تحقيقات

مدارس عمومية تعزل الأطفال غير الملقحين وتهدد تمدرسهم والوزارة توضح لـ”مدار21″

مدارس عمومية تعزل الأطفال غير الملقحين وتهدد تمدرسهم والوزارة توضح لـ”مدار21″

حالة من “الارتباك والضبابية”، تشوب تدابير فرض جواز التلقيح على الفئة المتمدرسة البالغة من العمر ما بين 12 و17 سنة، خاصة بعد لجوء عدد من المدارس العمومية إلى عزل التلاميذ غير الملقحين ومطالبة أهاليهم بضرورة التطعيم، مع نهج أسلوب التهديد بحرمانهم من الدروس الحضورية، في خرق تام للقوانين الجاري بها العمل ضرب صارخ لمقتضيات دستور المملكة خاصة في ظل غياب قرار وزاري واضح بهذا الخصوص.

وفي وقت لم تشر الحكومة، ضمن بلاغها الرسمي لفرض جواز التلقيح، بأي شكل من الأشكال لفئة التلاميذ، مكتفية بتأكيد ضرورة إدلاء الموظفين والمستخدمين ومرتفقي الإدارات بـ”جواز التلقيح” لولوج الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وضرورة الإدلاء بالجواز المذكور لولوج المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والفضاءات المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمّامات؛ وهو ما خلق تشويشا كبيرا، لجأت مؤسسات خاصة وأخرى عمومية لـ”اجتهادات خاصة بها”.

وتوصّلت “مدار21” بعشرات من الشكايات العائدة لمواطنين على مستوى عدد من المدن، يشكُون مطالبتهم بإجبارية تطعيم أبنائهم ضد فيروس كورونا مقابل استفادتهم من الدروس الحضورية أو منعهم من ولوج أقسام ومؤسساتهم التعليمية، في حالة عدم الامتثال لهذه القوانين، التي يمكنها اعتبارها “داخلية”، كونها من اجتهاد المؤسسات وفي معزل تام عن أي قرار وزاري أو حكومي بهذا الخصوص.

وتقول نعيمة، وهي أم لتلميذ في ربيعه الـ14، بإحدى إعداديات المدينة القديمة بالدار البيضاء، إنها ترفض التلقيح تماما كما تطعيم أبنائها خوفا عليهم ولعدم اقتناعها بجدوى التطعيم من أساسه، مستنكرة فرض جواز التلقيح في المدارس والمرافق العمومية والخاصة، وهو الأمر الذي تعتبره مسا بحقوقها كمواطنة.

نعيمة وفي اتصال هاتفي بـ”مدار21″، استنكرت مسألة عزل ابنها وعدد من زملائه، ومطالبتهم بضرورة التطعيم بدعوى أنه “إجباري، وأنهم يشكلون خطرا على بقية زملائهم”، معتبرة ما حدث “إقصاء وإجحافا في حق هؤلاء الأطفال، وتمييزا وعنصرية من شأنها أن تؤثر نفسيا على من هم في هذا العمر المراهق” خاصة وأن عملية العزل تمت أمام وبحضور بقية زملائهم الملقحين.

وبنبرة غاضبة، أوضحت الأم الأربعينية بأنها احتجت على إدارة المؤسسة التي يتمدرس فيها ابنها، غير أنهم واجهوها بلغة التهديد والوعيد بحرمان فلذة كبدها من التعليم الحضوري، وهو الأمر الذي تعتبره المتحدثة “غير مقبول ولا هو دستوري”، مشددة على أنه وفي حالة قررت المؤسسة حرمانها ابنها من الدروس الحضورية مقابل التلقيح فإنها “تفضل فصله بشكل نهائي عن الدراسة، لتكتمل أركان الجريمة التي ارتكبها المسؤولون في حق أبناء هذا الوطن، دونما استحضار لحريتهم الاختيارية في التطعيم من عدمه”، مؤكدة أنها حتى لو خُيّرت ما بين التلقيح أو الفصل عن الدراسة ستختار هذا الأخير.

