مجتمع

احتجاجات طلبة الطب.. أزمة مستمرة وتتمدد ومستقبل مجهول لـ”أطباء الغد”

احتجاجات طلبة الطب.. أزمة مستمرة وتتمدد ومستقبل مجهول لـ”أطباء الغد”

بعد أشهر من استمرار الأزمة داخل كليات الطب بالمغرب جراء مقاطعة الطلبة للدروس التطبيقية والنظرية والامتحانات، ما زالت الأزمة على حالها قبل أن يرفع قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بحل مكاتب الطلبة، ومنع جميع أنشطته، حدة الاحتقان إلى أعلى مستوياته.

ومع استمرار الأزمة لأزيد من ثلاثة أشهر، يسود تخوف كبير من سنة بيضاء ستربك قطاعا حيويا بالمغرب.

احتقان قديم/جديد

وشكلت سنة 2012 بداية لمسلسل التوتر بين طلبة الطب والوزارتين المعنيتين، حينما قررت اللجنة الوطنية لطلبة كليات الطب، تنظيم وقفات احتجاجية وطنية بجميع كليات الطب وإضرابات إنذارية بكافة المصالح الاستشفائية الجامعية، بغرض لفت أنظار وزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر إلى قيمة التعويض عن الخدمة التي يتقاضاها طالب الطب المغربي ابتداء من السنة الثالثة، والتي لم تكن تزيد قيمتها عن 110 دراهم شهريا، إلى جانب رفض الدولة الترخيص لإنشاء كليات طب خاصة.

كما ناشدت التنسيقية الوطنية طلبة القطاع وزير الصحة آنذاك الحسين الوردي، لإدماج خريجي كليات الطب التابعة للدولة في الوظيفة العمومية.

إعلان الحسين الوردي، عزمه إقرار الخدمة الإجبارية لمهنيي الصحة في المناطق النائية لمدة عامَين وفق مشروع قانون جديد، تلقى ردود أفعال غاضبة من طلبة وخريجي كليات الطب، دفعهم للخروج إلى الشارع احتجاجا على القرار الذي أكدوا أنه سيفاقم معاناة الطلبة، مما يلزمهم الاشتغال دون ترسيم.

ولم ترق مقاطعة طلبة الطب للدروس النظرية والتداريب الاستشفائية خلال الدخول الجامعي لموسم 2015-2016، كثيرا الوردي بعدما أكد أن سنة بيضاء في انتظارهم، لتقرر التنسيقية التصعيد عبر وقفات احتجاجية، زيادة على الإضراب عن العمل داخل المراكز الاستشفائية الجامعية.

تعاقب الحكومات والوزراء على القطاع المعني أبقى استمرارية الشد والجذب بين الطلبة الأطباء والحكومة، زاد من حدته قرار وزير التعليم العالي الحالي، عبد اللطيف ميراوي، تقليص سنوات التكوين في الطب من سبع إلى ست سنوات.

ميراوي يفشل في احتواء الاحتجاجات

قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خفض سنوات الدراسة في كليات الطب من سبع إلى ست سنوات، ابتداءً من الموسم الدراسي 2022/2023، وذلك بهدف بهدف تسريع وتيرة تكوين الأطباء وسد الخصاص الذي يعاني منه المغرب.

قرارٌ دفع “أطباء المستقبل” إلى التصعيد من حدة احتجاجاتهم بدءاً من 14 من دجنبر الماضي في ظل الضبابية التي يتسم بها مستقبل تكوينهم خلال السنة السادسة وما بعدها، وسط غياب لأي تجاوب ملموس من طرف الوزارتين الوصيتين، بعد مرور أكثر من سنة على إقرار تقليص سنوات التكوين.

ودعت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة الوزارتين الوصيتين إلى الجلوس معا على طاولة الحوار بمقترحات جادة وموضوعية، مع تفعيل لجان تقنية بهدف وضع تصور واضح حول الدراسات في كليات الطب بالمغرب.

