حوارات | فن

أحرار: تتويجي بـ”تافسوت” أنصفني والأعمال الأمازيغية تحتاج اهتماما أكبر

أحرار: تتويجي بـ”تافسوت” أنصفني والأعمال الأمازيغية تحتاج اهتماما أكبر

قالت الفنانة فاطمة الزهراء أحرار في حوار مع جريدة “مدار21” إن الاعتراف والتقدير مهمان للفنان ويشكلان حافزا له للاستمرار وتقديم الأفضل، كما التتويجات التي تُنصف مجهوداته في مجال مليء بالصعاب والمتاعب، معبرة عن امتنانها باقتناص فيلميها “الطريق المجهول” و”نفس” جائزتين في مهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية بتافراوت.

وفي هذا الحوار، تكشف أحرار أيضا عن تفاصيل دورين مركبين جسدتهما في فيلمي “الطريق المجهول” و”نفس”، قاداها إلى اقتناص عدة جوائز في صنف “أحسن دور”، متطرقة إلى مستوى الأعمال الأمازيغية التي تجدها أصبحت تستحق الحصول على تأشيرة العبور إلى شاشات القنوات الرسمية الوطنية، دون أن تنحصر في القناة الثامنة.

نص الحوار:

ماذا يمثل لك التتويج في مهرجان تافسوت؟

بعد التتويجات التي حصلت عليها مؤخرا نظير مشاركتي في فيلمي “نفس” و”الطريق المجهول”، التي أعتبرها إنصافا إلهيا قبل أن يكون إنصافا تحكيميا من قبل اللجان، فقد حصدت عدة جوائز في عدد من المهرجانات الوطنية والعربية والدولية، آخرها مهرجان برشيد الذي نلت فيه جائزتين عن الفيلمين، وجائزة أحسن تشخيص عن فيلم “نفس” في المهرجان الدولي للسينما بآسا، سعيدة مجددا بحصد جائزتين عن دوري في فيلمي “الطريق المجهول” و”نفس” في مهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية بتافراوت، تقديرا للمجهودات التي قدمتها بهما.

وتكمن سعادتي أيضا لكون هذا التتويج الأول لي في مهرجان يحتفي بالسينما الأمازيغية، بعد عدة تتويجات في مهرجانات عربية ودولية، خاصة وأنني أمازيغية الأصل من الأطلس، مما زادني اعتزازا، لتمثيل الفنانات الأمازيغيات اللواتي أهدي لهن هذا التتويج.

والأجمل في هذا التتويج أنه بحضرة قامات كبيرة في لجنة التحكيم، مثل المخرج الكبير حكيم بلعباس الذي أعتبره مثلي الأعلى، وهو من المخرجين الكبار الذي أفتخر به وبأعماله، إلى جانب ميلود الحبشي الذي يعد واحدا من الرواد، والفنان الرائع عبد الله الشاكيري، وقد شكلت إشادة المخرج الكبير حكيم بلعباس بدوري جائزة أخرى في حد ذاتها.

وشعرت بأنني أُنصفت مجددا، وتم تقدير مجهوداتي، لا سيما وأن الدورين كانا مركبين وثقيلين، فهذه الجوائز بالتأكيد ستزيدني عزيمة على الاستمرار وعدم التراجع إلى الوراء حتى أظل دائما عند حسن ظن الجمهور الذي تفاعل بدوره مع هذين الفيلمين الأخيرين، كما أهدي هذا التتويج إلى والدتي وطاقم العمل.

وأشير أيضا إلى أهمية حضور مثل هذه المهرجانات في منطقة تافروت كما العديد من المناطق التي هي في حاجة إلى السينما، التي من شأنها أن تحرك السياحة.

حدثينا عن تفاصيل فيلم “الطريق المجهول” المُتوج ودورك فيه؟

فيلم “الطريق المجهول” يحكي عن فتاة تُدعى “دنيا”، ستجد نفسها عُرضة للشارع، بعد مغادرتها أسوار دار رعاية، لبلوغها سن 18، إذ ستتعرض لأبشع أنواع الاستغلال والاعتداء من قبل ذئاب بشرية.

وستنطلق معاناة دنيا عند وثوقها في رجل مسن كانت تعتبره في مقام عمها، والذي لجأت إليه بحثا عن الأمان وهربا من قساوة الشارع، غير أنه سيكون أول معتدٍ عليها، والوحش الذي يفترسها ويُغلق عليها أبواب المنزل، لتجد نفسها في سجن آخر. ومعاناة دنيا ستتكرر بعدما يُقدم أحد الأشخاص على إنقاذها ليكون وحشا آخر ينقلها إلى مكان أكثر بشاعة (ملهى ليلي)، مستغلا حاجتها وعدم توفرها على مكان يأويها، لتجد نفسها مضطرة لسلك هذا الطريق الذي ستتعرض فيه للتحرش، وجميع أنواع العنف والاعتداء والاغتصاب.

حياة هذه الفتاة ستصبح طريقا مجهولا، في غياب الاستقرار، وعدم قدرتها على إيجاد عمل يحفظ لها كرامتها ويحميها من الاستغلال، فتجد نفسها دائما أمام خيارين إما أن تختار طريقا صحيحا أو تختار طريقا مليئا بالأشواك والعقبات، وختام الفليم سيكون مفتوحا على عدة نهايات يخلص إليها المتفرج، دون أن يتم تحديد الطريق الذي سلكته، ولم يتضح ما إذا كانت قد اختارت النور أم الظلام.

