مجتمع

بعد سنتين من التطبيق.. مرصد السجون ينبّه لرداءة المحاكمات عن بعد

بعد سنتين من التطبيق.. مرصد السجون ينبّه لرداءة المحاكمات عن بعد

رسم المرصد المغربي للسجون صورة “قاتمة” عن وضعية المؤسسات السجنية في المملكة، مستنكرا استمرار المحاكمات عن بعد في ظل رداءة وسائل السمع ونقل الصوت التي تضرب في عمق شروط المحاكمة العادلة.

ويرى المرصد المغربي لحقوق الإنسان، ضمن تقريره السنوي حول أوضاع المؤسسات السجنية والسجناء والسجينات برسم سنة 2021 تحت شعار “حالة السجون مرآة المجتمع، فكيف نريدها؟”، والذي اطلعت عليه “مدار21″، أن تداعيات جائحة كوفيد19 استمرت على مدار سنتين وأرخت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، موردا أن تراجع الوضع الحقوقي في زمن الجائحة أكثر شدة ووقعا على أغلب شرائح المجتمع، بمن فيهم الأشخاص المحرومين من الحرية ممّن تأثروا بشكل لافت من التدابير والإجراءات والقوانين التي رافقت إقرار حالة الطوارئ الصحية.

وسجّل المرصد أن استمرار تعليق الزيارات العائلية أثناء الجائحة، رغم فتح باب الزيارة خلال مرحلتين، أدى إلى توليد أثر نفسي، بسبب الاشتياق إلى رؤية العائلة ونتيجة الإجراءات الاحترازية، ما دفعه إلى اتخاذ عدد من الإجراءات للدفاع عن حقوق السجناء والسجينات خلال هذه الفترة الحرجة مجددا دعوته إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والاحتجاجات السلمية وترشيد الاعتقال الاحتياطي.

ولفت المرصد إلى أن الجائحة مست حقوق السجناء، وخاصة حقهم في اللجوء للعدالة، وأثرت بشكل غير مسبوق على قطاع القضاء وعلى مقومات المحاكمة العادلة، حيث انطلقت، منذ أبريل من سنة 2020،  تجربة المحاكمة عن بعد، بقرار ممن قبل السلطة القضائية، وذلك بعدما قررت في مارس من نفس السنة تعليق المحاكمات وإغلاق الجلسات في غالبية القضايا وهو ما أدى إلى تراكم الملفات وتعطيل التقاضي وتعليق حقوق المتقاضين وفي مقدمتهم السجناء، علما أن العمل بالمحاكمة عن بعد لم يتم في إطار مسطرة قانونية وتشريعية، مما كان له رد فعل رافض من قبل المهنيين.

ونبّه المصدر ذاته، إلى أنه وإلى حدود اليوم، لا زالت أغلب المحاكمات تتم دون إحضار المعتقلين أمام القضاة، وهو ما يعتبره المرصد أمرا يصعب تبريره أو القول إنه أدى إلى تسريع البث في القضايا أو إلى رفع عدد الأحكام الصادرة، موردا أن هذا الأمر تم الترويج له على حساب قواعد العدالة في المحاكمة الجنائية التي تفرض الحضورية والتواجهية وخلق الاطمئنان لدى المعتقلين بعرضهم مباشرة ودون وسائط على قضاة الحكم.

ولفت المرصد إلى أن الحال اليوم، هو أن المحاكمة تتم عن بعد وعلى شاشات “لا تسمح بالاستماع الجيد والواضح لما يقوله المعتقلون من غرف بالمؤسسات السجنية” مشيرا إلى أن ووسائل السمع ونقل الصوت والصورة في مستويات رديئة “وليس بمثل هاته المستويات من التدابير يمكن التنويه بالمحاكمة عن بعد” يقول المرصد.

وجدد المرصد المغربي للسجون، مطالبته بوقف العمل بهذه المسطرة لتناقضها مع شروط المحاكمة العادلة كما تقتضيها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وتوفير كل الوسائل احتراما لحق السجناء في الولوج للعدالة ولقضاة الأحكام بدل من إبعادهم وحرمانهم من حقهم الدستوري في الأمن القانوني.

