أبرزها الإنقاذ ومكافحة الحرائق.. القوات الجوية المغربية تتسلح لمهام “المنفعة العامة”

لم يشمل تطور مجال الطيران بالمغرب القطاع المدني فحسب، بل انسحب كذلك على الطيران العسكري، إذ باتت “القوات الملكية الجوية” تتوفر على معدات من أحدث طراز، يتم استغلالها في مهام تُعرف في أدبيات هذه القوات بـ”المهام ذات المنفعة العامة”.
هذه نبذة عن أبرز هذه المهام، وأحدث المعدات المستخدمة فيها، وفقا لطيار ومسؤول عن رواق القوات الملكية الجوية بمعرض مراكش الدولي للطيران (إير شو 2024):
الاستمطار الاصطناعي
تم إطلاق برنامج وطني للاستمطار الاصطناعي تحت مسمى “الغيث” في سنة 1984، لكن اللجوء لهذه التقنية بات يكتسي أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة، بالنظر لشح الأمطار والجفاف الذين يكبدان القطاع الفلاحي والاقتصاد الوطني خسائر كبيرة.
مسؤول عن جناح القوات الملكية الجوية بمعرض مراكش للطيران أكد لصحيفة “مدار 21” أن الطائرتين المستخدمتين في هذه العملية هما طائرتا “King Air” الأمريكية، و « Alpha Jet » الفرنسية/الألمانية.
وأكد أن المغرب عزز ترسانته من الذخيرة المعدة لهذه العملية، مضيفاً أن القوات الملكية الجوية تقوم بطلعات بتنسيق مع مديرية الأرصاد الجوية لإلقاء “نترات الفضة” على السحب بغية تلقيحها، وتشكل هذه الجزيئات نواة لتكثيف إضافي للسحب، أي لعملية تحول حالة المادة من غاز إلى سائل، مما يساهم في هطول الأمطار.
الإجلاء الصحي
عملية أخرى ذات طابع إنساني هذه المرة؛ “الإجلاء الصحي” عملية اكتسبت كل أهميتها في الآونة الأخيرة بسبب الكوارث الإنسانية التي تعرض لها المغرب، وعلى رأسها “زلزال الحوز” الأخير، الذي عبأ كل المؤهلات البشرية والتقنية للقوات الجوية.
وأورد مصدرنا أن الطائرات المستخدمة في هذه العمليات هما طائرتا “CASA” الإسبانية (باتت تعرف الآن بـCN-235 بعد اندماج الشركة المصنعة مع شركات أخرى) ومروحيات من طراز “PUMA SA330″ الفرنسية و”AB 205″ الأمريكية.
وبالإضافة للطائرات، تتطلب هذه العمليات عُدة طبية مُعقدة تعرف بـ”Mur Médicale” أو “Kit Médicale”، المسمى بنظام “EVASAN”، وهو عبارة عن لوحة تحكم تتضمن كافة المستلزمات الطبية الضرورية لإجراء الإسعافات الأولية للمصاب، إلى حين نقله للمستشفى، بما في ذلك الأوكسجين والحُقَن والدم وغير ذلك… يؤكد المتحدث ذاته، بحيث يرافق الطاقم العسكري للطائرة فريق طبي.
مكافحة الحرائق
حوّل التغير المناخي الحرائقَ إلى إحدى أخطر المشاكل البيئية التي تهدد المناطق الغابوية خصوصا ولا سيما في فصل الصيف؛ ما اضطر القوات الملكية الجوية للاستعداد؛ “عبر اقتناء 7 طائرات من صنف “Canadair CL-415” الكندية، يؤكد المسؤول، مسطرا على أن “المغرب هو البلد العربي والإفريقي الوحيد الذي يتوفر على هذا الطراز من الطائرات البرمائية، والتي يمكن تعبئة خزانها بما يزيد عن 6000 لتر من المياه.
وقال إن الطراز المذكور هو الأحدث من نوعه في هذا المجال، وجرى توزيع الطائرات السبع على مختلف جهات المملكة، بحيث يمكن معاينتها وهي تربض على أهبة الاستعداد لتنفيذ مهامها، داخل أرض الوطن أو حتى خارجه، في أهم مطارات البلاد؛ “وضع المغرب هذه الحظوة في خدمة البلدان الشقيقة والصديقة التي تعاني من مشكلة الحرائق”.
البحث والإنقاذ
ومن المهام الكبرى ذات المنفعة العامة التي تقوم بها القوات الملكية الجوية؛ عملية “البحث والإنقاذ”، التي تشمل البشر والحيوان، وفي مجموع التراب الوطني بالإضافة إلى المناطق البحرية الموكلة للمملكة.
ويشير متحدثنا إلى أن “كل الطائرات المذكورة يمكن استخدامها في عمليات البحث والإنقاذ”، لكنها عمليات في غاية التعقيد وتتطلب بالإضافة للطائرات معدات أخرى هامة، من بينها ما يعرف في أبجديات القوات الجوية بـ”Civière flottante” (النقالة العائمة)، وهي عبارة عن نقالة طبية تطفو فوق الماء، ومجهزة بالمعدات الطبية اللازمة لإنقاذ الأشخاص العالقين في عرض البحر والمصابين إثر انقلاب القوارب (عادة ما تُستخدم في إنقاذ ضحايا الهجرة السرية).
وبالإضافة إلى ذلك، تتطلب هذه العمليات بذلة تسمى “kit du plongeur sauveteur” (عدة الغطاس المنقذ)، وهي بذلة مجهزة بكل ما يمكن أن يحتاجه المنقذ للغوص والإنقاذ، بما في ذلك الخوذة وعدة التنفس وهاتف مقاوم للمياه للتواصل مع طاقم الطائرة، وسكين يصلح لتقطيع العقبات…
إيصال المساعدات الإنسانية
وخصصت القوات الملكية الجوية جزء كبيرا من معداتها العسكرية لعمليات إيصال المساعدات الإنسانية والدعم في حالات الكوارث، وذلك لـ”دعم التضامن الوطني والدولي”، وبهدف توصيل الغذاء والدواء والموارد الضرورية للضحايا، سواء داخل أرض الوطن أو خارجه، وفي هذا السياق كذلك، يمكن استخدام كل الطائرات المذكورة سلفا.
مكافحة الجراد
“هذه أقل العمليات التي نقوم بها في الآونة الأخيرة، بفضل تراجع آفة الجراد في المغرب، بعدما كانت من أخطر المشاكل التي تعاني منها المناطق الصحراوية على وجه الخصوص”، يقول الطيار القائم على الرواق، ويضيف: “مع ذلك ما زال المغرب مجهزا بالعدة اللازمة، وهو يضعها رهن إشارة البلدان الشقيقة التي ما تزال تعاني من هذه المشكلة”.
وفي سياق المنظومة الوطنية لتدبير الأزمات، تساهم القوات الملكية الجوية في مكافحة غزو الجراد باستخدام طائرات « C130 »، ومروحيات « AB205 » الأمريكية. والمزودة بأنظمة خاصة للتعامل مع هذه الآفة.
وبالإضافة للطائرات، تتطلب هذه العملية عُدة خاصة، في مقدمتها بذلة مُجهزة، “أهم مكون فيها هو القناع نظرا لخطورة المواد السامة التي يتم إلقاؤها على الجراد على صحة الطاقم”.