السينمائي بالمغرب”، وأضاف جازما: “لجن كهذه ومسؤولون بهذا المستوى، يجب أن يستحيوا، وأبسط ما يمكن أن يقدموا عليه، في الحالة هاته، تقديم استقالتهم، وفي انتظار ذلك ننتظر بلاغات رسمية من اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة وباقي الغرف المهنية، وجمعية النقاد والجامعة والوطنية للأندية السينمائية بالمغرب وباقي الفاعلين الثقافيين والسينمائيين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News