وأكدت نعيمة أنها مُصرة على عدم التلقيح ولا تلقيح أبنائها ومقربيها، ذلك أنها “غير مقتنعة أبدا بجدواه، وحتى لو استدعى الأمر أن تبقى معزولة في البيت دونما اختلاط مع الناس”.

ولا يختلف موقف فاطمة عن جارتها نعيمة، وهي التي تعتبر أن التلقيح “غير مهم أبدا” مضيفة: “لقد أصبنا بكورونا فعلا، وأعتقد أن أجسادنا كوّنت مناعتها الخاصة، وهذا يعني أننا لسنا في حاجة للقاح لا جدوى له ولم يأخد وقته في التطوير، وليس معناه أن الدولة ترغب في تلقيحنا سنقول سمعا وطاعة، ففي النهاية هذه ذواتنا ولن تخاف الدولة علينا وعلى فلذات أكبادنا أكثر منا نحن آبائهم” على حد تعبير المتحدثة.

وأشارت نعيمة، إلى أن الإعدادية حيث يدرس ابنها وابنتها، راسلت أولياء الأمور من أجل تطعيم أبنائهم في أقرب الآجال للاستفادة من الدروس الحضورية كي لا يجدوا أنفسهم في وضع “غير قانوني” تقول المتحدثة متساءلة عن مدى قانونية إجبار التلقيح من أساسه على الأطفال.

وأوضحت المتحدثة أن “إدارة المؤسسة التعليمية العمومية حيث يدرس ابنها وشقيقته أخبرتهم إنه سيتم استقدام مركز تلقيح متنقل إلى المؤسسة من أجل تطعيم غير الملقحين من الفئة المتمدرسة”، وهو ما ترفضه الأم بالمطلق، معبرة عن خوفها الشديد من تطعيم فلذتي كبدها إجبارا ودونما الترخيص لهما.

وتمكن الخوف من الأم فاطمة، لدرجة أنها طالبت ابنيها بضرورة الهروب من المدرسة في حالة حالوا تلقيحهما أو لمحا طبيبا أو ممرضة في مرافق المؤسسة، مهددة برفع دعوى قضائية على المؤسسة التعليمية في حالة فرضت التلقيح إجبارا على ابنيها أو زملائهم المتمدرسين.

وحذرت المتحدثة نفسها، من خطورة ما يتعرض له التلاميذ غير الملقحون في المدارس سواء الخاصة أو العمومية، مشيرة أن عزلهم عن زملائهم يؤثر فيهم نفسيا بل ويتعرضون للتنمر من زملائهم ومن أساتذتهم في ضرب صارخ لحقوقهم والاحترام المفروض في المؤسسة التي يفترض أن تكون حرم للتربية والتعليم وليس وسط لخلق العقد النفسية.

وعلى عكس فاطمة ونعيمة، اضطرت بعض الأسر إلى الإذعان لقرار هذه المؤسسات العمومية بما فيها مدرسة ابتدائية عمومية في حي التقدم بالعاصمة الرباط، والتي اشترطت بعد أسبوع على انطلاق الدراسة بصفة رسمية على أولياء الأمور تلقيح أبنائهم للاستفادة من الدروس الحضورية وبالتالي حقهم في التعلم في ظل عدم توفير المؤسسة ذاتها لخيار التعليم عن بعد.

وأكدت عدد من الأسر التي تواصلت معها “مدار21” في العاصمة، على أنها اضطرت لتطعيم أبنائها ممن تتراوح أعمارهم ما بين 11 و17 سنة مخافة حرمانهم من حقهم في التمدرس بالرغم من عدم اقتناعهم بضرورة التلقيح، وهو ما يعتبرونه “ابتزازا علنيا”.

