أمام غلائها “غير المسبوق”.. خبراء يقترحون استيراد اللحوم الحمراء المجمدة الحلال

في الوقت الذي لامست فيه أسعار اللحوم الحمراء سقف 100 درهم بالنسبة لثمن الجملة واقتربت فيه من 120 درهم للكيلوغرام الواحد في الأسواق الوطنية، دعت رابطة المهندسين الاستقلاليين إلى تعزيز المساعدات المالية لصالح صغار مربيي الماشية ودعم استيراد اللحوم المجمدة الحلال من أجل تحسين العرض وخفض حدة ارتفاع أسعار هذا المنتوج على جيوب المواطنين.
المقترحات التي ساقتها رابطة المهندسين تضمنتها خطة عمل للمساهمة في إرساء سيادة غذائية مستدامة وفعالة لقطاع اللحوم الحمراء في المغرب، حيث شددت على أن “عدة إكراهات حالت دون النهوض وإقلاع الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء وضمان تزويد السوق الوطنية رغم استيراد الأبقار والأغنام”.
وركزت خطة العمل، التي اطلعت جريدة “مدار21” على نسخة منها، على تشخيص الوضعية التي أدت إلى هذا الارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء، مشيرةً إلى “الزيادة المذهلة في أسعار علف المواشي والتي وصلت الآن إلى ما يقرب 88 في المئة وانخفاض أعداد الماشية بنسبة 50 في المئة تقريبا على مدى السنوات العشرين الماضية”.
وبلغة الأرقام، أضاف المصدر ذاته أن قطاع الماشية عرف تدهورا “غير مسبوق” خلال العقدين الأخيرين، مبرزا أنه “انتقلنا من 6.2 مليون رأس في عام 2000 إلى أقل من 3.2 مليون رأس في عام 2020 وفقدان 150 ألف رأس من الأبقار الحلوب بين عامي 2020 و2022″، مسجلةً “وقع الضغط على ذبح الأصناف الأخرى من الماشية وخاصة الأغنام والماعز لتعويض الخصاص من اللحوم”.
وعن الهدف وراء وضع هذه الخطة، أشارت الرابطة إلى “المساهمة في إرساء سيادة غذائية مستدامة وفعالة لقطاع اللحوم الحمراء في المغرب من خلال تحديث الإنتاج وتدبير معقلن ومستدام للموارد والحد من الاعتماد على الاستيراد وتشجيع الاستهلاك المحلي”.
وأبرز المرجع نفسه أن “البرامج السابقة لتنمية الثروة الحيوانية وسلاسلها الإنتاجية أظهرت محدوديتها في ضمان الأمن الغذائي من اللحوم الحمراء”، مشددا على “عجزها عن تلبية احتياجات المستهلك من جهة وتحسين مستوى المعيشة بالعالم القروي وإحداث طبقة متوسطة من مربي الماشية”.
وصلةً بتدبير هذه المرحلة التي تعرف ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم الحمراء، أضافت الرابطة أنه “لم يتم بالشكل الجيد والفعال”، منتقدةً “التوقعات غير الدقيقة لانخفاض الأسعار حيث تم تسجيل ضعف في التواصل الكافي خلال فترات هذه الأزمة مما لم يساعد على بعث الطمأنينة لدى المواطن”.
واسترسلت الهيئة ذاتها في تفكيكها عوامل الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء بالإشارة إلى “الحالة الحرجة لاحتياطاتنا المائية التي سجلت أدنى مستوياتها مع توقف شبه كامل للسقي في العديد من الأحواض الزراعية السقوية حيث لا يتعدى مستوى الملء الحالي للسدود نسبة 28.5 في المئة”، مسجلةً أن “ضعف إنتاجية الزراعات الخريفية والربيعية، بسبب قلة التساقطات المطرية، لم يساعد على إعادة بناء وهيكلة قطعان الماشية بل على العكس انخفضت بشكل كبير، على مدى السنوات الثلاث الماضية”.
وأشار المصدر ذاته إلى “ارتفاع تكلفة أعلاف الماشية حيث تمثل نسب ما بين 60 في المئة إلى 70 في المئة من تكلفة إنتاج اللحوم الحمراء في المغرب”، مبرزاً أن “جزءا كبيرا من هذه الأعلاف يتم استيرادها من الخارج”، وموضحا أن “ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج لها ارتباط وثيق بتقلبات السوق الدولية، ما يؤثر بشكل مباشر على سعر اللحوم الحمراء في السوق الوطنية”.
واستدعت الوثيقة ذاتها “ضعف قدرة الحصول على القروض البنكية ودعم الدولة من طرف فئة صغار ومتوسطي مربي الماشية”، موردةً أن “هذا الضعف يحد من قدرتهم على الاستثمار واستعمال التكنولوجيات والممارسات الحديثة في مجال الإنتاج الحيواني”.
وعلى الرغم من تحرير قطاع المجازر سنة 2012، تضيف الوثيقة نفسها، أنه “لا تزال العديد منها لا تستجيب لمعايير السلامة الصحية فيما يخص البنية التحتية والموقع غير المناسب ومستوى المعدات غير الكافي وأساليب التدبير غير المعقلنة”.
وضمن الاقتراحات التي ساقتها الرابطة لتجاوز أزمة غلاء أسعار اللحوم الحمراء، أوردت “تعزيز نظام المساعدات المالية المقدمة من طرف الدولة لفائدة صغار مربي الماشية باعتبارهم المزودين الرئيسيين للأسواق الوطنية من اللحوم الحمراء”، مبرزةً أهمية “تشجيع تنويع مصادر اللحوم من اللحوم البيضاء والأسماك والأرانب لتعويض الخصاص المسجل في اللحوم الحمراء”.
وأشارت الهيئة نفسها إلى “دعم استيراد اللحوم المجمدة الحلال من أجل تحسين العرض في السوق الوطنية”، داعيةً إلى “تعزيز مراقبة الجودة وشروط السلامة الصحية لهذه اللحوم المستوردة تقديم المزيد من الدعم لمهنيي نقل اللحوم بعد زيادة تكاليف الوقود والطاقة من أجل تقليل تكلفة توزيع اللحوم واستقرار أسعارها”.
ونادت الهيئة ذاتها إلى “رفع مستويات الدعم المقدم من طرف الدولة لإنتاج أنثى العجول واستيرادها من أجل إعادة تكوين القطيع الحيواني الوطني”، مشددةً على ضرورة “منع ذبح الإناث دون سن الخامسة على مدى فترة لا تقل عن خمس سنوات”.
وخلصت الهيئة نفسها إلى دعوة المتدخلين في القطاع إلى “إطلاق حوار وطني بشأن الأولويات الوطنية للسيادة الغذائية بالمغرب”، موردة أهمية “العمل على إنشاء مؤسسة وطنية عليا أكثر فعالية، ومسؤولة عن رسم السياسات العامة ومتابعتها وتقييمها في مجال السيادة الغذائية الوطنية”.