تحذير عسكري إسباني: طائرات F-35 تهدد التفوق الاستراتيجي لمدريد على الرباط

حذر مسؤول عسكري إسباني من فقدان بلاده لتفوقها الاستراتيجي أمام المغرب، في ظل تسارع وتيرة التحديث العسكري التي تنفذها الرباط بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل.
وأكد القائد في الجيش الإسباني إيميليو خوسيه أرياس أوتيرو أن هذا السباق غير المتوازن يهدد بوضع إسبانيا في موقع ضعف غير مسبوق، خاصة بعد تخليها عن مشروع اقتناء مقاتلات F-35، مشدداً على أنه في حال حصول المغرب على هذه الطائرات فسيصبح “عدواً خطيراً” قادراً على قلب موازين القوى في المنطقة.
وجاء هذا التحذير في دراسة مطولة نشرها أرياس أوتيرو على موقع المركز الأعلى للدراسات الدفاعية في إسبانيا، إذ اعتبر أن مدريد تواجه تحدياً صامتاً يتجلى في الطموحات المغربية تجاه سبتة ومليلية (المحتلتين)، بالتوازي مع توسع قدرات الرباط العسكرية وتوظيفها أدوات ضغط متنوعة تشمل الدبلوماسية والاقتصاد والهجرة والتكنولوجيا.
ووفق التحليل ذاته، فإن إسبانيا ما تزال تعتمد نهجاً يقوم على ردود الأفعال بدلاً من المبادرة، ما يجعلها عاجزة عن التحكم في وتيرة المواجهة ويترك زمام المبادرة بيد المغرب.
وأوضح القائد الإسباني أن الرباط لا تلجأ إلى المواجهة المباشرة، بل تعتمد ما وصفه باستراتيجيات “المنطقة الرمادية”، أي خطوات مدروسة تبقى دون عتبة النزاع المسلح لكنها تحدث تأثيرات عميقة على الأرض.
ومن بين أبرز الأمثلة التي ساقها أزمة الهجرة في ماي 2021 حين تدفق آلاف المهاجرين نحو سبتة المحتلة، وإغلاق الحدود التجارية لمليلية سنة 2018، إضافة إلى قضايا التجسس الرقمي باستخدام برنامج بيغاسوس ضد مسؤولين حكوميين، فضلاً عن توظيف ملف الصحراء كورقة ابتزاز في علاقاتها مع مدريد.
وانتقد أرياس أوتيرو بشدة تبني إسبانيا لموقف الرباط في قضية الصحراء دون الحصول على مقابل واضح، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل خطأً استراتيجياً يضعف الموقف الإسباني ويفتح المجال لمزيد من الضغوط المغربية.
وقال إن هذه السياسة تقترب من نهج “الاسترضاء”، وهو خيار محفوف بالمخاطر لأنه يبعث برسالة ضعف ولا يضع حدوداً واضحة للمطالب المتزايدة من الطرف الآخر.
كما حذر من الركون إلى المظلة الأطلسية، مشيراً إلى أن سبتة ومليلية (المحتلتين) غير مشمولتين بشكل صريح بالمادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، وبالتالي فإن الدفاع الجماعي غير مضمون في حال وقوع اعتداء.
وذكّر بتجربة جزيرة ليلى سنة 2002 عندما اقتصر تدخل الحلفاء على وساطة أمريكية دون أي مشاركة عسكرية مباشرة، وهو ما يبرهن على محدودية الرهان على الردع الخارجي.
واعتبر المسؤول العسكري أن الدبلوماسية الإسبانية بدورها تعاني من غياب رؤية واضحة ومتسقة في مواجهة مطالب المغرب، إذ بدت عبر العقود مترددة وغير قادرة على صياغة موقف وطني موحّد، وهو ما انعكس سلباً على مصداقية الردع الإسباني.
وختم أرياس أوتيرو تحليله بدعوة صريحة إلى تبني تغيير جذري في السياسة الإسبانية، يقوم على تعزيز القدرات العسكرية بشكل عاجل، وصياغة خطاب دبلوماسي حازم، والاستعداد لمواجهة التكتيكات الهجينة بسرعة وصرامة، إلى جانب تقليص الاعتماد على الحلفاء الخارجيين وتبني استقلالية استراتيجية.
وأكد أن التحدي المطروح لا يتمثل في حرب مباشرة، بل في استنزاف بطيء وضغوط متواصلة تسعى من خلالها الرباط إلى انتزاع مكاسب بأقل التكاليف، وهو ما يستوجب من مدريد تطوير أدوات ردع فعالة لحماية سيادتها ومصالحها الحيوية.