مجتمع

استفحال التسول بالبيضاء برمضان يعيد مطالب التصدي للظاهرة للواجهة

استفحال التسول بالبيضاء برمضان يعيد مطالب التصدي للظاهرة للواجهة

دفع تنامي ظاهرة التَّسول بالفضاء العام خلال شهر رمضان، الفعاليات الحقوقية، إلى التنبيه للأبعاد الخطيرة التي باتت تشكلها هذه الظاهرة، خاصة حينما يتعلق الأمر بامتهان التسول بالشوارع والطرقات وأمام المؤسسات والأبناك والمساجد وفي ملتقيات الطرق، وما ينتج عنه من استغلال للأطفال.

وبات عدد من المواطنين بمواقع التواصل الاجتماعي يعبرون عن إيجاد أنفسهم عرضة لكل أشكال المضايقات، التي تصدر أحيانا من طرف أطفال ونساء وكذا رجال يمتهنون التسول ويعترضون الطرق والممرات بشكل أصبح يهدد السلامة الطرقية والأمن العام حسبهم.

وأوضح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، منتصف السنة الماضية، أن تدخلات وزارته أسفرت عن وجود انتشار لهذه الظاهرة بالمواسم والمناسبات الدينية، وخاصة في شهر رمضان المبارك والأعياد الدينية، مؤكدا أن المصالح الأمنية تستخدم في محاربتها لهذه الظاهرة، جميع الوسائل المتاحة من موارد مادية وبشرية، بالإضافة إلى توفير التغطية الميدانية بالكاميرات، وكذا عن طريق الرصد المباشر والتدخل الفوري في إطار عمليات أمنية متواصلة.

وكشف الفتيت عن “أرقام مقلقة” حول أعداد المتسولين الذين يجوبون شوارع المملكة، مشيرا إلى أنه في ظرف خمسة أشهر الأولى من سنة 2023، تم تسجيل 14 ألفا و324 قضية متعلقة بالتسول، جرى بموجبها إيقاف 15 ألفا و908 أشخاص.

وأكد لفتيت في معرض جوابه عن سؤال كتابي سابق تقدمت به المستشارة البرلمانية لبنى علوي، تتوفر “مدار21″على نسخة منه، أن مصالح الوزارة تُولي أهمية قصوى لمحاربة ظاهرة التسول، نظرا لانعكاساتها السلبية على الإحساس بالأمن لدى المواطنين الذين يتأذون من أنشطتها ومن السلوكيات العدوانية لبعض المتسولين، فضلا عن استغلال الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة في هذا النشاط وتشويه المنظر الجمالي للشارع العام بمختلف مدن المملكة.

و في هذا السياق، أكد محمد الطيب بوشيبة، مختص في مجال الطفولة والانحراف، أن التسول أصبح مهنة يمتهنها البعض لخداع الناس، والسيطرة على المواقع والمواضع، مضيفا أنه أصبح يُمتهن ضمن عصابات يقودها زعماء منهم المغاربة والأفارقة والشاميون، قائلا: ‘‘لقد اختلط الحابل بالنابل’’.

وشدد الخبير في مجال الطفولة، ضمن تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، على خطورة المتاجرة بالأطفال والرضع، مردفا: “هناك من أصبحوا يُكترون من آبائهم للتسول بهم حسب المواسم والأعياد، ومنهم من أصبح يعمل لصالح منظمات تختص في مجال التسول ودعارة القُصَّر’’ .

وتابع بوشيبة موضحا أن هذه الظاهرة، رغم عدم توفر إحصائيات دقيقة حول تطورها، إلا أن كل المعطيات المتوفرة تعكس مدى التزايد المضطرد الذي تعرفه، والخطورة المحدقة بمستقبل هؤلاء الأطفال المعرضين لشتى أنواع الانحراف والاستغلال خاصة بمدينة الدار البيضاء.

وعزا بوشيبة الأسباب الحقيقية لاستفحال التسول في رمضان، إلى الفقر والعنف والإهمال داخل الأسرة أو خارجها، بالإضافة إلى الإنحراف وخروج أطفال لا يتجاوز سنهم العاشرة إلى الشارع بشكل أدى حتما إلى الانحراف، خصوصا أمام عدم وجود رادع، محذرا في الوقت ذاته من تأثيرات ضياع هذه الشريحة التي يفترض أنها تمثل أجيال المستقبل.

ولفت إلى أن هذه الظاهرة بصفة عامة “ماهي إلا انعكاس لسياسات الإقصاء والتهميش لحساب شارع محفوف بكل أنواع المخاطر، خاصة أن نسبة من هؤلاء الأطفال يعيشون فترة المراهقة وما ترتبط بها من تغيرات فيزيولوجية واضطرابات نفسي”، وهي مرحلة حسب بوشيبة، حاسمة في تكوين شخصيتهم، وعلى إثرها تحدد المراحل اللاحقة من نموهم، مؤكدا أن أي تأخير في مواجهة هذه الظاهرة سيجعل الحلول مستقبلا غير ممكنة أو على الأقل ستتطلب مجهودات مضاعفة.

وخلص حمد الطيب بوشيبة إلى أن الطابع الاستعجالي للتصدي لخطورة هذه الظاهرة على أجيالنا، يأتي وفق مقاربة شمولية ذات بعدين وقائي وعلاجي، تهدف إلى وضع إطار للتعامل مع الظاهرة في أبعادها المختلفة عن طريق تظافر وتنسيق جهود كل المتدخلين من قطاعات حكومية وجماعات محلية وجمعيات متخصصة وقطاع خاص للحد من الظاهرة، مشيرا إلى أن محدودية العمل الجمعوي أمام تفاقم الظاهرة أصبحت تستلزم تدخل أطراف أخرى وتحديد أدوارها ومسؤولياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News