سياسة

الأغلبية البرلمانية ترفض “مغازلة” الشارع وتربط إخفاقات التعليم بتراكمات عقود

الأغلبية البرلمانية ترفض “مغازلة” الشارع وتربط إخفاقات التعليم بتراكمات عقود

رفضت الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب ما اعتبرته “مغازلة” الشارع والرأي العام فيما يتعلق بالاحتجاجات الشبابية التي ترفع عددا من المطالب بينها التعليم، مدافعة على أن الحكومة الحالية تسير في الاتجاه الصحيح، موضحة أن الإخفاقات المسجلة في القطاع هي تراكمات عقود طويلة.

وأفاد محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن هذا الاجتماع يأتي في لحظتين مهمتين، أولهما الدخول المدرسي لأزيد من 8 ملايين و300 ألف تلميذ، وأيضا لحظة سياسية دقيقة اتسمت بطفو إلى السطح تعبيرات شبابية احتجاجية تطالب بمزيد من الجودة في الصحة والتعليم، وهما القطاعين اللذين كانا من الركائز الأساسية في البرنامج الاجتماعي الحكومي.

وقال شوكي إن كلمتنا في التجمع الوطني للأحرار كان يمكن أن “يكون فيها مغازلة بليدة لهذه التعبيرات والمطالب الشبابية، ولكن بموضوعية نقر اليوم أن الإصلاح في قطاع التعليم يوجد في السكة الصحيحة”، مضيفا “قد نختلف في التعبير حسب وجهات النظر، وأحيانا حسب بعض المصالح الفئوية الضيقة، لكن لن نختلف أن هذه الملفات أكبر من أي تناول حزبي ضيق ومن أي موقع،  فأغلبية اليوم يمكن أن تكون معارضة الغد”.

وأشار إلى أن أي “مكسب يتم مراكمته في هذا القطاع هو مكسب للأمة المغربية وللأجيال القادمة التي هي أمل هذا الوطن”، مبرزا أنه “منذ سنوات والنقاش العمومي يسائل المدرسة العمومية والكل يتأسف لما وصلت إليه، لكن هل الحلول ستنزل علينا من السماء دون مجهود؟ وهل الأزمة التي تعيش المدرسة العمومية من إنتاج هذه الحكومة؟ أكيد لا”.

وشدد شوكي على أن “إشكالية المدرسة العمومية موروثة ومركبة ومعقدة وفيها عجز حقيقي جذوره بدأت منذ سنوات التسعينات، وملك البلاد وضع هذا القطاع في قلب الأولويات، ويوجد مجهود كبير وتراكم. البعض يريد أن يسوق أنه لم يتم إنجاز شيء. مشيرا إلى أن هناك مسؤولية جماعية وإرادة قوية واضحة لإصلاح هذا القطاع المصيري”.

واستدرك رئيس فريق الأحرار “ربما إيقاع تدقيق تنزيل الإصلاح هو الذي يحتاج إلى سرعة أكبر تمس البعد المجالي والعدالة التربوية”، مفيدا أنه “لا يعقل أن هذه الحكومة التي رفعت ميزانية التعليم من 56 إلى 73 مليار درهم ليس لها رغبة في الإصلاح، ولا يعقل ذلك لأن الحكومة أفرجت عن النظام الأساسي للتعليم الذي لم يتغير منذ 20 سنة وتضمن مكتسبات، وحسّن أوضاع رجال التعليم”.

بدوره، قال أحمد التويزي أن هذا الاجتماع يناقش إشكالية كبيرة، خاصة بعد خروج شباب مغاربة ينادون بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، مشيرا إلى أولوية التعليم لأنه إذا لم تكن المنظومة التعليمية في المستوى سينعكس الوضع على جميع القطاعات. مفيدا أنه دون الحاجة إلى ممارسة السياسة إذ إن ما وصل إليه التعليم من فشل هو نتيجة سياسات تعاقبت منذ الاستقلال.

وأضاف أن هذا القطاع لن يصلح سواء خلال هذه الحكومة أو التي ستأتي أو التي بعدها، لأن إصلاح التعليم يجب أن يكون إصلاحا مجتمعيا، ولا يتوقف الأمر على إرادة الوزير أو البرلمان فقط، بل يجب أن يكون مجتمعيا ينطلق من حارس المدرسة والمعلم والمدير ومن الأسرة.

