بعد مجلسي البرلمان.. هل تلتقط الأحزاب الإشارة وتُقر مدونة الأخلاقيات؟

بعد إقرار مدونة الأخلاقيات بكل من مجلسي النواب والمستشارين بالبرلمان، باتت الأنظار متجهة إلى الأحزاب السياسية بالمغرب، التي أصبحت مطالبة بالتفاعل مع دعوات تخليق الحياة السياسية، لتساهم من جهتها في منع وصول المشتبه بهم والمتابعين إلى المؤسسات المنتخبة، وعلى رأسها البرلمان.
ووصل عدد السياسيين، من برلمانيين ورؤساء جماعات ومجالس جهات وغيرها، المتابعين ضمن قضايا فساد إلى أرقام قياسية، مما دفع كثيرا من الحقوقيين والمتابعين إلى دق ناقوس الخطر ودعوة الأحزاب إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد، وهو ما يسائل مدى التقاط الأحزاب لهذه الإشارات من أجل إقرار مدونة للأخلاقيات داخلها.
وقال المحلل السياسي محمد شقير، في تصريح لجريدة “مدار21″، إن “مسألة مراقبة الأخلاقيات هي مسألة حزبية داخلية، وكل حزب لديه آليات المراقبة والتأديب داخليا، وبالتالي ليس مطروحا خلق مدونة الأخلاقيات للأحزاب، بل المطروح هو تغيير الاستراتيجيات الحزبية في تعاملها مع المجال السياسي وعدم تغليب المصلحة الانتخابية على المصلحة السياسية”.
وتابع شقير “كون الأحزاب تركز بالأساس على المقاعد الانتخابية أو المقاعد داخل البرلمان، بغض النظر عن طبيعة المرشح الذي يمكن أن يفوز، هو ما أدى إلى انتشار هذا النوع من المنتخبين الذين لا يتوفرون على تربية سياسية ولا على منظور نبيل للسياسة باعتبارها بحثا عن الصالح العام، بل يبحثون عن الحصانة والدفاع عن مصالحهم الشخصية”.
وشدد على أن “الترابط الحاصل بين البحث عن المصالح الشخصية والبحث عن أكبر عدد ممكن من المقاعد الانتخابية هو الذي يؤدي الى هذا النوع من انتشار الفساد السياسي وانتشار نوعية خاصة من المنتخبين ماضيهم أسود وتعطى لهم التزكية من طرف الأحزاب”.
وهذا الأمر، وفق شقير، “يسائل الناخب الذي يصوت كذلك إذ من الضروري أن يتحرى، ولا يعقل أن مرشحا معروفا بماضيه ويتم التصويت عليه وتزكيته انتخابيا”، مشددا على أن “المسؤولية مشتركة والأحزاب تتحمل جزءا كبيرا من هذا الانتشار، والناخب أيضا بحكم ضعف وعيه السياسي وارتشائه واستفادته من إغراءات”.
ومن جهة أخرى، يرى شقير، بأن “أجهزة الدولة ينبغي أن تلعب دورا في هذا المجال، إذ لا يعقل أن شخصية تقدم وثائق ترشحها ومع ذلك السلطة تتغاضى عن سوابق هذه الشخصية”، داعيا إلى “أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، إذ لا يعقل أن المنتخب الذي يمثل أمة لا يتم التشديد عليه في الجانب المتعلق بسوابقه”، معتبرا أن “المسؤولية مشتركة تتحملها مختلف مكونات العملية السياسية”.
ولفت إلى أن مسألة الأخلاقيات تطرح على مكونات المنظومة ككل، مفيدا أن الأحزاب “تخلت عن التأطير والتربية السياسية لمناضليها وأصبحت تبحث عن الأعيان الذين لم يتربوا داخل الحزب وليس لهم مسار نضالي داخله، وهذه الممارسة السياسية يجب القطع معها، والأحزاب تتحمل جزءا من هذه الظاهرة.
وأكد شقير أن الأحزاب مكون من مكونات المشهد السياسي، مضيفا أن هذا الأخير سمح في وقت معين بهذه الممارسات، موضحا أن تغاضي الأجهزة المركزية عن ظواهر الفساد السياسي هي التي أدت في آخر المطاف إلى هذا الوضع.
ولفت إلى أن هذه الإشكاليات مرتبطة بما يُطلق عليه “المال الحرام” وتوظيفه في الانتخابات، خاصة أنه انتشر داخل أحزاب معينة بشكل أكبر، مسجلا تغاضي السلطات من قبل على هذة الظواهر، رغم صرف مرشحين أموال كبيرة في حين أن الحملات الانتخابية تحدد المقدار الواجب داعيا إلى التحقق من هذه الأموال ومعاقبة الأحزاب إذا ثبت ضمها مرشحين فاسدين وحرمانها من الدعم المالي.
وأردف أن عملية التخليق مشتركة، يجب أن تنطلق من الأحزاب، وصولا إلى السلطات المنظمة العملية الانتخابية التي يجب أن تكون صارمة في هذه المسائل.