خبير سيبراني يدعو لإدماج تعليم التحقق من الأخبار بالمناهج الدراسية بالمغرب

في ظل تنامي حملات التضليل الرقمي وما يرافقها من محاولات اختراق واستهداف للثقة العامة، قدم خبير في الأمن السيبراني مجموعة من الإجراءات العاجلة للتعامل مع تحركات “جبروت”، داعيًا إلى استراتيجية وطنية محددة زمنيًا ومتعددة الأبعاد.
وأكد، رئيس قسم هندسة الدفاع السيبراني وماجستير حماية البيانات بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش – جامعة القاضي عياض، أنس أبو الكلام، أن هذه الاستراتيجية ينبغي أن تحدد المسؤوليات بدقة مع مؤشرات للأداء والنجاعة، مشددًا على أن غياب التخطيط الاستباقي يجعل المهاجمين دائمًا في موقع متقدم بخطوات.
ودعا الخبير السيبراني إلى رفع الوعي والتحصين المجتمعي من خلال حملات توعية رقمية موجهة للشباب والمواطنين، تشرح أساليب التضليل وتزود الجمهور بأدوات التحقق من الأخبار.
كما أوصى بإدماج التربية الإعلامية والرقمية، للتمييز بين الخبر الصحيح والمفبرك، في المناهج الدراسية، مع تفعيل الشراكة مع المؤثرين الإيجابيين على المنصات، وتبسيط المفاهيم عبر منصات رسمية وباللغات المتداولة، العربية والأمازيغية واللهجات المحلية، إضافة إلى محتوى بلغات أجنبية موجه للجالية والرأي العام الدولي.
ويركز المقترح على تقوية الإعلام الوطني والاتصال الاستباقي عبر رد سريع وشفاف عند ظهور أي إشاعة كبرى مع تقديم الحقائق بالأدلة، وإحداث وحدة دائمة لرصد وتحليل المعلومات المضللة على منصات التواصل الاجتماعي لكشف الحملات في بدايتها.
كما دعا أنس أبو الكلام إلى دعم الإعلام المهني للتحقيق في خلفيات هذه الحملات، وإشراك الصحافة المواطنة وفعاليات المجتمع المدني ومراكز التفكير المختصة في صياغة خطط المواجهة وتنزيلها بفعالية.
وعلى المستوى التقني، أوصى الخبير بتطوير أنظمة رصد للهجمات الرقمية ومحاولات الاختراق التي ترافق الحملات الإعلامية العدائية، وحماية حسابات المؤسسات والشخصيات العمومية من القرصنة أو الانتحال.
كما شدد على أهمية إجراء عمليات تدقيق منتظمة للبنى التحتية الحيوية والمنظمات الحساسة للكشف عن الثغرات المحتملة، إلى جانب تعزيز التعاون مع المنصات الكبرى مثل ميتا وإكس وتيك توك لإغلاق الحسابات الموجهة ضد المغرب والتي تخالف سياسات الاستخدام.
أما على الصعيد القانوني، فقد اقترح رئيس قسم هندسة الدفاع السيبراني وماجستير حماية البيانات بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش – جامعة القاضي عياض، تحديث الأطر التشريعية بما يستوعب ممارسات التضليل الرقمي الممنهج والممول من الخارج، وتجريم نشر الأخبار الكاذبة المنظمة التي تهدد الأمن القومي.
وأبرز أن هذا التحديث ينبغي أن يوازن بين الحماية وحرية التعبير، مع تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي لتعقب الأشخاص أو الشبكات التي تدير هذه الحملات المعقدة والعابرة للحدود.
كما لم يغفل المقترح دور الجالية المغربية بالخارج في مواجهة الحملات المضللة، حيث دعا إلى إشراكها في مبادرات مضادة تبرز إنجازات المغرب وتصحح الروايات المغلوطة.
وأكد أهمية تنظيم منصات للتواصل الرسمية وغير الرسمية، تمكن من الرد باللغات المختلفة على الأكاذيب المتداولة، وتسمح ببناء شبكة متماسكة للدفاع عن صورة المغرب في الفضاء الرقمي العالمي.
ويخلص الخبير إلى أن مواجهة “جبروت” وأخواتها تتطلب منظومة متكاملة تجمع التربية الإعلامية واليقظة التقنية والاتصال الاستباقي والإطار القانوني والتعبئة المجتمعية.
ويرى أن بناء هذه المنظومة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر استراتيجية وطنية واضحة المعالم والأدوار، ومؤشرات للأداء والنجاعة، بما يضمن تحصين المجال العمومي الرقمي واستعادة ثقة المواطن في مؤسساته.