وزارة بنموسى تتبرأ عزل التلاميذ ومنعهم من التمدرس

من جانبها، تبرأت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من هذه القرارات “الجائرة” والتي اتخدتها بعض المؤسسات العمومية في تحد واضح لتعليمات الوزارة الوصية على القطاع بـ “اجتهادات لا تمث للواقع بصلة”.

وفي تصريح خصت به “مدار21″، شدّدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، على أنها “لم تصدر أي قرار يقضي بعزل الأطفال غير الملقحين، أو تهديدهم بالحرمان من الدراسة” معتبرة الأمر “محض اجتهادات من طرف المدراء”.

وأكدت الوزارة الوصية بأنها “سبق ورصدت حالات لمدارس خصوصية خرقت القانون، فيما المدارس العمومية التي عزلت التلاميذ تبقى معدودة ومحصورة”، مجددة تأكيدها للجريدة بأنه “لا يجب منع لا التلاميذ ولا الأطر التربوية غير الملحقين من الولوج إلى المؤسسات التعليمية”.

وكانت الوزارة قد أشادت في وقت سابق بانخراط المؤسسات التعليمية في المجهود الوطني لاحتواء وباء كوفيد-19، وذلك بهدف توفير كل الظروف الملائمة للتحصيل الدراسي لجميع المتعلمات والمتعلمين، مع ضمان سلامة وصحة المجتمع المدرسي، متعلمين وأطر تربوية وإدارية.

ومن هذا المنطلق، أكدت الوزارة، في بلاغ سابق أنه منذ 12 أكتوبر الجاري، تاريخ بدء العمل بإجبارية جواز التلقيح في جميع الأماكن العمومية والإدارات على الصعيد الوطني، تعمل الوزارة على التحسيس والتشجيع على الاستمرار في الإقبال على عملية التلقيح، خاصة بالنسبة للفئة العمرية 12-17 سنة، وعلى استحضار حس المسؤولية والالتزام والانخراط الجماعي، مع التقيد بالبروتوكول الصحي الصارم والدقيق، بغية ضمان استمرارية التعليم الحضوري، بما يضمن الحماية للجميع.

المحامي البوعمري: من حق أولياء الأمور اللجوء إلى القانون لإنصافهم

ومن جهته، اعتبر المحامي نوفل البوعمري، أن أي قرار يحرم التلاميذ من متابعتهم للدراسة بدعوى عدم أخذ التلقيح هو “قرار تعسفي، ويضرب في العمق حق التلميذ في التعليم ويتناقض مع قانون حالة الطوارئ الصادر في مارس 2020، الذي ربط كل إجراء احترازي بعدم المساس بالمرتفق العمومية وباستمراريتها في تقديم خدماتها للمواطنين”، مضيفا “والحال هاته نحن أمام مؤسسات تعليمية تريد استغلال هذه الظرفية من أجل ربط الاستفادة من التعليم بأخذ التلقيح”.

وشدد البوعمري، في تصريح خص به “مدار21” على أن القرار “غير مستند على أي أساس قانوني، و مفتقد لأي مشروعية قانونية أو إدارية بل فيه نوع من انتهاك حقوق التلاميذ في التعليم”.

وتأسف المتحدث على كون “هناك تفسير واسع لقرار إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح، حتى تحول هذا التفسير والكيفية التي يتم بها إعمال هذا القرار إلى شكل من أشكال انتهاك خصوصية المواطنين وحقوقهم”، مشيرا إلى أن “المؤسسات التعليمية التي اتخذت هذا القرار سيكون عليها توفير التعليم عن بعد مادام أنها ربطت التعليم الحضوري بأخذ التلقيح، وإلا سيُعرّض من اتخذ هذا القرار بهذا الشكل المسؤولية والمساءلة القانونية أمام القضاء”.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. يخافون ان ينقل الطفل غير الملقح العدوى إلى طفل يحميه اللقاح ، … آخر الزمن حتى المنطق أصبح مغشوسا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News