روسيا تشيد بموقف المغرب من أزمة أوكرانيا وتؤكد استعدادها للمساهمة بحل نزاع الصحراء

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن العلاقات بين المغرب وروسيا مبنية على اتفاقيات راسخة تم التوصل إليها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك محمد السادس، بما في ذلك إعلان الشراكة الاستراتيجية لعام 2002 وإعلان تعميق الشراكة الاستراتيجية.
وأشار لافروف إلى أن زيارة الوزير المغربي الحالية إلى موسكو تُجسّد الطابع الكامل والمتكامل لهذه الشراكة، مشددا على أهمية المباحثات الحالية نظرًا للظروف المعقدة على الساحة الدولية، بما في ذلك الأحداث المتشابكة التي تشهدها مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكد سيرغي لافروف، وبحسب ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الروسية على موقعها الرسمي، أن “روسيا مستعدة للمساهمة في تسوية القضايا في هذه المناطق بالتنسيق مع الدول الأخرى المعنية، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب تنسيقًا مستمرًا على المنصات الدولية، لا سيما داخل الأمم المتحدة، وكذلك تطوير التعاون في إطار التفاعل الروسي مع جامعة الدول العربية”.
وأوضح الوزير الروسي أن المشاورات الثنائية في السياسة الخارجية بين البلدين تلعب دورًا مهمًا، وأن التركيز عليها يسهم في مناقشة العديد من القضايا المهمة والنافعة للجانبين، معتبرا أن هذه اللقاءات تعكس التزام البلدين بتعميق الشراكة الاستراتيجية ومواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما يشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والعلمية والتقنية.
عقب ذلك، وخلال المؤتمر الصحفي مع بوريطة، أكد لافروف، اليوم الخميس، أن الحوار بين البلدين “مفيد وعميق”، وأن المغرب وروسيا ملتزمان بمواصلة تعزيز العلاقات التقليدية القائمة على الصداقة والثقة، وتطوير الشراكة الاستراتيجية بينهما.
وأشار لافروف إلى أن الاجتماعات بينه وبين بوريطة، تناولت القضايا الثنائية المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والتجاري، مؤكدًا أن هناك اهتمامًا مشتركًا بزيادة حجم التبادل التجاري، والبحث عن مجالات للاستثمار المتبادل، مع الإشارة إلى أن الإمكانات العملية للتعاون في هذه المجالات لم تُستنفد بعد.
وأوضح المسؤول الروسي أن هذه النقاشات ستكون أكثر تفصيلًا غدًا خلال الاجتماع الثامن للجنة الحكومية المختلطة الروسية المغربية، برئاسة نائب الوزير الأول الروسي ديمتري باتروشيف ونظيره المغربي، إذ تتضمن اللجنة جدول أعمال مكثفًا ويُتوقع أن تسفر عن نتائج إيجابية.
كما أشاد لافروف بالتعاون القوي بين البلدين في مجالات إنسانية، وخاصة التعليم، حيث يدرس في روسيا حاليًا نحو 4,250 طالبًا مغربيًا، مؤكدًا دعم بلاده لجميع الراغبين في الالتحاق بمؤسساتها التعليمية، مضيفا أن هناك علاقات جيدة بين وسائل الإعلام في البلدين، تشمل تبادل الزيارات والتدريب، وهو ما سيتم تشجيعه وتعزيزه.
ولفت الوزير الروسي إلى أن التعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين مستمر ويتميز بالثقة، لا سيما على مستوى الأمم المتحدة والمنصات الدولية الأخرى، بما فيها منتديات روسيا-إفريقيا وروسيا-جامعة الدول العربية، لافتا إلى أن توقيع مذكرة التفاهم التي أُنجزت اليوم بشأن إنشاء لجنة عمل مشتركة سيعزز التنسيق ويساهم في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين موسكو والرباط.
وأكد أن روسيا والمغرب يشتركان في الرؤية تجاه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل ونزاع الصحراء، مع التأكيد أن جميع النزاعات بالقارة الإفريقية وغيرها يجب حلها بالطرق السياسية والدبلوماسية، مستندة إلى مبادئ وقواعد القانون الدولي المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وأن هذه المبادئ يجب تطبيقها واحترامها بالكامل دون انتقائية.
بالمقابل، قال إن روسيا تعبر عن تقديرها لموقف المغرب المتوازن والمدروس بشأن الوضع في أوكرانيا وما حولها، مبرزا أن الرباط، كما في معظم عواصم الجنوب العالمي والشرق العالمي، يُدركون أن التسوية المستدامة لا يمكن أن تتحقق دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة.
وبخصوص القضية الفلسطينية، أشاد سيرغي لافروف بدور المغرب بقيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في دعم جهود السلام، معتبرا أن الاتفاقات الموقعة مؤخرًا بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي تمت بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، تمثل خطوة إيجابية، داعيا إلى التنفيذ الكامل والمستدام لهذه الاتفاقيات، بما يتيح إيصال المساعدات الإنسانية وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة في قطاع غزة.
واختتم لافروف بالإشارة إلى الذكرى العاشرة لتوقيع البيان المشترك على أعلى مستوى لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مؤكدًا أن الاحتفال بهذه المناسبة سيتم عبر سلسلة من الفعاليات، تشمل تبادل الزيارات بين الوزراء والبرلمانيين، وتنظيم أيام الثقافة الروسية في المغرب، مع الاستمرار في دعم الحوار النشط والثقة المتبادلة بين البلدين.
وأكد لافروف أن الملك محمد السادس يقدر هذه الشراكة الاستراتيجية، كما يثمن علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدًا أن هذه العلاقات تشكل أساسًا متينًا لتعزيز التعاون بين موسكو والرباط في مختلف المجالات.