وأشار إلى أن جميع الأحزاب شاركت في تدبير التعليم، مضيفا أن الإصلاح العميق يأتي من هنا. لا أحد لديه الجرأة ليقول أين يوجد الداء؟ التعليم مشكله داخلي يبدأ من الأستاذ. رصد الملايير لن يغير فعملية الإصلاح رغبة جماعية. المعلم لديه مسؤولية كبيرة أمام الله أولا. وانتقد تعدد النقابات حيث أصبح كل حزب لديه نقابة وأضيفت لها التنسيقيات، و”لا يمكن ممارسة بهذا الشكل مع هذه الحكومة”.

وتابع بالقول: “لا ينبغي أن نخاف من الرأي العام، تسقيف السن موجود في النموذج التنموي وليس إجراءا عنصريا، بل لأن التعليم ليس مهنة من لا مهنة له، مشيرا إلى أن الأحزاب لا تقول ذلك خوفا من عدم التصويت عليها. مضيفا أن أفضل ما قامت به حكومة البيجيدي إيقاف التوظيف المباشر الذي أدخل عددا من الأشخاص لا تربطهم علاقة بالقطاع.

ومن جانبه أشار نور الدين مضيان، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى أن الموضوع ليس مرتبطا بـ”جيل زد” بل هي قضية وطنية، مؤكدا أن “المظاهرات التي شهدناها مؤخرًا سببها هو الفشل في التعليم، فحين لا يدرس ولا يعمل الشاب، ماذا ننتظر منه”.

وأضاف أنه “منذ الستينات نعتبر التعليم أولوية بعد قضية الوحدة الترابية، لذلك عرف القطاع إصلاحات متعددة حتى أصبح حقلا للتجارب والاستنساخات، وكل مرة تأتي تجربة ونعود بعد سنوات لنجد القطار مازال في مكانه إن لم يكن قد تأخر”.

وتساءل مضيان “أين الخلل؟”، مضيفا “لا يشرفنا ترتيب المغرب في جودة التعليم. لا نشك في نوايا وإرادة الوزير لإصلاح جزء مما أفسده الدهر، ولكن للأسف. أنا ابن هذا الميدان، لي قرابة 30 سنة وأنا رئيس جماعة وبرلماني، وأستاذ جامعي سابق. ومع ذلك، أكرر نفس الخطاب عن مشاكل التعليم وإصلاحه، وكأننا لا نتحرك”.

وتابع المتحدث نفسه بأنه “كم مرة أكدنا أن مدخل الإصلاح الحقيقي للتعليم ليس فقط المال، بل الإرادة، والبرامج، والدراسة الموضوعية. وأن الإصلاح يجب أن ينبع من رحم الشعب، لا أن يُستورد. الشعب المغربي له هوية، لغة، عقيدة، وأفكار، لا يمكن إغفالها. نحن بلد حبانا الله بالثروات، لكن بدون بترول ولا غاز، وكان يجب أن نستثمر في الإنسان، كما فعلت دول آسيوية. فهاتف سامسونغ أصبح يساوي 15 برميل نفط”.

وأكد مضيان أن “مشكل التعليم بنيوي. الإصلاحات كثيرة، لكن لم تُعط نتائج واضحة. وأصبح التعليم يسير بسرعتين: تعليم خصوصي بسرعة “البراق”، وعمومي بسرعة قطار يتوقف بكل محطة، ينزل فيه ما يسمى بالهدر المدرسي. ولا يمكن القبول بـ280 ألف حالة هدر مدرسي سنويًا، ولا بمليون شخص لا يتعلمون ولا يعملون”.

وأبرز المتحدث أن البنية التحتية للتعليم هي أساس الإصلاح. ولا بد من إشراك الجماعات المحلية، لأن اليد الواحدة لا تصفق، مضيفا أن “هناك رؤساء الجماعات يخصصون فائض الميزانيات لشراء السيارات، بينما المدارس تفتقر لأبسط التجهيزات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News