من جهة أخرى، أبرز المرصد أن هذه السنة شهدت كذلك تطورات أبرزها تنصيب حكومة جديدة انبثقت عن استحقاقات الثامن من شتنبر، وتسطير البرنامج التنموي وإعادة فتح النقاش حول مجموعة القانون الجنائي، موردا أنه قد غابت قضايا السجون، سواء على مستوى المبادرات التشريعية والإدارية، عن البرنامج الحكومي للفترة 2021-2026، مشيرا إلى أنه “علاوة على ذلك فإن غياب ملف حقوق الإنسان لم يقتصر على التصريح الحكومي، بل كان غائبا أيضا في الهيكلة الحكومية من خلال غياب وزارة حقوق الإنسان، وغياب مصطلح المجتمع المدني، وكلمة الحريات، وقضايا السجون وما يقتضي ذلك من السهر على تكريس احترام حقوق وكرامة السجناء، باعتبارهم أشخاصا كاملي المواطنة يتمتعون بالحقوق التي يكفلها لهم القانون، بما في ذلك الحق في التنمية لم يتم إدراجها في النموذج التنموي الجديد”.

وعلى مستوى التشريع، سجّل المرصد، تأخرا في إخراج الإصلاحات المرتبطة بالسياسة الجنائية، معتبرا أن المدخل الأساسي لإصلاح حقيقي للمنظومة السجينة لا بد وأن ينطلق من إصلاح الترسانة الجنائية العادية والعسكرية، وفي مقدمتها إصلاح المسطرة الجنائية على كل مستوياتها من مسطرة البحث التمهيدي ومسطرة التحقيق ومسطرة المحاكمة وصولا لقواعد التنفيذ بالمؤسسات السجنية والإصلاحية، مما يفرض أساسا خيارات سياسة جنائية تقوم على سحب الوصف الجنائي على عدد من الجنح، ومراجعة حدود السلطة التقديرية للنيابة العامة وقضاء التحقيق فيما له علاقة بمدد الوضع بالحراسة النظرية وبالاعتقال الاحتياطي، وإعادة رسم شروط واضحة ودقيقة للاعتقال الاحتياطي، لا تسمح بالتأويل المتعدد الأوجه وحسب المتهم وحسب الأحوال، تكون قائمة على أسس المساواة وعدم التطبيق، مع فرض قواعد بديلة للاعتقال وفرض تبرير مكتوب وتعليل دقيق قبل اللجوء للاعتقال الاحتياطي.

وأوصى المرصد كذلك، بعدم وضع النساء الحوامل والأمهات بالاعتقال الاحتياطي إلى حين صدور حكم نهائي في ملفاتهن، مع مراجعة كل العقوبات الطويلة المدى بداية من إلغاء عقوبة الإعدام إلى إلغاء العمل بالسجن مدى الحياة، والسماح للمعتقلين الذين يطالبون بالعفو بالمثول أمام لجنة العفو مباشرة أو بواسطة دفاعهم عندما يتقدمون بطلب في هذا الصدد.

ودعا المرصد إلى تخفيض مدة الاعتقال الاحتياطي في كل أنواع الجرائم جنايات وجنح إلى النصف المقرر والمعمول به حاليا، مع إقرار الحق في التعويض التلقائي عن الاعتقال الاحتياطي من قبل غرفة من غرف محكمة النقض في حالة براءة الشخص المعتقل.

وندّد المرصد، بمواصلة الحكومة المغربية عدم الالتزام بالتوصيات الصادرة عن اللجن التعاهدية ومجلس حقوق الإنسان، والقرارات الأممية، مشيرا إلى أنه وعلى مستوى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج فقد تميزت العلاقة بمواصلة التعاون والتواصل الدائم فيما يتعلق بالشكايات والولوج للمؤسسات السجنية سواء للتحري حول ادعاءات الانتهاكات أو تنظيم أنشطة وبرامج أو القيام بدراسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News