“لوموند” بمرمى الانتقادات بعد استهدافها الممنهج للمغرب ومحاولة تشويه سمعته

أثار مقال نشرته جريدة “لوموند” الفرنسية جدلاً واسعًا، خاصة أنه حاول تصوير المغرب كدولة تعيش على التناقضات والانفلاتات والصراعات الداخلية، مع تلميح ضمني إلى نهاية حكم الملك محمد السادس، متجاهلاً الإنجازات الملكية والأنشطة الرسمية للعاهل المغربي خلال الأشهر الأخيرة.
وشملت هذه الأنشطة ترؤس المجالس الوزارية، وإطلاق مشاريع تنموية كبنية السكك الحديدية فائقة السرعة LGV ومنصة المخزون والاحتياطات الأولية، واستقبال الوفود الرسمية، وإصدار العفو الخاص، إلى جانب توجيه الحكومة لإعداد استراتيجيات وطنية جديدة.
ولم يقتصر المقال على التحليل النقدي، بل ذهب إلى خلط متعمد بين الأخبار الزائفة والانطباعات والشائعات، مما أثار موجة من الانتقادات من جانب إعلاميين وسياسيين مغاربة، معتبرين أن النص يسيء إلى صورة المغرب ويضع المملكة في فخ التحليل الأحادي والمضلل.
ووصف الأكاديمي عمر الشرقاوي مقال “لوموند” بأنه بلغ أقصى درجات الوقاحة، مشيرًا إلى محاولة الجريدة تسويق فكرة نهاية حكم الملك محمد السادس وتصوير المغرب كدولة غارقة في التناقضات والمؤامرات والانفلاتات والأهواء الشخصية، وكأن المملكة التي شهدت على مدار قرون استمرارية الملكية العلوية ليست سوى تجمع مصالح عابر للزمن.
وأضاف أستاذ القانون أن المقال تضمن خلطًا متعمدًا بين الانطباع والخبر الزائف والروايات المختلقة، دون حجة واحدة تدعم مزاعم نهاية حكم الملك. وأكد أن الملكية ليست مؤسسة للاستهلاك اليومي، بل هي مؤسسة استراتيجية تظهر حين تفرض الواجبات الدستورية ذلك وتتجاوز اختصاصات المؤسسات الدستورية.
وأشار الشرقاوي إلى “النظرة الاستعلائية الكولونيالية للجريدة، التي تتخفى خلف حرية الصحافة لتتنطع في التنقيط والحكم على نهاية مرحلة ملكية”، معتبرًا أن هذه “الوصاية الإعلامية تكشف عن العقل الكولونيالي الذي لم يتخلص منه الإعلام الفرنسي، حيث لا يزال المغرب يُنظر إليه كدولة من ما وراء البحار”.
وأضاف عمر الشرقاوي، في مقال نشره على صفحته بمنصة “فيسبوك”، أن الخط التحريري للجريدة مبني على “تصفية الحسابات والشائعات تجاه المغرب”، مستشهدًا بملفات سابقة نشرتها لوموند في 2009 و2015، مؤكدًا أن الجريدة تعمل وفق “أجندة سياسية وليست حرية صحافة مهنية ومستقلة”.
واختتم الشرقاوي تحليله بالإشارة إلى الرواية الأحادية التي تقدمها الجريدة، والتي اكتفت بمعطيات مغرضة من بعض المصادر، متجاهلة الرواية المضادة التي تخدم الحقيقة، معتبرًا أن المقال جزء من حملة ممنهجة تهدف إلى بث الشكوك حول صلابة وشرعية المؤسسة الملكية.
بدوره، اعتبر كاتب الرأي والمحلل السياسي، البراق شادي عبد السلام، أن المقال يوضح بشكل مفضوح أن الدوائر الدولية المعادية للوطن تحاول استهداف الأمن القومي للمغرب، مستغلة وجوهًا داخلية وخارجية وبعض الفاعلين الرقميين لنشر الأزمات والأخبار الزائفة.
وأوضح عبد السلام أن نجاح الدولة المغربية في محطاتها السياسية الداخلية وإسقاط آثار الخريف العربي أربك حسابات الخصوم، مشيرًا إلى أن المغرب يراقص الأفاعي في لعبة استراتيجية دقيقة ويخوض معارك دبلوماسية طاحنة في عواصم مؤثرة في القرار العالمي للحفاظ على مصالح الشعب.
وأشار المحلل السياسي إلى أن المغرب يعتمد على العدالة في الموقف والرد المناسب في الزمكان المناسب، مما أربك الأعداء وساهم في تقديم صورة لدولة قوية بمؤسسات راسخة وملك حكيم يحظى بدعم شعبي متماسك.
وأكد عبد السلام أن اللعبة الاستراتيجية للمغرب تعتمد على التوقيت الدبلوماسي الدقيق، وحماية وحدة التراب الوطني، وضبط رقعة الشطرنج التي تتحرك فيها أذرع الخصوم، مشيرًا إلى أن محاولات التشكيك والإساءة لن تؤثر على العلاقة التاريخية بين العرش العلوي والشعب المغربي، التي تمثل حجر الزاوية في بناء الهوية الوطنية.
وأوضح أن الملكية المغربية ليست مجرد منصب سياسي، بل هي تجسيد حي للسيادة الوطنية، وتستند إلى البيعة الشرعية التي تمنح المؤسسة الملكية بعدًا دينياً وتاريخياً، مما يجعل كل محاولة لزعزعة استقرارها محكومًا بالفشل.
وأكد عبد السلام أن الرد الاستراتيجي للمملكة يتجسد في الالتفاف حول العرش العلوي، وتنفيذ مضامين النموذج التنموي الجديد، والانخراط في أوراش التنمية المستدامة، باعتبارها درعًا حقيقيًا لمواجهة الأجندات المعادية، مع التركيز على حكامة رشيدة وتعزيز قوة الدولة من الداخل، بما يعكس رؤية ملكية متبصرة ومؤسسات سيادية عصية على الاختراق.