الشامي: مؤمَّنون يتركون العلاجات لأسبابٍ مالية والنفقات تتجه للقطاع الخاص

قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، محمد رضى الشامي، إن ارتفاع نسبة المصاريف التي يتحملها المؤمنون إجباريا عن المرض تدفع بعضهم إلى العدول عن طلب العلاجات الأساسية لأسباب مالية، منبها إلى أن عدم كفاية العرض الصحي في القطاع العام وضعف جاذبيته يوجه نسبة كبيرة من نفقات التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض نحو مؤسسات العلاج والاستشفاء الخصوصية.
وفي ما يتعلق بالتغطية الصحية، أورد الشامي، ضمن الكلمة التي ألقاها بمناسبة المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية، تحت شعار تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب، أن “أكثر من 8 ملايين مغربي لا يزالون خارج دائرة الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض، إما لعدم تسجيلهم في منظومة التأمين (5 ملايين) وإما بسبب وجودهم، حتى وإن كانوا مسجلين، في وضعية مغلقة (3.5 مليون)”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “نسبة المصاريف التي يتحملها المؤمنون مباشرة ما زالت مرتفعة بحيث قد نصل إلى 50 في المئة من إجمالي المصاريف الصحية مقارنة مع سقف 25 في المئة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية أو لبنك الدولي”، لافتا إلى أن “هذا ما يدفع عددا من المؤمنين إلى العدول عن طلب العلاجات الأساسية لأسباب مالية”.
وإذا كانت الأنظمة الخاصة بأجراء القطاع الخاص قد سجلت توازنا ماليا، يضيف الشامي، فإن باقي الأنظمة تسجل عجزاً ماليا وتقنيا لتغطية الاشتراكات، مسجلا أنه “بالنسبة لـAMO لغير الأجراء وصلت عجزاً بـ172 في المئة في حين سجلت أنظمة التعويض في القطاع العام عجزاً بـ121 في المئة”.
وأورد الشامي أن “هذا العجر يؤثر على آجال تعويض المؤمنين وأداء المستحقات لمقدمي الخدمات الصحية”، مبرزا أن “نفقات التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض تتجه نحو مؤسسات العلاج والاستشفاء الخصوصية”.
وأوضح الشامي أن نفقات التأمين الصحي الإجباري عن المرض بالنسبة لـAMO لغير الأجراء تتجه للقطاع الخاص بـ57 في المئة، وبـ84 في المئة بالنسبة لنفقات التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالموظفين العموميين، و96 في المئة بالنسبة للنفقات الخاص بالتأمين الصحي الخاص بالأجراء (AMO).
وأرجع الشامي ارتفاع هذه النفقات في القطاع الخاص إلى عدم كفاية العرض في القطاع العام وضعف جاذبيته، مسجلا أن “متوسط كلفة معالجة ملف صحي واحد قد يفوق نظيره في القطاع العام بـ5 مرات لغياب بروتوكولات علاجية ملزمة، وهو ما يؤثر سلبا على استدامة تمويل هذا البرنامج.
وفي ما يتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر، لفت الشامي إلى أن الاستهداف الدقيق والتحقق من المعطيات المدلى بها ما يزال إشكالية أساسية لابد من رفعها لإنجاح هذا البرنامج، مشيرا إلى أن أنظمة التقاعد تواجه تحديات مرتبطة بالتوازنات المالية والاستدامة.
ومن أجل استكمال التنزيل الأمثل لهذا الورش، أوصى الشامي بإرساء نظام إجباري موحد قائم على التضامن والتكامل والالتقائية بين مختلف أنظمة التأمين الإجباري عن المرض، مع تدعيمه بنظام تغطية إضافي تابع للقطاع التعاضدي أو القطاع الخاص مع العمل على تسريع وتيرة تأهيل العرض الصحي الوطني بما يعزز جودة القطاع العام في عرض العلاجات.
وبخصوص الدعم الاجتماعي المباشر، دعا الشامي إلى اعتماد آليات لتدقيق الاستهداف للمواطنين المستحقين فعلا للدعم والتحقق من المعطيات التي يقدمها المواطنون حتى لا يتحول هذا البرنامج إلى نوع من الاتكالية الاقتصادية بدل البحث عن فرص لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية للمستفيدين.
وأضاف الشامي أنه “منذ اعتماد القانون الإطار للحماية الاجتماعية خطت بلادنا خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي مسجلةً نتائج ملموسة لاسيما على مستوى برامج التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر”، مشيرا إلى أنه “في ظرف سنوات قليلة منذ الشروع في تنفيذ التزامات القانون الإطار انتقلت نسبة السكان المسجلين في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إلى ما يناهز 87 في المئة مقابل أقل من 60 في المئة سنة 2020”.
وضمن الأرقام التي سردها الشامي “11.4 مليون مواطن مغربي مستفيد من نظام ‘أمو تضامن’ الخاص بالفئات الاجتماعية المعوزة بغلاف مالي يفوق 10 ملايير سنويا”، مؤكدا أن “أكثر من 3.9 ملايين أسرة إلى حدود شتنبر 2024 تستفيد من الدعم الاجتماعي المباشر بغلاف مالي يتجاوز 24 مليار درهم”.
وأورد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن “سنة 2025 ستشكل محطةً حاسمة في ورش الحماية الاجتماعية بحكم كونها السنة الخامسة والأخيرة لتنزيل هذا الإصلاح الهيكلي وفق مقتضيات القانون الإطار”، مشددا على أن “هذا ما يقتضي تكثيف الجهود لتوطيد المكتسبات وتسريع وتيرة الإنجاز ومواصلة تفعيل الإصلاحات الأخرى المتعلقة بتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل أكثر من 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة غير المستفيدين من أي معاش وتعميم التعويض عن فقدان الشغل”.
وعلاقة بالمؤسسة التي يرأسها، سجل المتحدث ذاته أن “المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي دأب على تأكيد أهمية بلورة رؤية شاملة ومتكاملة تقوم على ضمان حماية واسعة لكافة الأفراد من الطفولة إلى الشيخوخة”، مشيرا إلى “إصدار المجلس لعدد من التقارير والآراء ذات الصلة بمنظومة الحماية الاجتماعية”.
وتابع الشامي أنه “إذا كانت حصيلة هذا الورش إيجابية بشكل عام إلى حد الآن، بالنظر إلى التقدم الملموس الذي تحقق على أرض الواقع، فإن هناك عدداً من التحديات التي يجب الانكباب عليها لضمان نجاح هذا الورش على النحو الأمثل”.