بعد أن عقدت اللجنة جموع عامة تقريرية ومصيريّة بمختلف كلّيات الطب، لتدارس الملف المطلبي، ردت وزارتا التعليم العالي والصحة باجتماع بمُمثلي طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في الخامس من دجنبر من السنة الماضية، بغرض احتواء الاحتقان وتدارس الملف المطلبي.

اجتماع لم يكن كافيا بالنسبة للطلبة، لتوقيف احتجاجاتهم خاصة وأنه لم يسفر سوى عن مَحضر اتفاق تضمن عدد من الوعود، مطالبين برد فعل مقنع من الوزارتين فيما يتعلق بضعف التكوين والتأطير، وعدم وضوح مرامي قرار تقليص سنوات الدراسة، معلنين بذلك عن استمرار الطريق النضالي لإيجاد حلول لضعف التأطير والمواكبة، وتوفير تكوين متين، في ظل التزايد المطرد لعدد الطلبة الوافدين، علاوة على ما يشتكي منه طلبة الصيدلة من عدم الاستفادة من التداريب داخل مختبرات صناعة الأدوية، وغياب للتأطير أثناء الأعمال التطبيقية الاستشفائية.

رد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي على قرار التقليص أن تنزيله لم يأت اعتباطا بل سبق للنموذج التنموي وأن تضمنه، مرجعا إياه إلى تحول كبير في التكوين عموما والميدان الصحي خصوصا، مدعما ذلك بأمثلة عدد من البلدان التي لا تتجاوز مدة التكوين في هذا المجال ست سنوات، مدعما موقفه بقيام وزارته بإضافة ما يفوق 20 ألف مقعد جديد بالجامعات المغربية.

رد صارم وتهديد بالأصفار

ولم يتأخر وزيري التعليم العالي والصحة في الرد على الاحتجاجات المتصاعدة، وهدد بمنح نقطة الصفر للطلبة الذين يقاطعون الدراسة والامتحانات، مشددا على أن “المرونة” التي تم التعاطي بها مع أطباء وصيادلة المستقبل “وصلت إلى نهايتها”.

وعقد الوزيران عبد اللطيف ميراوي وخالد آيت الطالب ندوة صحفية مشتركة، كذبا خلالها كل الإشاعات الرائجة في صفوف الطلبة حول دواعي هذا القرار، خاصة المتعلقة بقطع الطريق أمام هجرة الأطباء بالنظر لمدة التكوين بهذا القطاع بفرنسا والتي ما زالت محصورة في سبع سنوات، ومن شأن التقليص أن يؤثر على جودة تكوينهم.

رد فعل الوزارتين لم يكمم أفواه الطلبة، بل جددوا رفضهم القاطع للقرار لما له من تأثير سلبي مباشر على جودة تكوين الطبيب، وفقهم.

مطالب لا محيد عنها

برر طلبة الطب رفضهم قرار تقليص مدة التكوين بالدفاع عن مشاكل أكبر تنخر كليات الطب بالمغرب، والتي عددتها اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان في ملفها المطلبي الذي ما تزال متشبثة باستجابة وزارتي الصحة والتعليم العالي لكل مضامينه.

وتشمل مكالب أطباء وصيادلة المستقبل إعادة النظر في قيمة التعويضات عن المهام، والمتمثل في تعويض هزيل يقدر بـ 21 درهما لليوم، مع معالجة طريقة صرفها والتي تتم بشكل شهري وليس على دفعات، إلى جانب ضمان حق الطلبة في الاستفادة من التغطية الصحية والحماية من حوادث الشغل والأمراض المهنية، كما يناشد طلبة الطب الحكومة لإعادة تهيئة الأراضي الاستشفائية الحالية وتجهيزها بالمعدات اللازمة.

وفي ظل استمرار أزمة طلبة كليات الطب، تطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كان سيسير المسلسل نحو مزيد من الاحتقان، وعما إذا كان سيشهد ملف طلبة الطب سيناريوهات مشابهة لملف الأساتذة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News