ودنيا تعكس معاناة عدة فتيات في المجتمع، اللواتي يدخلن إلى دور الرعاية ويخرجن منها في سن حساس، ليتفاجأن بحياة أخرى مليئة بالذئاب البشرية والوحوش، الذين يرونهن جسدا فقط، لذلك لا يجب التخلي عنهن، والبحث عن سبل تأمين حياتهن بعد الخروج منها، ولا نعني فقط الإناث فالذكور كذلك يعانون بعد مغادرتهم أسوار “الخيرية”، فهم على حد سواء معرضون للتحرش والاغتصاب والإجرام، وتصبح طرقهم مجهولة.

وماذا عن تفاصيل فيلم “نفس” وشخصيتك به؟

فيلم “نفس” يحكي عن صحفية اسمها نجمة عز الدين، تعيش حياتها الإعلامية بكواليسها في بلاطوهات التصوير، فهي تعشق مهنتها، وتعيش حياة هادئة بسيطة، مستمتعة بتفاصيلها، لكن في لحظة ما ستنقلب حياتها رأسا على عقب، لتجد نفسها في قلب لعبة غامضة لا تستطيع استعابها، إذ ستكتشف أشياء غريبة تلاحقها في مخيلتها، لتتحول حياتها إلى كابوس مرعب، وتقبع وسط مخاوف لامتناهية.

والفيلم يتكون من أحداث متسلسلة في قالبين غامض ومثير إلى أن تكتشف نجمة أن هناك من يراقبها ويتلاعب بأقدارها وحياتها المهنية والخاصة، ويؤثر عليهما، ليكون وراء تخبطها وسط حياة غير مستقرة مليئة بالغموض والمخاوف، مما يدفعها لخوض رحلة بحث عن الحقيقة لمواجهة هذا الوجود الغامض والتخلص من الشك، رغبة في الحصول على حياة جديدة ونفس جديد نسبة إلى عنوان الفيلم.

ماذا يشكل الاعتراف والتقدير للفنان من خلال التتويجات أو التكريمات؟

الاعتراف والتقدير يعدان مهمان جدا للفنان سواء كان ممثلا أو مخرجا أو كاتبا أو مغنيا، فالاعتراف يكون منصفا للفنان في هذه المهنة التي تعد مهنة متاعب، والتي يؤدي فيها كل ما له من قوة للإبداع وإرضاء الجمهور وليكون في مستوى لائق، ويشكل له السند الذي ينسيه ذلك التعب.

شعور رائع لا يمكن وصفه، لكن الفنان في حاجة إلى الاعتراف من طرف لجان حقيقية تشتمل على فنانين أكفاء وأصحاب تخصص في السينما، تضم قامات كبيرة لا تهدر حق الفيلم أو الممثل أو السيناريست أو المخرج أو المنتج أو إدارة التصوير، وفي قليل من المرات التي نصادف فيها لجان صادقة ومنصفة. الفنان يعطي الكثير ويحتاج فقط إلى الاعتراف والتقدير والإنصاف، تغني الفنان عن المال.

وفي هذين الفيلمين شعرت بالرضا، والامتنان، خاصة وأنني قدمت دورين مركبين، تطلبا مني البقاء تحت الماء والجري في الشارع ليلا لمدة، لكنني أنصفت من قبل لجنة حقيقية مكونة من فنانين كبار.

ما رأيك في مستوى السينما الأمازيغية، وهل هي بحاجة إلى عناية أكثر؟

هناك طفرة نوعية، بالنسبة للأعمال الأمازيغية، التي هي في تقدم، وتسير في مسار توسيع مساحتها وأخذ حقها، والدليل أن الدراما الأمازيغية أصبحت في مواسم رمضان تنافس الأعمال الناطقة بالدارجة، لتوفرها على مقومات إبداعية مهمة، كما السينما التي تسير في طريقها الصحيح. لكن يجب أن تمنح لهذه الأعمال كما اللغة الأمازيغية التي أخذت مكانتها التي تستحقها في البلاد، من خلال تحقيق الوفرة في الإنتاج والعناية الإعلامية، بالشكل والمساحة التي تُمنحان للأعمال الناطقة بالدارجة التي تُسخر لها ميزانيات ضخمة في مقابل دعم قليل للأخرى، خاصة وأن المستوى أصبح متشابها وصناع الأعمال يبذلون مجهودات جبارة بالشكل ذاته.

وأظن أنه أصبح من الضروري إيلاء الاهتمام  للأعمال الأمازيغية، وتخصيص لها الدعم الكافي، والتغطية الإعلامية التي تساهم إما في نجاح العمل أو سقوطه، إذ لا يجب الاستهانة بهذه الأعمال وتمييزها عن السيتكومات والمسلسلات الناطقة بالدارجة، لأن الأعمال الأمازيغية بدورها راقية وتستقطب الجمهور.

ويجب أيضا أن تبرمج في القنوات الأولى والثانية و”إم بي سي” ولا تبقى محصورة فقط في العرض على القناة الأمازيغية، وإذا تطلب الأمر إرفاقها بترجمة لتسهيل وصلوها إلى غير الناطقين بالأمازيغية، ولو أنني أجد أن الشعب المغربي هو ذكي واهتم بالأفلام الهندية والتركية دون أن تكون اللغة مفهومة للجميع.

ومن الضروري أيضا أن تُمنح الفرصة للمخرجين والممثلين الأمازيغ، وعدم إسناد الأدوار للممثلين الذين لا يتقنون اللغة الأمازيغية ويتم تلقينهم إياها، مما يحرم غيرهم من أبناء المنطقة من المشاركة. كما أن هذه الأعمال في حاجة إلى نقاد يتابعونها ويبدون رأيهم فيها لخلق نقاش فني، في صالح الإبداع المغربي الذي يسير في تطور، ونمثل به المغرب دوليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News